| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة
لقد جعل الله في الدنيا صورا وعبرا تذكّر بالآخرة والحساب والجنة والنار. يشتكي هذه الايام بعض الناس لاسيما في هذه المنطقة من شدة الحر. وان شدة الحر لتذكرنا بنار جهنم، لقد قدر الله ان يبتلي عباده المؤمنين صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بغزوة تبوك في شدة الحر وفي وقت يطيب فيه الظلال والثمار فتخلف بعض المنافقين واوصى بعضهم بعضا بعدم الخروج في شدة الحر فأنزل الله «وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون» اي قل يا محمد ان نار جهنم التي ستصيرون اليها اشد حرا من الذي فررتم منه، ولذا جاء في الترمذي قوله صلى الله عليه وسلم «ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم لكل جزء منها حرها».
وقال صلى الله عليه وسلم «اشتكت النار الى ربها فقالت اكلت بعضي بعضا فجعل لها نفسين نفسا في الشتاء ونفسا في الصيف فأما نفسها في الشتاء فزمهرير ونفسها في الصيف فسموم» ان نار جهنم نار عظيمة «كلا انها لظى نزاعة للشوى» «اذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا».
قال صلى الله عليه وسلم «يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون الف زمام مع كل زمام سبعون الف ملك يجرونها» أما الكلام عن حرها وسمومها وقعرها وسواد اهلها فقد قال الله تعالى «ان الذين كفروا بآياتنا سوف يصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب» ويقول ايضا «والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة مالهم من الله من عاصم كانما اغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما اولئك اصحاب النار هم فيها خالدون» وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمع وجبة فقال: اتدرون ما هذا قلنا الله ورسوله أعلم فقال: هذا حجر رمي به في النار منذ سبعين خريفا فهو يهوي في النار الآن حتى انتهى الى قعرها» رواه مسلم.
أما طعامهم فقد قال الله «ليس لهم طعام الا من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع» «ان شجرة الزقوم طعام الاثيم كالمهل يغلي في البطون كغلي الحميم» طعامهم الزقوم وما ادراك ماهو اخبر عنه صلى الله عليه وسلم بقوله: «لو ان قطرة من الزقوم قطرت في الدنيا لأفسدت على اهل الدنيا معاشهم فكيف طعامه» وشرابهم «وان يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا» هذا شيء يسير مما ورد في الكتاب والسنة عن ذكر النار اما اهون عذاب اهل النار فقد قال صلى الله عليه وسلم «ان أهون اهل النار عذابا رجل في اخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه» الترمذي.
وبعد هذا كله يا عجبا للجنة كيف ينام طالبها وللنار كيف ينام هاربها يا اخي القارىء ثمة فريقان لا ثالث لهما «فريق في الجنة وفريق في السعير» والله إن الفوز العظيم والفلاح المبين هو من قال الله عنه «فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور» ان طريق الجنة والنجاة من النار قد بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما سأله معاذ: اخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار فقال صلى الله عليه وسلم «لقد سألت عن عظيم وانه ليسير على من يسره الله عليه تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت» ان تذكر الآخرة والجنة والنار ليدفع المرء لعمل الطاعات والبعد عن المعاصي وايصال الحقوق الى اهلها اما الغفلة عن ذلك فيورث التقاعس عن الطاعة واقتراف المعصية واكل حقوق الناس بالظلم والطغيان، وفي الختام اخي القارىء تذكر بهذا الحر حر جهنم وفر منها بالاعمال الصالحة بادر بالتوبة قبل ان يفاجؤك الموت فالدنيا مكارة فأيامها غرارة كم واثق فيها فجعته ومطمئن اليها صرعته حلوها مر وعذبها اجاج حاسب نفسك قبل ان تحاسب فاليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل، فالدنيا مزرعة للآخرة.
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها
الا التي كان بالأمس يبنيها
فان بناها بخير طاب مسكنه
وان بناها بشر خاب بانيها |
تذكر الموت وسكرته، والقبر وظلمته، والقيامة وأهوالها ثم بعد ذلك وقوفك بين يدي الجبار «ما منكم إلاسيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان» اسأل الله ان يتوفانا مسلمين وان يلحقنا بالصالحين وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.
عبد اللطيف بن محمد آل عجلان - الرياض
|
|
|
|
|