جاء في فوائد السفر أن للسفر فوائد عظيمة وآثاراً حميدة على الإنسان ومنها:
1 قراءة معاني الوحدانية في دفتر الكون ودراسة براهين العظمة في سفر الحياة.
يقرأ المسافر في دفتر الكون آيات البارئ وحكمة الخالق وبديع صنع المبدع:
فيا عجباً كيف يُعصي الإله
بل كيف يجحده الجاحد
وفي كل شيء له آية
تدل على أنه واحد
2 ومن فوائد السفر: اكتساب المعيشة والبحث عن الرزق الحلال يقول تعالى:
«هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور».
ويقول الشاعر:
سأكسب مالاً أو أموت ببلدة
يقلُّ بها فيض الدموع على قبري
3 ومن فوائد السفر ايضا: مفارقة الديار التي لا يجد فيها الانسان مكانه اللائق به، او يرى في ساكنيها جفوة وتنكرا، وسوء معاملة او مذلة او اهانة.
قال الشاعر:
اذا ماضاق صدرك من بلاد
ترحلْ طالبا ارضا سواها
عجبت لمن يقيم بأرض ذلٍّ
وارض الله واسعة فضاها
4 انفراج الهم وزوال الغم والتجديد على النفس وكسب الاصدقاء والتعرف على البلاد:
تنقل فلذّات الهوى في التنقل
ورِدْ كل صاف لاتقف عند منهل
ففي الارض احباب وفيها منازل
فلا تبك من ذكرى حبيب ومنزل
5 إذهاب الملل من طول المخالطة، والتلذذ بحلاوة اللقاء بعد طول الفراق.
يقول كعب بن مالك:
إن كنت تعلم ان الأرض واسعة
فيها لغيرك مرتاد ومرتحل
فارحل فان بلاد الله ماخلقت
الا ليسلك منها السهل والجبل
6 اخذ العبرة والعظة من احوال الامم السابقة فان الامم والدول والبشر مهما عاشوا فان مصيرهم الى الزوال والفناء.
7 اكتساب الاصحاب واتخاذ الاصدقاء والتعرف على الوجوه الجديدة.
ففي الارض احباب وفيها مناهل
فلا تبك من ذكرى حبيب ومنزل
وجاء رجل الى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال يارسول الله اني اريد سفراً فزودني فقال له «زودك الله التقوى» وقال زدني قال: «وغفر ذنبك» قال زدني، قال «ويسَّر لك الخير حيثما كنت».
ابدأ بمقدمتي هذه عن السفر والتي استقيتها من كتاب الاخ الدكتور ناصر بن مسفر الزهراني «أنيس المسافر وسلوة الخاطر» وذلك بعد قراءتي حديثا للاحداث العجيبة والغربية والمحزنة ايضا لاخواننا الذين شرّقوا وغرّبوا بغية السفر والتنفيس عن النفس والاهل والولد وحتى الشغالات.
لقد قرأت كما قرأتم ايضا مشاكل لم تكن ترد لنا على حال فاذا هي تزيد سوء الحال والسماع بأخبار المسافرين لاتزيدنا الا اوجاعا وهمّاً يضاف الى همومنا الصيفية.
حقاً لقد كنا نخاف على المسافرين من اختفاء جوازات سفرهم واموالهم وتعرضهم للاعتداء لكن ان تتطور مشاكل السفر والسياحة الى ضياع النسوة في الصيف فهذا امر جدُّ عظيم ويحتاج الى وقفة جادة وصادقة لتنظيم ضوابط السفر وبث روح التوعية لأولئك المتهورين الغافلين في ديار الغربة.
لاشك ان جهود الدولة للحيلولة دون سفر كثير من الناس واضحة وكذلك جهود السياحة الداخلية بدأت تتضح معالمها في مختلف مناطق المملكة لكن في المقابل يجب ان نتنبه لبعض قضايا السفر التي لا ارى انها ظاهرة شاذة او فردية بقدر ماهي افعال منظمة ضد السائح السعودي بدأت في التدرج عبر العقود القليلة الماضية.
إنني لا اكتب من فراغ فالشر المستطير الذي جاء في ثنايا الاخبار والتحقيقات الصحفية التي طالعناها في اعقاب الاجازة الصيفية يجب ان ننظر اليها بعين الاعتبار خصوصا وانها جاءت على لسان مسؤولين على مقربة من الاحداث.
ختاماً: ان في تاريخ السفر عبراً وعظات علينا ان نقرأها جيدا،ً فالسفر ليس مجرد بحث عن المواقع الجميلة والخُضر والمياه والوجوه الحسان انما السفر قطعة من العذاب وما أشد العذاب عندما نردد: في الصيف ضيعت النسوة.
والله من وراء القصد.
محمد حسن غاوي
رئيس شعبة النشاط الثقافي الإدارة العامة للتعليم جازان