| العالم اليوم
* رام الله نائل نخلة:
لكثرة الآبار فيها ولكثرة المزروعات سميت أم الآبار أو البيرة والأخرى سميت هبة الله أو بيت الله لجمالها ولموقعها الذي يربط فلسطين من شمالها لجنوبها، هذه الأسماء هي الأسماء القديمة لمدينتي البيرة ورام الله هاتان التوأمتان اللتان لا يفصلهما عن بعضهما سوى شارع لا يتجاوز عرضه ستة أمتار،
من أحضان هاتين المدينتين تخرج الآلاف من ابناء فلسطين الذين حملوا على عاتقهم القضية وساروا في طريق النضال والتحرير، رام الله والبيرة اسمان لا ينفصلان فالأولى تشكل المركز التجاري والأخرى تشكل المركز السكني اندماج عجيب في الزمان والمكان والمصير، التاريخ ذكر في أسفاره أن هاتين المدينتين نشأتا في وقت واحد وواجهتا مصيراً واحداً لم ينفصل على الرغم من مئات السنين فألمهما وفرحهما كان دائماً لا ينفصل،
تقع مدينتا رام الله والبيرة التي يقطنها 350 ألف فلسطيني على بعد 20 كيلو مترا من المدينة المقدسة والذي يسير في الطريق من القدس إلى مدينتي رام الله والبيرة سيتفاجأ بالتواصل الجغرافي والعمراني المذهل ما بين هذه المدن، رام الله والبيرة تشكل المركز الحقيقي لمدن الضفة الغربية فهي من الناحية الجغرافية تتوسط مدن الضفة الغربية وهي من الناحية الإدارية تعتبر العاصمة الفعلية ففيها تتجمع كافة الدوائر الرسمية والوزارات مما يؤدي إلى توجه كافة المواطنين من كافة المحافظات إليها وذكرت بعض الإحصائيات أن رام الله تستقبل يومياً ما يزيد عن 80 ألف نسمة من سكان المدن والقرى الفلسطينية من الخليل وحتي جنين ومما لا شك فيه أن أيا من ابناء الشمال إذا أراد أن يتوجه إلى محافظات الجنوب يقع لزاماً عليه أن يزور مدينة رام الله والعكس صحيح،
* المدخل الشمالي مسرح الأحداث:
المدخل الشمالي لمدينة البيرة اسم تردد في الأحداث الأخيرة بشكل واسع فهذا المدخل يعتبر عنق الزجاجة الذي يسمح لأهالي محافظات الشمال بالدخول إلى مدينة رام الله أو إلى محافظات الجنوب هذا المدخل الذي يسمى أيضاً مدخل الستي إن لوجود فندق city inn فيه كان مسرحا للنضال الفلسطيني ليس في انتفاضته الأخيرة وإنما في كافة ثوراته السابقة، في هذا المدخل سقط أكثر من 40 شهيداً منهم 30 من أبناء مدينتي رام الله والبيرة،
كانت هذه المنطقة هي الأخصب أيضاً في استقبال الشهداء فقد تروت بدمائهم وباتت المزروعات التي تنتجها تلك المنطقة مصطبغة باللون الأحمر الذي عشقته منذ القدم،
* مستوطنات الموت، ، :
ومثلما بليت مدننا الفلسطينية بمجموعة من المستوطنات التي تشكل إزعاجاً وتحدياً لشعبنا فان رام الله بليت بمجموعة من المستوطنات الكبيرة، من أهم هذه المستوطنات بسجوت، بيت ايل ، عوفرا وكوكب الصباح ولكل من هذه المستوطنات قصة مع القتل والتخريب والدمار،
فالأولى بسجوت والتي تجثم على صدر أجمل الجبال في مدينتي رام الله والبيرة الجبل الطويل والذي يرتفع عن سطح البحر أكثر من 900 متر تشكل لسكان المدينتين مصدراً للقتل فهذه المستوطنة والتي تطل على كل ركن من أركان المدينة استخدمت ومنذ بداية الانتفاضة كمركز للقصف والقتل وأيضا كمركز للقناصة الذين قتلوا مجموعة من الشبان والأطفال وكان على رأسهم الطفل الشهيد أبي دراج الذي قتل وهو في غرفة النوم يلعب في سيارته الجديدة التي لم يفرح بها سوى ساعات قليلة،
كوكب الصباح أو كوكب يعقوب هذه المستوطنة التي تطل على مجموعة من القرى وترتبط ارتباطا جغرافيا بالقدس استخدمت خلال الانتفاضة كمصدر لاطلاق الصواريخ والتي هدمت أكثر من 34 منزلاً، الشهيدان ماجد رضوان واسامة البواب كانا يحرسان في أحد هذه البيوت عندما انطلق صاروخ من كوكب الصباح فحول جسديهما إلى أشلاء متناثرة في أرجاء المنزل،
أما مستوطنة عوفرا والتي استطاع المجاهدون أن يقتلوا خمسة من سكانها كان من بينهم ابن الحاخام المتطرف مئير كاهانا فقد شكلت مصدرا للاعتداءات السافرة على ابناء القرية المجاورة وقد كان آخر هذه الاعتداءات استشهاد الأخوين أبو عيد اللذين قتلا بعد أن قام مستوطنو هذه المستوطنة بإطلاق النار على سيارتهم مما أدى إلى انقلابها ومقتل الأخوين،
