| العالم اليوم
* صنعاء الجزيرة عبدالمنعم الجابري:
اكد عدد من المختصين في الجمهورية اليمنية أن هناك تزايداً مستمراً في عدد الحالات التي يتم اكتشافها للمصابين بفيروس العوز المناعي«الايدز».
وحيث إن اكتشاف الحالات المصابة بهذا المرض كثيراً ما يعتمد على الصدفة فإن ذلك يجعل من الصعب على الجهات المعنية تقدير حجم المشكلة والعدد الفعلي الكامل لحالات الايدز في اليمن نظراً لعدم وجود جهاز للرصد الوبائي إضافة إلى عدم تسجيل عدد حالات الايدز وحاملي الفيروس بشكل مناسب ودقيق بسبب التساهل والتجاوزات الحاصلة من قبل بعض الجهات.
ومع ذلك فقد وصل عدد حالات الايدز المسجلة خلال العام الماضي من جانب الجمعية اليمنية لمكافحة الايدز إلى 1200 حالة كما اكد ذلك رئيس الجمعية طه عبدالله هاجر الذي أشار إلى أن هذا العدد يمكن أن يتضاعف على اعتبار أنه يمكن ان تكون هناك« 20 30» حالة عدوى بعد كل حالة.
مضيفاً بأن الجمعية اكتشفت خلال شهر مايو الماضي في العاصمة صنعاء عن طريق الصدفة سبع حالات إصابة بمرض الايدز.. وبالتالي وكما يؤكد بأنه لو جرت عملية مسح ميداني ولو بصورة عشوائية فإنه يمكن الحصول على نتيجة مخيفة جداً.
أما البرنامج الوطني لمكافحة الايدز فقد قام خلال العام الماضي وكما اكد مديره العام الدكتور محمد تقي الدين بحصر 870 حالة إصابة بالايدز.. وفي الوقت الذي تشير مصادر بعض الجهات غير الحكومية والناشطة في مجال مكافحة هذا المرض الذي يطلق عليه طاعون العصر الى أن العدد الفعلي للمصابين يتجاوز بكثير الارقام المذكورة فإن أول حالة لمرض الايدز في اليمن تم اكتشافها في عام 1987م وذلك من طالب يمني كان يدرس في الخارج.
لكن البرنامج الوطني لمكافحة الايدز يشير في تقرير اصدره مؤخراً إلى أن حالة سجلها كانت في عام 1990م ثم أخذ عدد الحالات المكتشفة بعد ذلك من قبل البرنامج يتزايد بشكل مستمر حتى وصل بنهاية الربع الاول من العام الماضي إلى 805 حالات.. وهي كما جاء في التقرير لا تمثل الصورة الحقيقية لحجم الوباء بل تمثل القمة العليا الظاهرة من جبل ثلجي داخل محيطه ما يظهر منه هو القمة النحيلة فقط بينما القاعدة العريضة مخفية وهي التي تمثل عدد المصابين الحقيقيين.
ويضيف تقرير البرنامج الوطني لمكافحة الايدز في اليمن أن عدد الحالات المسجلة يعد مؤشراً خطيراً جداً، حيث ارتفع عدد حالات الايدز وحاملي الفيروس اربعة اضعاف بين عامي 1994م و 1995م ثم خمسة اضعاف ونصف في عام 1996م .. وفي عام 1999م كان عدد الحالات المسجلة يمثل تسعة أضعاف عدد الحالات المسجلة في عام 1993م..
ويوضح التقرير الذي استشهد بتقديرات منظمة الصحة العالمية التي تفيد بأن هناك 15 حالة مخفية مقابل كل حالة مشخصة، بأن الحالات المسجلة في اليمن لاتمثل الواقع بسبب ضعف التشخيص من قبل المستشفيات وكذا نقص تغطية الخدمات الصحية وصعوبة وصول المرضى إلى المستشفيات إضافة إلى عدم وصول البلاغات من المستشفيات والمختبرات الأهلية.
وحتى عام 2000م وصل عدد المتوفين من المصابين بالايدز إلى 196 شخصاً حسب إحصائيات البرنامج الوطني الذي اكد أن الاتصال الجنسي اهم طرق العدوى وأن اكثر الاصابات هي في صفوف النساء.. حيث سجلت نسبة الاصابات بين النساء والرجال في عام 1995م بمعدل 4 إلى واحد وفي عام 1999م كانت 2 إلى 1.. كما تمثل نسبة المصابين من اليمنيين 5.44 بالمائة أما الاجانب فنسبتهم 5.55 بالمائة.. وبحسب العمر فإن الفئة العمرية 20 39 سنة هي التي تتركز فيها الاصابات وتمثل هذه الفئة 69 بالمائة من اجمالي حالات الاصابة المسجلة.. وقد تم ترحيل معظم الحالات الإيجابية المكتشفة من الاجانب.
