| الاقتصادية
* كتب رياض العسافي:
أنجزت المنظمة العربية للدول المصدرة للبترول «أوابك» مؤخرا دراسة اقتصادية حول «واقع وآفاق التنسيق في صناعة البتروكيماويات الخليجية».
وذكر عبد الوهاب السعدون مدير ادارة الاعلام والتنسيق الصناعي بمنظمة الخليج للاستشارات الصناعية الذي أعد الدراسة «للاوابك» انه من المرجح ان تؤدي عملية اعادة الهيكلة الجارية في صناعة البتروكيماويات العالمية الى ايجاد عدد اقل من منتجي البتروكيماويات مستقبلا، الا ان هؤلاء ستكون لديهم طاقات انتاجية ضخمة واسواق كبيرة منتشرة في أنحاء العالم.
واشارت الدراسة الى ان هذا الوضع سيضاعف من التحديات التي ستواجه منتجي البتروكيماويات في دول مجلس التعاون الخليجي وعلى وجه الخصوص سيكون على منتجي البتروكيماويات الصغار او الجدد من دول المجلس تبني استراتيجيات عمل جديدة لإعادة هيكلة الصناعة.
وحض السعدون على ضرورة التركيز على تقوية المجالات التي يتمتع بها دول المجلس بميزة تنافسية، وتقليل التكاليف التشغيلية والادارية وتبني اقتصاديات الحجم في الوحدات الانتاجية العاملة في دول المجلس من خلال توسعتها او من خلال تبني «مبدأ المصنع المشترك condocracker concept» في الجديدة منها علما ان هناك بعض الدلائل ان بعض هذه الشركات بدأت تتبنى بالعقل بعض هذه الاستراتيجيات.
ونوهت الدراسة الى قيام شركة سابك بالاعادة الهيكلية حيث اخذت شكل دمج بعض وحدات الانتاج المتماثلة مثل دمج شركتي الاسمدة سافو وابك البيطار ودمج عمليات شركتي بتركيما وابن حيان وطالبت الدراسة على المدى البعيد بأن يتبنى منتجو البتروكيماويات الخليجيون استراتيجيات عمل تقوم على التكامل الانتاجي وتبادل الاعمال بما يؤدي الى التخصص في مجالات معينة في الصناعة واقامة المشاريع المشتركة من اجل رفع كفاءة الصناعة وتحسين قدرتها التنافسية في الاسواق العالمية والمحلية على حد سواء.
واقترحت الدراسة خطة للتعاون تتضمن تبادل المعلومات بانسياب مستمر موضحة ان اية خطة للتعاون في صناعة البتروكيماويات الخليجية يجب ان تتبنى نظاما فعالا لتبادل المعلومات.
علما ان هذا الامر يتطلب قيام جمعية لمنتجي البتروكيماويات الخليجية يمكن من خلالها تنظيم عمليات تبادل المعلومات والخبرات والموارد بين المنتجين الخليجيين في المجالات المشتركة كعمليات الانتاج والتسويق.
واوضح السعدون ان الجمعية تشمل القيام بتأمين التنسيق بين منتجي البتروكيماويات الخليجية في مجالات عدة وعلى الاخص سياسات التسويق والتخطيط للمشاريع الجديدة ونقل المنتجات البتروكيماوية الى اسواق التصدير والتدريب وتنمية قطاع الصناعة البتروكيماوية النهائية في دول المجلس وترويج المشاريع المشتركة في مجال البحث والتطوير التي ستركز على النشاطات ذات الطابع التطبيقي.
كما تتضمن الخطة الترويج لقبول صناعة البتروكيماويات الخليجية في المجتمع المحلي والدولي بما يساعد على الاطلاع على الدور الذي تقوم به هذه الصناعة ومنتجاتها في خدمة تلك المجتمعات ونظراً لارتباط صناعة البتروكيماويات بالبرامج البيئية مثل برنامج الرعاية المسؤولة وبرنامج التنمية المستدامة علما انه من الممكن لصناعة البتروكيماويات الخليجية ان تبادر الى تبني بعض هذه البرامج لتكون جزءا مهما عن صورة هذه الصناعة في الداخل والخارج على حد سواء.
وذكرت الدراسة ان محاولات عدة اجريت في السابق لتأسيس تجمع لمنتجي البتروكيماويات في دول المجلس لكنها جميعا لم تر النور الا انه توجد في الوقت الحاضر مساع جادة من قبل كبار المنتجين في دول المجلس لقيام مثل هذا التجمع الذي يؤمل ان يتم اشهاره خلال المستقبل القريب.
