| الاقتصادية
في البدء، لا يمكن البتة فصل الاقتصاد عن السياسة لذلك تتطابق الكثير من أوصاف ومحددات النظام السياسي العالمي الجديد الذي تبشر به أمريكا مع خصائص ومعايير النظام الاقتصادي العالمي الجديد الذي تسيطر عليه كذلك أمريكا، يتبلور النظام العالمي اقتصاديا بشكل قوي لم تفت في عضده صرخات ومظاهرات أعداء العولمة ولم تهلهل أركانه حادثة مقتل «صريع جنوة» الذي قضى نحبه في غمار قمة اقتصادية وصناعية يفترض أن لا يكون فيها قرابين بشرية ودم إنسان،
ومن العجيب أن يكون هذا الإيطالي المسكين أول ضحايا نظام اقتصادي عالمي يفترض به أن يأتي للعالم بمعطيات وبشائر لمحاربة الفقر والجهل والمرض لا أن يقطع الأعناق والأرزاق وينكأ الجراح!!،
أول صفة يمكن أن نلحظها في النظام الاقتصادي العالمي الجديد هي صفة الأحادية رغم وجود ثمانية كبار في القمة ومئات بل آلاف المنظمات والهيئات والشركات ذات العلاقة بصياغة النظام الاقتصادي العالمي، مع احترامي لكل هذا الكم فإن المسألة بقضها وقضيضها تكتب في البيت الأبيض بمداد صهيوني ورؤية عوراء لا ترى من الكون إلا المصلحة الأمريكية تماما كما هي أسس النظام السياسي العالمي الجديد ، ، أما لماذا أحادية؟ فلأن الجو السياسي والاقتصادي قد خلا لأمريكا «فبيضي وصفري» !! فأوروبا كلها في الخرج «بكسر الخاء» واليابان تحت المظلة والصين تحت تهديد قائمة الدول الأولى بالرعاية، أما روسيا فيمكن شراؤها وشراء دورها بكذا مليار دولار بعد أن فقدت عذريتها الاقتصادية وكرامتها السياسية على مذبح البيروسترويكا!!،
الصفة الثانية في النظام الاقتصادي هي توظيف الضغوط لابتزاز المواقف كما هو الحال الأسود في النظام السياسي العالمي، فأمريكا لا تتردد ولا تستحي أن تضغط من أجل موقف أو رأي أو أن يرفع مندوب دولة ما يده في اجتماعات رسمية ليؤيد أو يرفض قرارا ما حسب توجهات المصالح الأمريكية، إن في ذلك عولمة للأنانية وليست الإنسانية وعولمة للبراجماتية المهووسة التي تضحي بكل غال ونفيس من أجل تحقيق مكاسب ذاتية محدودة،
أما الغالي والنفيس هنا فقد يكون شعب افريقي تقض مضاجعة مجاعة وأيدز أو أمة في جنوب الكون لا تجد ما يسد رمقها أو أطفال في فلسطين يقذفون العربدة الإسرائيلية بحجر من سجيل،
ويتشابه النظام الاقتصادي الكوني مع النظام السياسي العالمي كذلك في مسألة «اليد الخفية»!! ومعنى ذلك أن التغييرات الاقتصادية المطلوبة لتطوير العالم تدفع من خلف الكواليس دفعا وتحف بها عمليات استخباراتية وتجسسية وليس عمليات بحث علمي وتطوير خلاق كما هو مطلوب،
لقد أضحت التنمية الاقتصادية لشعوب العالم الثالث الفقيرة مجرد «ترس» في عجلة الأطماع الاقتصادية للدول العظمى بل الدولة العظمى المسيطرة،
والذي لا يرضى أن يكون ترسا ويحاول التمرد عليه أن يتحمل تبعات النبذ والحصار والمقاطعة المباشرة وغير المباشرة، وبذلك أصبحت رفاهية العام المظلوم «تمريرة ممتعة» في لعبة الاقتصاد الخفي والمنحاز كما هي مصائر الشعوب في لعبة الأمم السياسية!!
وتتعلق الصفة الرابعة المشتركة ما بين النظامين العالميين السياسي والاقتصادي بالاعلام والدعاية وقلب المصطلحات!! حيث توجد خلف النظام الاقتصادي العالمي الجديد، كما في السياسة، آلة إعلامية جهنمية تمارس البروباقاندا المنظمة وغسيل المخ المخطط وذلك لزرع الأوهام وقلب الحقائق حتى يتوهم الناس أن الذئب قد ابتلع يوسف!! وأن الظالم محصور تطوقه السبع من كل صوب والمظلوم إرهابي متمرس يعشق الدماء حتى آخر رشفة، وهكذا،
وكمثال للتشابه المقيت في هذا المجال سمعنا لأول مرة بأن هناك عقوبات ذكية «كيف ذكية!!» وبأن الاغتيال تحول الى قتل مستهدف رغم أنف منظمات حقوق الإنسان العالمية ومعاهدة جنيف لحماية المدنيين وقت الحروب!!،
وللحديث بقية ،،
|
|
|
|
|