أما الأخيرة وهي الأكبر والأخطر فهي مستوطنة بيت ايل والتي شكلت خلال الأحداث مصدراً لأطلاق القذائف المدفعية والتي أدت إلى تدمير كافة المرافق العامة المحيطة بمدخل الستي،
هذه المستوطنات التي تحيط بمدينة رام الله وجدت لتقوم مقام الحصار العسكري بالذات انها تشكل السوار في المعصم بحيث ان أحداً لا يستطيع مغادرة المدينتين إلا ويضطر إلى أن يمر من هذه المستوطنات،
* الإرهاب لاحقهم في بيوتهم ، ، فلاحقوه في بيته:
ولأن إسرائيل كانت على علم بأن المجاهدين لم يتركوها فقد عمدت إلى عمليات قتل في وسط مدينة رام الله ففي وسط المدينة أدى انفجار إلى استشهاد الشهيد حسن القاضي والذي كان قد قتل أحد المستوطنين هذا الانفجار لم يؤد إلى سقوط الشهيد القاضي فقط بل أيضاً إلى سقوط الطفلين الأخوين شهيد وملاك،
هكذا جاءت عملية الشهيد ضياء الطويل في التلة الفرنسية بالقدس مثلجة لصدر ابناء مدينة رام الله والبيرة وكل فلسطيني حمل في جوانحه حب الأقصى وحب فلسطين،
وعندما نذكر رام الله فلابد من تذكر 99 قرية تحيط بها هذه القرى لم تكن بعيدة عن النضال والجهاد فقرى رام الله التي تزيد عن مائة قرية كانت في خضم الحدث الفلسطيني على الرغم من الحصار والقمع الذي تعرضت له، بلدة بيتونياالقريبة من رام الله وفي صباح أحد الأيام استيقظت لتجد خمسة من الشهداء يروون ترابها بعد أن استشهدوا بيد الغدر وهم يقومون بالمرابطة على الأرض بكت بيتونيا وشهقت على ابناء القطاع الثائر الذين كانوا بين أحضانها ففقدتهم بلحظة غدر زفتهم إلى أهليهم وهي تذرف الدمع مع الآهات وتعاهدهم على الثأر وتعاهد القطاع المضي قدما إلى النصر،
وهكذا كافة القرى فصردا التي حرمها الاحتلال من استقبال طلبة جامعة الشهداء جامعة بيرزيت تحدت الاحتلال واستطاعت أن تكسر حواجزهم وقيودهم وكسرت عنجهيتهم عندما ثارت عليهم فقدمت ذاك الشهيد الذي قدم من الأردن ليخدم وطنه فعاد إلى الأردن وإلى الغربة يلفه العلم الفلسطيني الذي عشقه منذ صغره انه الشهيد محمد حمدان،
* الاقتصاد الفلسطيني ، ، رام الله الأكثر خسارة:
ليس من أحد ينكر أن مدينة رام الله هي كبرى المدن من مختلف النواحي وبالذات أنها من المدن التي تمتاز باقتصاد مزدهر جداً فالذي يسير في شوارع هذه المدينة سيلاحظ ذاك التطور العمراني الذي تشهده المدينة والذي يضاهي كبريات المدن في العالم العربي وحتى في مدن العالم،
فرام الله والتي تعتمد في اقتصادها على التجارة الخارجية وعلى المتوافدين إليها من المدن والقرى المحيطة بها تعاني اليوم من وضع اقتصادي صعب للغاية بالذات أن الاغلاقات منعت كافة المتوافدين إليها من أن يدخلوها ولذلك الحاج محمود عبدالرحيم والذي يملك أحد المحلات التجارية يظهر مجموعة من الشيكات التي أعادها البنك نتيجة عدم وجود حساب يغطي قيمتها وأيضاً يظهر مجموعة من الأوراق التي تشكل ديونه التي لا يستطيع أن يغطيها بفعل الحصار الاقتصادي على هذه المدينة التجارية،
نتائج الدراسات التي أجريت في مدينة رام الله أظهرت أن الطاقة الإنتاجية في القطاع الصناعي تراجعت في بداية الانتفاضة إلى 36% مقارنة بالوضع قبل الإغلاق وفي الأشهر الأخيرة تراجعت إلى 25% مقارنة ببداية الانتفاضة وبالنسبة لقطاع المنشآت فقد أظهرت أن نتيجة الإغلاق والتي منعت العاملين في قطاع الإنشاءات من الوصول إلى أماكن عملهم إلى تراجع بنسبة 21% وأيضاً ان مشكلة الشيكات الراجعة والتي باتت تقض مضاجع الصناعيين تبين أن 50% من منشآت القطاع الصناعي تعاني من هذه المشكلة وأيضاً تبين من نتائج الدراسة أن 4، 71% من المنشآت لا تمتلك مخزونا من السلع والبضائع وأيضا تراجع حجم المبيعات في المعدل إلى 54% وذلك في قطاعي الصناعة والتجارة، ومن هنا فان رام الله تعتبر الأكثر خسارة من الناحية الاقتصادية خلال اشهر الانتفاضة،
|
|
|
|
|