| عزيزتـي الجزيرة
لا أعرف مسؤولاً أو موظفاً في الرئاسة العامة لتعليم البنات المركزية منها أو الفرعية بالمناطق والمحافظات، وليس لي حاجة تجعل كلامي هذا في دائرة «طلب الوساطة» من قريب أو من بعيد، لقضاء طلب أو مصلحة شخصية، ولكني كغيري مهموم بمعاناة المعلمات خاصة ما يتعرض له بعضهن من الأرواح البريئة على الطرقات أو الإصابات التي تهدد حياتهن من جراء تلك الحوادث خلال رحلة المعاناة اليومية من وإلى المدارس والقرى النائية. نعم وقعت حوادث كثيرة، ونتج عنها كثير من الضحايا والإصابات، حتى أصبح الأمر يبدو وكأنه مسلسل دام صباحاً ومساء.. وتطالعنا صحفنا بذلك، وكتب عنها وحولها الكثير من الزملاء الكتاب بالتحليل والنقد وتحميل المسؤولية للرئاسة باعتبارها جهة العمل.. فما بالنا لو انها هي الجهة الناقلة للمعلمات من خلال وسائل مواصلاتها الى المدارس النائية؟ لقد تشعبت الآراء وتعددت ولكنها أجمعت على توجيه الاتهام إلى الرئاسة من زاوية مسؤوليتها عن توظيف او انتداب او نقل المعلمات إلى تلك المدارس البعيدة عن موطن سكنهن، واعتبر البعض ذلك إجراءات تعسفية تؤدي إلى الهلاك.. والسؤال هو: ماذا بعد.. وما هو العمل.. وما هو الحل الأمثل لهذه القضية أو هذه المشكلة المتمثلة في حوادث المعلمات؟.. وما هي حدود المسؤولية؟!! وما هو مستقبل التعليم في تلك المدارس في ظل ذلك؟! ان النظر في هذا الأمر يجب ان لا يكون من زاوية واحدة.. فالقضية اجمالا يشترك فيها أطراف عدة، وتمثل مكونات طبيعية وحتمية للعملية التعليمية، وما تتعرض له المعلمات من أخطار الحوادث المرورية هو أحد نتاج الظروف الواقعية الحالية لأركان العملية التعليمية في المدارس النائية حيث المدارس في مكانها المطلوب.. بينما بعض المعلمات وكثير من الطالبات بمراحلهن المختلفة من مدن أخرى بعيدة.. وهذا جانب الأمر الواقع حتى الآن، والذي تحكمه أسباب عديدة، أول هذه الأسباب: ان التوزيع الجغرافي للمدارس يتم وفق دراسة واقعية من الجهات المختصة في الرئاسة حسب عدد الطالبات ومدى الحاجة إلى وجود مدرسة في هذه القرية أو تلك ووفقاً لقربها من القرى المحيطة.. وهذا جانب يتعلق بالرئاسة. ثانياً وجود نقص واضح في عدد المعلمات من قاطنات تلك القرى إلى درجة الندرة، ومن ثم استمرار الحاجة إلى معلمات سعوديات من خارجها طبقاً لخطة التوظيف والاحلال للمتعاقدات من غير السعوديات. ثالثاً: وهي النقطة الأهم التفاف بعض المعلمات وأولياء امورهن على تعهدات الجهة المختصة بوزارة الخدمة المدنية وذلك بالموافقة على العمل بالوظائف الشاغرة ثم الشكوى بالتضرر في هذا التعيين بالمدارس النائية. وعند التعرض لخطر الطريق أو المعاناة اليومية من السفر باكراً والعودة متأخراً من المدارس لبعد المسافة، نبدأ بالقاء اللوم على الرئاسة.. ويصل الأمر إلى التأخر عن الحصص وربما الغياب وعدم الانتظام بسبب الظروف الاجتماعية للمعلمة لذلك أقول ان الأمر يحتاج إلى مزيد من النقاش الموضوعي بهدف الوصول إلى واقع اكثر سلامة وراحة للمعلمات.. وأيضاً واقع أفضل للعملية التعليمية بالمدارس النائية، والأمر لا يحتاج إلى غضب البعض من هذه الدعوة بقدر ما يحتاج إلى تكاتف الجهود المخلصة نحو سلامة المعلمات وأهداف التعليم والحديث موصول والحوادث المرورية للعديد من المعلمات والطالبات في