|
| مقـالات
يبدو أن بعض الناس أو بالأحرى أغلبهم، وخصوصاً في عالمنا العربي والعالم الثالث لا يعرفون ولا يعطون قيمة للزمن ومرور الوقت والموعد.
إن كلمة بكره والتي تعني غداً في قاموس بعض الأشخاص تعني بالنسبة لهم وقتاً مفتوحاً وربما لا يكون هناك نهاية له فكلمة بكره قد تعنى اليوم التالي وقد تعني بعد أسبوع، أو بعد شهر أو عدة شهور.. وهكذا دواليك..!!. وهنا نتبين أن قيمة الزمن ومرور الوقت والمواعيد لا معنى لها عندهم.
قد يُوعد صاحب حاجة أو صاحب معاملة في دائرة معينة أن تقضى حاجته له بكره، أي بعد يوم، ولكنها قد لا تقضى له أبداً، وقد يعدك صديقك أو قريبك بأن يأتيك أو يزورك أو يلبي دعوتك في الساعة الفلانية من يوم محدد، فقد يحضر إليك بعد عدة ساعات من الساعة المحددة، وقد لا يحضر إطلاقاً، وقد يبرر لك ذلك بأعذار واهية لا حصر لها..!!
إن من زار بلاد الغرب أو عمل أو تعلم فيها وخصوصاً أوروبا الغربية وأمريكا يتضح له أن هناك قيمة كبيرة للزمن والوقت والموعد.. فعندما يقول لك أو يعدك الإنسان الغربي أن تحضر إلى مكتبه أو إلى منزله أو إلى مقر عمله في ساعة محددة وحضرت قبل هذا الموعد أو بعده بعدة دقائق فإن له الحق كل الحق أن يوصد ويغلق بابه في وجهك.. لأن الزمن والوقت والموعد لها قيمها عنده..!!.
وللحقيقة لم يغفل تراثنا العربي القديم قيمة الزمن والوقت والمواعيد فتطرقوا العرب لذلك في كتاباتهم وأمثالهم وأشعارهم وقصصهم.
ورد في مجمع الامثال للميداني المتوفى سنة 518 من الهجرة بعض الأمثال المتعلقة بقيمة الزمن والوقت والموعد. فعلى سبيل المثل ورد عند الميداني مثل يقول: «بين وعده وإنجازه فترة نبي»، والمثل «أسمع صوتاً، وأرى فوتاً»، يضرب لمن يعد ولا ينجز،والمثل: «أنجز حُر ما وعد».
أما مثل مواعيد عرقوب فقد ورد عند الميداني على النحو التالي:
قال أبو عبيد: عرقوب: هو رجل من العماليق أتاه أخ له يسأله فقال له عرقوب: إذا أطلعت هذه النخلة فلك طلعها، فلما أطلعت أتاه لِلْقددةِ الموعد فقال: دعها حتى تصير بلحاً، فلما أبلحت قال: دعها حتى تصير زهواً، فلما زهت قال : دعها حتى تصير رطباً، فلما أرطبت قال: دعها حتى تصير تمراً، فلما أتمرت عمد إليها عرقوب من الليل فجدَّها ، ولم يعط أخاه شيئاً فصار عرقوب مثلاً في الخلف خلف الوعد وفيه يقول الأشجعي:
|
وعدت وكان الخُلف منك سجية
مواعيد عرقوب أخاه بيترب |
ويروي «بيثرب» وهي مدينة الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، ويترب بالتاء وفتح الراء موضع قريب من اليمامة وقال شاعر آ خر:
|
وأكذب من عرقوب يترب لهجة
وأبين شؤماً في الحوائج من زحل |
مما تقدم يتضح لنا أن هناك قيمة عظمى للأخذ في عين الاعتبار مفعول الزمن والوقت وإنجاز الوعد في حياة الإنسان، ولكن يبدو أن عرقوب لا يزال على قيد الحياة.!!
الرياض ص . ب 87416
|
|
|
|
|
