|
| شرفات
أكدت دراسة حديثة على ان التلفزيون المحلي اصبح غير قادر على منافسة القنوات الفضائية التي تتم برامجها بتوافر عوامل الجذب والتشويق وهو ما ادى الى اتجاه الشباب الى متابعتها والعزوف عن متابعة برامج التلفزيون المحلي الذي يعاني من ضعف الامكانيات المادية والفنية والبشرية واوضحت الدراسة ان القنوات الفضائية تستقطب مشاهديها من مختلف شرائح المجتمع مما ادى الى توفر اتجاه عام لدى كل الشرائح بضرورة اقتناء الهوائي الفضائي رغبة في الانفتاح على العالم الخارجي والتزود بالمعلومات.
وتعرضت الدراسة التي اجراها الباحث الليبي عبدالحميد طاهر الزوي تحت عنوان «الهوائيات الفضائية واثرها على تشكيل اتجاهات الشباب في المجتمع الليبي» والتي نال عنها درجة الماجستير من معهد البحوث والدراسات العربية لظاهرة انتشار الهوائيات الفضائية بهدف التعرف على حجم ودوافع انتشارها كأحد مظاهر التحديث والتغيير الثقافي في المجتمع العربي والآثار الناجمة عن متابعة برامج هذه القنوات ودورها في تشكيل اتجاهات الشباب.
واجريت الدراسة على عينة من الشباب الليبي في مدينة بنغازي مكونة من 170 مفردة من طلبة الجامعة والمعاهد العليا وعينة اخرى من فئات شبابية اخرى شملت فلاحين وموظفين وعمالاً وممرضات.
العلاقات الأسرية
وكشفت الدراسة عن ان متابعة برامج القنوات الفضائية ادت الى تجميع افراد الاسرة بالمنزل ولم تؤد الى التفكك الاسري.. كما تبين أن للمشاهدة اثاراً على الاسرة من حيث التأخير في مواعيد العمل والدراسة وان هذا التأثير يقع على جميع افراد الاسرة الذين اثبتت الدراسة وجود تباين في ميول ورغبات المشاهد بينهم سواء كانوا اطفالاً ام شباباً ام ناضجين.
واثبتت الدراسة ايضا تأثير مشاهدة برامج القنوات الفضائية على بعض الاوضاع الاسرية ومنها سيطرة الوالدين في اختيار البرامج والتقليل من زيارات الاسرة للاقارب والجيران وحرية الاطفال في اختيار اصدقائهم والتقليل من دور الوالدين في تربية الاطفال وزيادة وعي الزوجة بقيمة الحياة الزوجية.
العادات والتقاليد
وفيما يتعلق بتأثير العادات والتقاليد المتأصلة في المجتمع الليبي بسبب مشاهدة برامج الهوائيات الفضائية فقد اثبتت الدراسة تأثير بعض هذه العادات والتقاليد حيث اختفت بعض مظاهر الاحتفالات وطقوس الافراح والمآتم وتبادل الزيارات في مثل هذه المناسبات وكذلك اختفاء الزي الوطني فضلاً عن التأثير على عادات اخرى مثل الشباب والاقامة مع الوالدين في مسكن واحد والسماح للمرأة بالعمل وزواج الشاب او الفتاة من خارج العائلة وضرورة توافر التقارب في المستوى التعليمي كشرط للزواج واخذ رأي كبار السن في القضايا الاسرية الهامة.
والى جانب ذلك اسهمت متابعة برامج القنوات الفضائية كما اظهرت نتائج الدراسة في ادخال عادات مستحدثة في المجتمع الليبي وخاصة في المدن مثل خروج المرأة للعمل ومشاركتها في بعض الانشطة الاجتماعية وارتداء الملابس العصرية وارتفاع معدل الاستهلاك وتأثير المستوى التعليمي.
وأشارت نتائج الدراسة ايضاً الى اعتقاد العينة بتأثير متابعة برامج القنوات الفضائية الواردة في تزويد المجتمع بعادات جديدة مثل حرص ربة البيت على متابعة برامج طبق اليوم لتقديم اصناف اكل جديدة للاسرة وحرصها ايضا على متابعة برامج الموضة واقتناع الشباب بان الزواج الناجح يقوم على طول فترة التعارف بين الشاب والفتاة وزيادة متابعة الناس للاخبار العالمية والتحليلات السياسية واقبال كثير من الشباب على نوادي الانترنت للاستفادة من معلوماتها.
الحالة الاقتصادية
واظهرت نتائج الدراسة تأثير مشاهدة برامج القنوات الفضائية على اتجاهات الشباب فيما يتعلق بالحالة الاقتصادية ويظهر هذا التأثير في سعي رب الاسرة للقيام باكثر من عمل لتحسين الدخل والاهتمام بارتداء ملابس تليق بالمكانة الاجتماعية والاهتمام بشكل ونوعية الاثاث المنزلي وشعور البعض بنوع من الفقر والحرمان ويدل ذلك على الزيادة المستمرة في تكاليف المعيشة وعدم كفاية الفرص الاقتصادية المشروعة في الوقت الذي يتطلع فيه الشباب الى مستوى معيشي ومستقبل افضل لهم.
كما اثرت مشاهدة برامج هذه القنوات في اتجاهات الشباب نحو العمل والمهنة مثل الاتجاه نحو التخصص والميل الى المهن الحرفية والفنية والرغبة في العمل بمجال اكثر ربحا والجمع بين الوظيفة الاصلية والعمل الحر، او العمل في مكان ذي مكانة اجتماعية عالية وتشير هذه النتيجة الى حالة من الصراع لدى الشباب بين الرغبة في مواصلة التعليم و الاتجاه الى ميدان العمل والتخوف من نقص الفرص المتاحة لممارسة المهنة والبطالة وهي المشكلة التي يعاني منها الشباب العربي حالياً كما يتضح من النتيجة ايضا تطلع الشباب الى درجة عالية من الطموح في مستقبل معيشي افضل خاصة مع وجود المثير من خلال مشاهدة برامج القنوات الفضائية الواردة.
توصيات ومقترحات
الى جانب ذلك اشارت النتائج الى عدم اقتناع معظم الشباب بالكيفية التي يقضون بها اوقات فراغهم خاصة مع عدم توافر المؤسسات الشبابية او عدم فاعلية المتوفر منها او عدم التحاق الاناث بها بسبب العادات والتقاليد التي تحكم المرأة والتي اثرت فيها برامج القنوات الفضائية حيث ظهرت اتجاهات لدى الاناث نحو الاستقلالية والخروج للمشاركة في الحياة الاجتماعية.
وقد اوصت الدراسة باجراء دراسات حول برامج التلفزيون الليبي والعربي للوقوف على نطاق الضعف فيه للتغلب عليها وجذب المشاهد العربي اليها وذلك للتخفيف من حدة وخطورة مشاهدة برامج القنوات الفضائية الواردة خاصة شريحة الشباب وضرورة استجابة المسؤولين لنتائج مثل هذه الدراسات واوصت ايضا بضرورة توفير انشطة تستوعب اوقات الفراغ لدى الشباب والعمل على تغيير القيم والاتجاهات نحو المرأة وضرورة ان تلعب مؤسسات المجتمع المدني دوراً في هذا المجال.
علي البلهاسي
|
|
|
|
|