وبالنسبة لمعوقات التعاون في صناعة البتروكيماويات الخليجية اوضحت الدراسة المعدة للاوابك انه الى جانب الفوائد الواضحة التي تجنيها الشركات البتروكيماوية من التعاون والتنسيق فيما بينها، هناك عدد من المعوقات والاشكاليات التي يتحدد مستواها في ضوء التعاون المستهدف ومجالاته.
وحددت الدراسة ابرز المعوقات التي تعترض مسيرة التعاون بين منتجي البتروكيماويات الخليجية تتمثل في تشابه القاعدة الهيدروكربونية حيث في صناعة البتروكيماويات الخليجية يتم الحصول على البتروكيماويات الاساسية «اللقائم» بصورة اساسية من الغاز الطبيعي، ويعود الاعتماد على الغاز الطبيعي كمصدر رئيسي لتلك اللقائم الى توفر كميات ضخمة من دول المجلس وانخفاض كلفته لكونه في الغالب غازا مصاحبا ينتج عرضيا من انتاج البترول الخام، ونجم عن الاعتماد على الغاز الطبيعي تحديد قدرة المنتجين على انتاج كافة البتروكيماويات الاساسية وعلى وجه الخصوص العطريات.
ونوهت دراسة الاوابك ان هذا الامر بدوره يؤدي الى تقليل فرص التكامل الرأسي من البتروكيماويات الاساسية ما زالت تستورد من الخارج من قبل صناعة البتروكيماويات النهائية في دول المجلس.
ولفتت الدراسة الى ان الاعتماد على الغاز لا يترك خيارات كثيرة لمنتجي البتروكيماويات الخليجية لجهة التطوير المتوازن لكافة السلاسل الانتاجية لهذه الصناعة، حيث يلاحظ تطور السلاسل الانتاجية المعتمدة على لقائم الميثانول والايثلين وهي مشتقة من المكونات الرئيسية للغاز الطبيعي الميثان والايثان على حساب السلاسل الاخرى فضلا عن انه نتيجة لتشابه القاعدة الهيدروكربونية يلاحظ تماثل خطوط الانتاج في الشركات البتروكيماوية العاملة والمخطط لقيامها في دول المجلس علما ان افضل مثال على هذا التشابه والتكرار هو عدد مصانع الميثانول في دول المجلس.
اشارت الدراسة إلى انه في الوقت الحاضر هناك 9 مشاريع لإنتاج الميثانول موزعة على اربع من دول المجلس بعضها منتج والبعض الآخر في طور الانشاء بطاقتها الانتاجية تبلغ نحو 86.6 ملايين طن سنويا مؤكدا ان تكرار الوحدات الانتاجية للميثانول في دول المجلس يعود الى توفر كميات فائضة من الميثان المكون الرئيسي للغاز المصاحب المنتج في دول المجلس علما ان التوسع الكبير في انتاج الميثانول في دول المجلس يعود الى الميزة النسبية التي يتمتع بها منتجو الميثانول الخليجيون مما يتيح لهم المنافسة في افضل وأسوأ ظروف الاسواق العالمية على حد سواء.
وقالت الدراسة: ان صادرات دول المجلس من الميثانول تحتل مركز الصدارة من اجمالي الانتاج اما الجزء البسيط المتبقي من كميات الميثانول المنتجة فإنها تذهب للاستخدام الداخلي لانتاج مثيل ثلاثي بيوتيل الاثير «mtbe» ويجري تصدير معظم الانتاج السنوي للمركب الاخير بدوره الى الاسواق الخارجية علما ان الميثانول كأحد البتروكيماويات الاساسية له فرص محددة في مجال الصناعات النهائية في دول المجلس حيث يستقدم في الوقت الحاضر لانتاج ميثيل ثلاثي بيوتيل الاثير «mtbe» والفور ما لديها يد فقط بمعنى آخر فإن محدودية فرص استخدام الميثانول في الصناعات التحويلية النهائية لا يخلق فرصا للتكامل بين منتجي الميثانول في دول المجلس.