رحلتهن اليومية المرهقة من وإلى المدارس النائية تثير القلق والمخاوف لدينا جميعاً ويجب ان تكون كذلك حتى تحرك الماء الراكد في هذه القضية من حيث أسبابها المباشرة من أخطاء مرورية للسائقين.. أو أسباب غير مباشرة تتمثل في الظروق المحيطة بعمل المعلمات وسفر الكثير من الطالبات يومياً إلى مدارسهن على طرق طويلة.. إننا ولله الحمد مؤمنون بقضاء الله وقدره ولا راد لقضائه سبحانه وتعالى، ولكن من باب التوجيه الإلهي «ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة» ننبه إلى الأسباب المباشرة لتلك الحوادث وهي أخطاء السائقين الذين ينقلون المعلمات والطالبات يومياً ومسؤولون عن سلامة أرواحهن، أو اخطاء السائقين الآخرين المتقابلين معهم او المتجاوزين لهم على الطريق دون مراعاة لقواعد السلامة المرورية وأخلاق وفنون القيادة على الطرق، وهنا لابد من التشديد على ذلك حتى لا ينتهي الأمر بمجرد ثبوت ادانة المتسبب وعقابه، ويكون راح من راح وأصيب من اصيب من الضحايا دون دراسة شاملة لظروف أخرى ساعدت على وقوع تلك الحوادث خاصة عند تكرار حدوثها على طرق معينة. وهنا اقول ان الرئاسة لو فكرت في بناء وتجهيز مدارس أقرب، فإن ذلك محكوم بمدى توفر أعداد الطالبات اللازمة لتشغيل مدارس جديدة بتلك المواقع.. وفي نفس الوقت ستفتح هذه الخطوة باباً أوسع للحاجة إلى معلمات مغتربات في الوقت الذي نشكو فيه كثرة الحوادث وعدم رغبة المعلمات أو حماسهن في العمل بالمناطق النائية، وفي تصوري أن الأمر سيستغرق زمنا قد يمتد لسنوات في ظل هذه المعادلة الصعبة، وإن كان يتطلب إجراءات علاجية سواء بتشجيع طالبات القرى النائية من خريجات الثانوية على الالتحاق بكليات المعلمات واستيعاب أكبر عدد ممكن. وهذا يرتبط بخريطة وسياسة القبول بتلك الكليات. تبقى مسألة هامة تحتاج إلى توضيح وتذكير في ظل الاتهام للرئاسة العامة وإداراتها الفرعية وهي ان الرئاسة لا دخل لها في توزيع المعلمات، فذلك يتم عن طريق وزارة الخدمة المدنية حسب حاجة الرئاسة.. والأخيرة ترشح وظائف ولا ترشح أسماء.. وتسمح بالنقل لاحقاً حسب الظروف الإنسانية.. ولكن البعض جعل من النقل حاجة مزاجية من أجل راحة أكبر وإذا ما حدث ذلك فسيشهد تعليم البنات ارباكاً شديداً خاصة في المدارس النائية التي تتأخر بها الدراسة أصلا بسبب تأخر المعلمات في تسلم عملهن وغير ذلك واكثر من ذلك توافق بعض المعلمات وأولياء امورهن على ترشيحات وزارة الخدمة المدنية لهن بالعمل بالمدارس النائية لضمان التوظيف، ثم تبدأ الشكوى والتضرر من ذلك، مع ان الموافقة جاءت اختيارية وباقرار كتابي من ولي الأمر.. وحتى لا نظل في دائرة الشكوى وننسى متطلبات العملية التعليمية وأهدافها يجب ان يتحمل كل طرف مسؤوليته، وكيف نتطلع إلى توطين وظائف هذا القطاع الهام تماماً.. وأصحاب الوظائف من المعلمات هن اول من يقوض هذه الخطط والجهود مع تقديرنا التام لرسالتهن التي تتطلب الكثير من الجهد والصبر في السنوات الأولى للوظيفة، مع تمنياتنا للجميع بالتوفيق والسلامة.
حكمة.. قيل في الرجل العظيم:
الرجل العظيم: من إذا وعظ اتعظ، الرجل العظيم من يصلح المعوج ويهدي إلى الصراط المستقيم.
الرجل العظيم: من إذا قال فعل وإذا وعد أوفى. الرجل العظيم: من إذا تكلم أفاد وإذا خطب أجاد.
مصطفى محمد كتوعة
|
|
|
|
|