| الاخيــرة
يفترض أن التكنولوجيا وجدت لتختصر الزمن اللازم للوصول إلى المعلومة، ولتقصير المسافة، ولتقريب البعيد، وتأليف الغريب، و، ، ، غير ذلك كثير مما يمكن أن يستفاد منه باستخدام هذه التكنولوجيا، وباختصار شديد لقد أوجد العلماء التكنولوجيا لسد الحاجة وإشفاء الغليل، !
ولكن أولئك العلماء كانوا يدركون أو أظنهم كذلك، أن تفعيل هذه التكنولوجيا على الوجه الأكمل يحتاج إلي معرفة علمية، وثروة أخلاقية، وبخلاف ذلك قد تعود على مستخدمها وبالا ونكالاً قد لا يستطيع تحملهما،
حين ترفع سماعة الهاتف لتتحدث إلى مسئول أو موظف لإنجاز موضوع ذي مصلحة شخصية أو عامة، فإنك تستبشر خيراً حين تسمع جهاز تسجيل يكلمك ويلقي عليك تعليمات، واضحة وربما يضيف إلى ذلك نبذة طيبة مختصرة عن المؤسسة، كل ما عليك هو أن تدخل رقم التحويلة التي تريد، ، أو تتحدث إلى الاستعلامات في حالة أنك أخفقت في الوصول إلى هدفك، قد يبدو الأمر سهلاً للوهلة الأولى، ولكن عند التجربة الجدية قد تصبح العملية إشكالاً مركباً لا فكاك منه، ولا حل بعده خاصة إذا كان المتصل امرأة،
يتبقى جرس الهاتف يدق على التحويلة المطلوبة حتى الانقطاع الأتوماتيكي، فيستنجد المتصل بموظف «السنترال» حسب الإرشادات التقنية الأولى، ولكن هيهات أن تجد أحداً يجيب، فتغلق كل الأبواب في وجهك، ولن تجد من ذلك مخرجا، فإن رد عليك الموظف، فنادراً ما يوصلك إلى مبتغاك بحجة بسيطة وهي أنه:
«إن كان التحويلة ما ترد ماهو ب فيه»، ! يعني لا حل،
أما إن كانت المتصلة امرأة فإن موظف السنترال يوحي إليها أن من حقه أن يعرف كل شيء: اسم المتصلة، وظيفتها، مكان عملها، حالتها الاجتماعية، ، وأكثر من ذلك يصر على معرفة التفاصيل الخاصة بالموضوع الذي من أجله تتصل هذه المرأة أو تلك!
الغريب أنه يصرح بثقة تامة بأن ذلك تعليمات واضحة عليه أن ينفذها، !
فإذا أصرت المرأة على أن الموضوع خاص وشخصي ولا ينبغي لأحد أن يطلع عليه إلا المسئول المعني بالأمر، ليس لأن هذا الموضوع سري، بل لأن حله في يد ذلك المسئول لا غيره، فإذا وجد ذلك الموظف أنه قد أسقط في يده، حول المكالمة إلى هاتف «مهجور»، !
أليس من الممكن أن يضع المسئولون بدلا من هذا الهاتف المهجور الذي يعاقب به موظف الاستعلامات« عباد الله» جهازاً يستقبل الرسائل الصوتية والفاكسات التي تحمل التهاني والشكاوي والاقتراحات، ، وغير ذلك، فيقطعون بعملهم هذا الطريق على سوء النوايا، ، والردود المحيرة التي قد تصل إلى درجة أن موظف الاستعلامات يصل به الحال لكي يتسلم رسالة من مواطن أو مواطنة إلى مسئول ربما قد تحمل تهنئة أو تعزية أو استفساراً أن يطلب «ختما» يحمل اسم المرسل، ، وتصديقاً من الجهة التي يعمل لديها، وحفيظة اثبات شخصية والمرأة لا تملك مثل هذه، وان سئل لماذا كل ذلك، فالأمر لا يستحق كل هذا التكلف والعناء قال: والله ما «أدري»، !
يقول« أبو العباس ثعلب»: من قال لا أدري فقد علم» وذلك في باب التواضع والبحث عن المعرفة والعلم، وفي قواميس الأمم المتحضرة التي تحترم خصوصية الفرد والاهتمام بتلبية احتياجاته لا توجد مفردة «ما أدري» أما لدينا فلا نزال نرى أن «كلمة مدري ترفع قدري»، ، ، ، وتاليتها!!
hend majid@hotmail.com
|
|
|
|
|