|
| الاقتصادية
يتداخل الاقتصاد مع السياسة في أحيان كثيرة حتى يكاد يكون من المستحيل التفرقة بينهما سواء كان ذلك داخلياً أو خارجياً، ولذا فإنه ليس من المستغرب أن نجد لكثير من القرارات والقضايا والمشاكل السياسية أبعاداً اقتصادية تظهر أحياناً وتفضل البقاء في الخفاء أحياناً أخرى، ولهذا السبب فإن البعض يرى في الاقتصاد الأصابع الخفية التي تدير السياسة وأنه الوسيلة المثلى للسيطرة على القرار السياسي وتوجيهه الوجهة التي تخدم فئة معينة،
والشواهد والأمثلة على التداخل وربما التطابق بين الاقتصاد والسياسة تتكرر يومياً وفي شتى المناسبات، فالمرشح للرئاسة أو لرئاسة الحكومة أو لعضوية البرلمان لابد وأن يحظى أولاً بدعم أصحاب النفوذ الاقتصادي والمالي حتى يتمكن من تمويل حملته الانتخابية وحشد العدد المناسب من الأصوات، فإذا ما وصل إلى الكرسي فإن قراراته التي يتخذها لن تكون حرة تماماً، بل ستكون سداداً للدين القديم ودليلاً على ولائه لمن سانده وعربوناً للحصول على المزيد من الدعم في الحملات الانتخابية القادمة،
دليل آخر على تداخل السياسة مع الاقتصاد أو العكس ذلك التلازم بين المشاكل الاقتصادية والسياسية، فكثيراً ما أدت إحداهما إلى الأخرى وكثيراً ما صعبت التفرقة بين السبب والنتيجة،
وإذا نظرنا إلى الاقتصاد والسياسة من جهة أخرى، لو جدنا أنه إذا كان الاقتصاد يستخدم وقت السلم للسيطرة على القرارات السياسية وتوجيهها نحو خدمة فئات معينة، فإنه يستخدم وقت الحرب كسلاح فعال مؤثر، وقد عرفته المجتمعات كذلك منذ آلاف السنين، وليس بالضرورة أن أن تصاحب الحرب الاقتصادية حرب عسكرية، فالسلاح الاقتصادي أحد أنواع الأسلحة الممكن استخدامها والمحارب يختار ما يراه أنجع وأكثر كفاءة وأقل كلفة، وبعبارة أخرى فإن الحروب الناشئة عن الخلافات السياسية وتضارب المصالح تأخذ أشكالاً عدة أحدها الشكل الاقتصادي،
ما ذكرته مجرد أمثلة ليس المقصود منها الحصر تدل على الترابط الوثيق بين الاقتصاد والسياسة واستحالة الفصل بينهما في أحيان كثيرة كما تبين أن الاقتصاد هو أحد أدوات السيطرة على الشعوب ومقدراتها وأحد أشكال التبعية، ومن أفضل من استغل هذه الحقيقة واستفاد منها اليهود والذين يسعون جاهدين في أي مجتمع يتمكنون من الوصول إليه إلى الهيمنة على اقتصاده حتى إذا ما وصلوا إلى ذلك استخدموه كسلاح وقت ما يشاؤون وهم في سبيل تحقيق هذا الهدف يسعون سعياً حثيثاً ويروج بعضهم لإمكانية فصل الاقتصاد عن السياسة وأنه ينبغي أن لا تؤثر الخلافات السياسية على المصالح والمنافع الاقتصادية المتوقع حصولها من وراء التعاون الاقتصادي بين دول المنطقة،
* قسم الاقتصاد والعلوم الإدارية جامعة الإمام محمد بن سعود
|
|
|
|
|