ويؤكد تقرير برنامج مكافحة الايدز أن الموقع الجغرافي لليمن من العوامل المساعدة على انتشار هذا الوباء فيها من خلال نزوح مئات الآلاف من اللاجئين والمتسللين من بعض دول القرن الأفريقي إلى اليمن القريبة من هذه الدول التي اصبح وباء الأيدز فيها خارج السيطرة.. ذلك أن معظم هؤلاء اللاجئين لم يلتزموا بالبقاء داخل المعسكرات والمخيمات التي اعدت لهم بل خرجوا منها وانتشروا في مختلف المدن والمناطق واختلطوا في أوساط المجتمع بحثاً عن عمل وغيره.
ومن اسباب انتشار المرض كذلك الهجرة الخارجية لأعداد كبيرة من الشباب. كما يعد الفقر وفقاً للتقرير من ابرز الاسباب التي تقف وراء الانتشار المتسارع للايدز.. هذا إلى جانب محدودية الخدمات الصحية وتدني مستوى الوعي وازدياد معدلات الأمية والتخلف الثقافي.
وقد اورد تقرير البرنامج الوطني لمكافحة الايدز في اليمن نماذج لسلوكيات بعض الحالات ومنها:
ü فتاة توفيت في عام 1997م وعمرها 27 عاماً بعدما أصيبت بالايدز.. هذه الفتاة اضطرت للعمل في مجال الجنس حتى تتمكن من اعالة والدها والانفاق عليه وكانت اول ممارستها مع شاب أجنبي كان يعطيها مائة دولار يومياً ولمدة شهرين وعند مغادرته اخبرها انها مصابة بالايدز إلا أنها لم تكن تعرف ماهو الايدز.. وأخيراً وقبيل وفاتها اعترفت وهي بالمستشفى بأنها مارست الجنس مع 253 من الشباب الميسورين مادياً بعد ذلك الشخص الاجنبي.
احد الشباب اعترف أنه إلى جانب 15 من زملائه يمارسون الجنس مع فتاة «حبشية» كل يوم خميس وجمعة مقابل مائة ريال من كل شخص لكن هذا الشاب افاد انه ومعظم زملائه لا يعرفون شيئاً عن فيروس الايدز.
في اواخر عام 1999م تم فحص راقصة اثيوبية في «عدن» لكي تحصل على الإقامة وتبين انها حاملة للفيروس وذلك كان بعد ان امضت عامين وهي تعمل راقصة في فنادق بمدينة عدن.. وأفاد الملاحقون لها انها كانت تمارس الجنس مع 5 10 أشخاص يومياً مقابل أجر زهيد.
ويتمثل نشاط البرنامج الوطني لمكافحة الايدز والذي يتبع وزارة الصحة العامة من خلال رصد وتسجيل ومتابعة حالات العدوى من المصابين وإجراء الفحوص الطبية لهم ومن ثم التواصل معهم وتزويدها ببعض الأدوية. وحيث يبدي البرنامج اهتماماً بمتابعة حالات الامراض الجنسية من منطلق أن ثمة نوعاً من الارتباط بينها وبين فيروس الايدز حيث يكون المرض الجنسي في اكثر حالاته سبباً للاصابة هذا الفيروس.. فقد أظهر التقرير انه ومن خلال فحص 133 امرأة مصابة بمرض جنسي في عام 1998م وجد منهن 9 حالات ايدز ايجابية.. كما تم فحص 133 امرأة اخرى فوجدت 3 حالات حاملة للفيروس إضافة إلى ذلك قام البرنامج بالتعاون مع منظمة «ماري شوبس» برصد الأمراض الجنسية فوجد أن 25 30 بالمائة من إجمالي المترددين يعانون من أمراض جنسية.. كما أنه ومن خلال المقابلات من قبل البرنامج مع اخصائيين في الامراض الجنسية في عدد من المحافظات تبين ان العديد من المترددين على عيادات النساء والولادة مصابون بأمراض جنسية. وخاصة القرح التناسلية والافرازات الاحليلية.. كما أن بعض الطبيبات اكدن وجود اصابات لشابات غير متزوجات. ومن خلال استبيان أجراه برنامج مكافحة الايدز لمعرفة موقف القياديين من هذا المرض تبين حسب التقرير ان معظم القياديين يعرفون ماهو الايدز ولكنهم لا يدركون حجم المشكلة في اليمن ويفضلون تأجيل التعامل معها.
وإزاء ذلك يؤكد المختصون على ضرورة تكثيف الجهود وحشد الامكانات لمواجهة هذا الخطر الداهم، وذلك من خلال تشكيل جبهة عريضة تضم مختلف الجهات الرسمية والشعبية والمؤسسات العلمية والاعلامية والثقافية والمساجد وغيرها للإرشاد والتوعية بمخاطر الايدز واسبابه وطرق الوقاية.
ويشار هنا إلى أن الجمعية اليمنية «الشعبية» لمكافحة الايدز تقوم بتنفيذ برنامج توعية للمواطنين وذلك من خلال تنظيم الندوات والمحاضرات وورش العمل في بعض المحافظات وفقاً لامكاناتها.
|
|
|
|
|