| مقـالات
إلى متى يدفع البعض حياتهم ثمناً لوصفات طبية شعبية اكل عليها الدهر وشرب؟ لماذا نعتِّم على المخاطر والسلبيات.. ونتستر على الأخطاء.. وندمدم على التجاوزات ؟ تساءلت بيني وبين نفسي وأنا اقرأ منذ أيام خبراً عن وصفة شعبية أودت بحياة طفلة في عمر الزهور وربيع الحياة استخدمت الحنا ممزوجاً بالبنزين الذي تسرب إلى ملابسها فاشتعلت عندما اشعلت «البوتجاز»!! مأساة بكل ما لهذه الكلمة من معنى.
* ومع الدعاء للفقيدة بالرحمة ولوالديها وذويها بالصبر والسلوان ادعو الجهات المختصة أن تضع حداً لهذا التلاعب بأرواح الناس.. والمتاجرة بأمراضهم واجسادهم.. والقائهم في احضان اوهام لا تنتهي إلا بخروج الارواح من الأجساد!!
* وبانتظار صدور المرسوم الملكي بتشكيل مجلس الغذاء والدواء الذي يجري الاعداد له.. ومباشرة مهام الترخيص.. والتفتيش.. والرقابة.. والعقوبة فإن أجهزة وزارات الصحة.. والتجارة.. والشؤون البلدية والقروية التي أصبحت في هذا الصدد أسيرة التهاون.. وعدم الاكتراث.. والتفريط مدعوة للتدخل الفوري لإيقاف هذا العبث بإخضاع العطارين و«الاطباء الشعبيين» الذين والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه أصبحوا يعالجون جميع الأمراض بما فيها العجز الجنسي.. والفشل الكلوي.. والايدز !! واخضاعهم للرقابة الصارمة والتأكد من صلاحية الاعشاب وسلامة الوصفات التي يبيعونها.. ومدى تطابق أسلوب التخزين للشروط الصحية والعلمية.. وتأثير الرطوبة والحرارة عليها.. وايقافهم عن صرف تلك القنابل الموقوتة التي اجزم انها تقع خارج كل النوايا الحسنة!!
* ويستمر عرض آخر مبتكرات الخداع.. لتلبي كل الاحتياجات.. وتلتقي مع جميع الرغبات لتتسع القائمة فتشمل وصفات للرشاقة تجعل من شجرة الجميز.. غصن بان.. والعكس صحيح!! اما عن وصفات التجميل فحدث ولا حرج ما جعل بعض الفتيات.. والسيدات فئران تجارب.. وضحايا لهذا العبث!!
* ان توعية الناس اصبحت اشد الحاحاً أكثر من أي وقت مضى خاصة اولئك الذين يعتقدون ان الأعشاب اذا لم تنفع فلن تضر!!.. ولا يدركون اخطار واضرار الاستخدام العشوائي لها.. ولا يعرفون ان لمعظمها اثاراً جانبية.. وان بعضها يحتوي على عناصر كيماوية شديدة السمية أو مهيجة للجلد.. وأن بعض الاعشاب يحتوي على أكثر من مادة فعالة تتعارض من حيث التأثير فتفقد بالتالي قيمتها العلاجية ناهيك عن الخطر الشديد المتمثل في الجهل بطريقة الاستعمال كتلك التي تستخدم خارجياً فيتم استخدامها داخلياً... أو تشرب بدلاً من الغرغرة!! ومن المفارقات المحزنة أن بعض نزلاء المستشفيات يتناولون الادوية الكيماوية نهاراً.. وفي غياب الرقابة الطبية يستبدلونها بالعشبية ليلاً!!
* مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض من جانبه حذر عدة مرات من استخدام بعض الوصفات والتركيبات الشعبية التي لا تستند على علم.. ولم تخضع للتجارب وفق المعايير المتعارف عليها ولم يتم تقنينها بحثياً وعلمياً.. وتداول بعض الأعشاب التي تم خلطها أو تصنيعها من مواد كيماوية.. واحتواء بعضها على مواد مسرطنة.. وأخرى تضر بالكبد.. وغيرها تسبب الفشل الكلوي.. وتشكيلة أخرى من الأمراض.. والاعراض !!. و«نبتة الحربي» الملوثة «ببكتريا عالية جداً» ليست بعيدة عن الأذهان.
* أعرف ان لدينا ثروة من الأعشاب الطبية.. والغذائية.. والعطرية.. قامت الجهات العلمية المتخصصة بحصرها.. وتصنيفها.. وعلاجاتها حسب الادعاءات والمزاعم وتطبيقها على حيوانات التجارب.. افردت لها كتباً ومنشورات.. نظمت من اجلها ندوات .. ومؤتمرات.. وحلقات.. وورش علمية.. ووضعت لها أصولاً للجمع.. والنقل والتخزين.. والتعبئة.. والعرض مع الأخذ بعين الاعتبار جميع المؤثرات المناخية كالرطوبة.. والحرارة.. وتحديد مدة الصلاحية.. كل هذا جميل.. ورائع لكنه في غياب الترشيد والوعي.. والرقابة الحازمة والفاعلة تبقى كلها حبراً على ورق.. عديمة الجدوى والقيمة.. وأجدها فرصة للاشادة بالاطباء والخبراء السعوديين الذين ما فتئوا يحذرون.. وينصحون.. ويوجهون.. منهم مثلاً لا حصراً بروفسور عبدالرحمن عقيل.. د. جابر بن سالم القحطاني.. د. عبدالعزيز بن إبراهيم العثيمين.. د. عبدالله بن إبراهيم السماري.. د. فهد بن عبدالعزيز الربيعة.. د. محمد بن عبدالله الطفيل.. والجهات العلمية والاكاديمية والطبية التي تعكف دون كلل أو ملل على الدراسات والبحوث وتنشرها بين الناس.. دون جدوى!!
algnaieer@yhoo.com
ص.ب 3434 الرياض 11471
فاكس 4785339 01
|
|
|
|
|