اما المعوق الثاني ذكر السعدون انه يتمثل في الاعتبارات الفنية اذ تعتمد صناعة البتروكيماويات الخليجية على شركائها الاجانب لتزويدها بتقنيات الانتاج المتقدمة اما من خلال الدخول في مشاريع مشتركة مع شركات بتروكيماويات عالمية يقوم خلالها الشريك الاجنبي بجانب التقنية او من خلال الحصول على ترخيص لاستخدام التقنية من مطوريها وفي الحالتين يكون كلا النموذجين المستخدمين لنقل التقنية محكوما بإطار قانوني يحدد حقوق الملكية لمالك التقنية، التي قد تشكل عقبة رئيسية امام اي تعاون اقليمي بين منتجي البتروكيماويات علاوة على ذلك فإن وجود عدة مصادر للتقنية في صناعة البتروكيماويات الخليجية يحد من امكانات وفرص التنسيق بين منتجي البتروكيماويات الخليجية ويحد من امكانات وفرص التنسيق بين منتجي البتروكيماويات في دول المجلس ودللت دراسة الاوابك على صحة ذلك ان هناك تقنيات مختلفة تستخدم في صناعة البتروكيماويات الخليجية لإنتاج نفس المنتج مثلما هو الحال بالنسبة «البولي ايثلين والميثانول ومثيل ثلاثي بيوتيل الاثير» ويعود ذلك بصورة رئيسية الى وجود عدد من المشاريع المشتركة التي يكون طرفا فيها شركاء اجانب مختلفون كل منهم لديه تقنيته الخاصة التي يقدمها كجزء من مساهمته في المشروع المشترك علما ان هذه الحقيقة تجعل التعاون بين منتجي البتروكيماويات الخليجيين في المجال التقني صعبا بسبب اختلاف التقنيات واختلاف احتياجاتها. وألمحت الدراسة الى ان الشريك الاجنبي قد يحاول منع مثل هذا التعاون مع شركات البتروكيماويات الاخرى العاملة في دول المجلس وبدلا من ذلك يشجع شريكه الحالي على الاعتماد عليه في كل المتطلبات التقنية مشيرة الي تعدد مصادر التقنية في صناعة البولي ايثيلين في دول المجلس حيث يوجد منتجون موزعون على اربع دول يقومون باستخدام تقنيات مختلفة لإنتاج البولي ايثيلن بأنواعه المتعددة.
واشارت الدراسة الى انه بحلول عام 2004م من المرجح ان تتغير هذه الصورة اذا ما أخذت المشاريع المخطط لها طريقها الى التنفيذ في كل من الامارات وعمان ووقتها ستنخفض حصة المملكة الى 72 في المائة والكويت الى 5 في المائة والبحرين 1 في المائة من اجمالي الطاقة الانتاجية وقدرها 18 .41 مليون طن سنويا بينما سترتفع حصة قطر الى 12 في المائة والامارات الى 8 في المائة وعمان الى 2 في المائة من اجمالي الانتاج الخليجي.
وذكرت الدراسة انه في هذا السياق من المتوقع ان تسجل اعلى نسبة النمو السنوي للطاقات الانتاجية في دولة قطر الغنية بالغاز الطبيعي حيث سترتفع نسبة النمو السنوي المركب فيها خلال تلك الفترة الى نحو 4. 34 في المائة واجمالي ستبلغ نسبة النمو السنوي المركب لصناعة البتروكيماويات الخليجية 18 في المائة علما انها نسبة عالية بالمقاييس العالمية.
وسجلت الدراسة ان هذا النمو الكبير والسريع في الوقت ذاته لم يكن ليتحقق لولا التخطيط الاستراتيجي لحكومات دول مجلس التعاون والذي تمثل بإقامة البنية التحتية الحديثة ودعم هذه الصناعات من خلال القروض الميسرة والاسعار التفضيلية للمواد الخام.
وعن مبررات التنسيق اكد السعدون ان البتروكيماويات الاساسية والوسيطة في دول المجلس تنتج في الوقت الحاضر من قبل 7 منتجين وبحلول عام 2004م يصل الى نحو 42 مليون طن سنويا مقابل 8. 9 ملايين طن حاليا سيزيد عدد منتجي البتروكيماويات الى 15 شركة منتجة موزعة على دول المجلس كالتالي 6 المملكة و4 قطر و2 الكويت وشركة في كل من البحرين والامارات وعمان.
واظهرت الدراسة ان زيادة عدد الشركات المنتجة للبتروكيماويات في دول مجلس التعاون اتساقا مع كون هذه الدول تتبنى سياسات السوق الحرة من جهة ولكونها تأتي انسجاما مع توجهات دول المجلس لتقليل اعتماد اقتصاداتها على عائدات تصدير البترول الخام المتذبذبة من جهة اخرى لكن تزايد عدد المنتجين الخليجيين يدفع الى الواجهة ضرورة التنسيق بين منتجي البتروكيماويات في دول المجلس.
وذكرت الدراسة ان حجم وحدات تكسير الاثيلين في دول المجلس يمثل احد اهم مكونات الميزة التنافسية التي يتمتع بها منتجو الاثيلين ومشتقاته في دول المجلس ويتبع الحجم الكبير لتلك الوحدات تخفيضا كبيرا في التكاليف الاقتصادية للمشروع حيث إنه يساعد على تخفيض التكاليف الثابتة لإنتاج الطن علما ان كلفة الانتاج لدى منتجي الاثيلين في دول المجلس هي الاقل في العالم.
|
|
|
|
|