| مقـالات
إذا قابلت أحداً.. سألك متى ينتهي ها الحر.. وإذا كنت في السوق ودخلت دكاناً.. البائع فيه من عيار القطع الثقيل.. وجدته يعصر وجهه وجبهته ولحييه.. ويقول.. متى ينتهي ها الحر.. كان الحر يمر.. ولا يضر، لكنه هذا العالم ضرب خياماً وليس خيمة واحدة.. وأحيا ليله أيضاً.. فإن درجة الحرارة قد وصلت إلى أربعين وزيادة في الليل في الرياض.. ونحس بعد صلاة العشاء كأن المراوح تلهب ناراً.. فتفرق اللهب يمنة ويسرة.. والناس متأففون ومتضايقون.. وكثيرون.. لا يخرجون.. ولا يبتعدون عن المكيفات.. حتى المكيفات في البيوت «غير المعزولة» تحتاج إلى مكيفات هي الأخرى.. لقد زادت الحرارة جداً هذا العام خاصة في المرزم.. ومن قبل كان نجم الهنعة فيه حرارة شديدة.. لكن يبقى المرزم هو المتفوق لأنه كما يقول العامة.. لم يفصل.. يعنى لم تخف حدة حرارته لا ليلاً ولا نهاراً.
ومن المعروف أن هذه النجوم خاصة المرزم.. يكون مع بداية استعداد النخيل للتلون والترطيب.. ولذلك فإن هذه الحرارة لها وظيفتها النافعة وإن كانت تضايق الكثيرين.. وقد أتى رمضان في زمان سبق في هذه الفترة من العام.. وكان الناس يغسلون الأغطية.. والألبسة في الماء ويتلحفون بها.. أو يبللون بها أجسامهم من شدة الحرارة. وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن شدة الحر إنما هو من فوح جهنم فيتعوذ من ذلك.. والحمد لله أن الله رزقنا هذه المخترعات الحديثة.. من مكيفات ومراوح وإلا فكيف يستطيع الناس العيش في هذه الثكنات الاسمنتية. وقد أدرك الناس أخيراً قيمة البناء الطيني، فأصبحوا يبنون البيوت بالبلك ويلبسونها بالطين.. إلا أن ذلك لا يتناسب مع بعض وأصبحت المسألة مثل الجسم عندما يرفض أي شيء يستبدل بجزء منه فيرفضه فعمد بعضهم إلى بناء بيوت من الطين كاملة، وأحسوا بقيمة تفاعل ذلك مع طبيعة الجو في بلادنا.. وهذا ما أدركه آباؤنا.. إلا أن من يميل إلى البيوت الاسمنتية.. أصبحوا يبنون بطريقة العزل.. حيث يتألف الجدار من بلكتين بينهما عازل.. يعني شاطر ومشطور وبينهما كامخ كما أحب مجمع اللغة العربية أن يعرب «الساندوتش».. كل هذه أعراض زائلة.. لكن الحر هو الذي سيبقى لأنه جزء من التكوين لهذا الكوكب.. لكن ما فعله الانسان نفسه من حيث المصانع.. وميله للمحدث من وسائل البناء كل هذا تسبب في مضاعفة هذه الحرارة.. وعلى الانسان أن يتكيف معها.. وقد ترف الانسان وتنّعم فأصبح لا يطيق الأعراض الجوية.. لكننا نلاحظ كيف يصبر أولئك العمال على الحرارة.. وما ذاك إلا لأنهم ألّفوا أجسامهم على ذلك.. ويعتبر المرزم من أشد أيام الحر مع النجم الذي سبقه وهو الهنعة.. وعندما يظهر نجم السهيل.. فإن العد التنازلي للحر سيبدأ.. وعليكم الصبر.
|
|
|
|
|