| الثقافية
وتكاد ترقص الحروف عندما يأخذ الكاتب في كتابة موضوع يصف فيه حياة عائلة غمرتها السعادة وحفّ بها السرور. لأن الحديث عن السعادة فيه ترقيص وتطريب للنفوس التي تلمس الطرق المؤدية إلى السعادة.
وأن الأذن لتصغي لأي متحدث عن السعادة ومفهومها طمعاً في معرفة الأساليب التي تكتسب بها، لأنها ليست سلعة تُباع وتُشترى، ولا طريقاً مفتوحاً إذا ما أراد المرء سلكه وأراح واستراح، وإنما هو شيء تتعامل معه بعض النفوس المهذبة تعاملاً يتوثق شيئاً فشيئاً حتى ترتبط به ويصبح جزءاً لا يتجزأ من ذاتها وطبعاً يظهر في جميع تصرفاتها.. ولهذا فهي - وأعني بذلك السعادة - لا تكتسب بالمال.. فكم من غني شقي لا يزيده غناه إلا هماً على هم، وتعباً فوق تعب.. وكم من فقير مطمئنة نفسه قد انقادت السعادة نحو بيته بخيط رفيع من القناعة والإيمان بأن ما كُتب له لن يناله غيره وأن ما كتب لغيره لن يناله هو.
والسعيد لا تقتصر سعادته على نفسه فحسب وإنما تشمل فيما تشمل مَن تحت ولايته.. ولهذا نسمع في كثير من الأحيان قولهم: أهل البيت الفلاني يعيشون في سعادة.. وغبطة وسرور.. وماذاك إلا لأن رب الأسرة قد انصهر مع جميع عائلته في بوتقة الحب.. وأصبحوا يعيشون جميعاً في دائرة الابتسامة الطبيعية التي تغطي أي نقص غذائي.. وتعوض كل خسارة مادية وتمحو آثار كل مصيبة لأن السعادة شعارها والفرح أغنيتها، والسرور صفة حياتها.
ولعل أحسن ما قرأته من شعر يصور عائلة سعيدة هي قصيدة للشاعر محمود غنيم نشرتها مجلة «الرسالة» في عددها 189 يوم الاثنين 4 من ذي الحجة سنة 1355ه ومنها قوله:
وأطيب ساع الحياة لديَّا
عشية أخلو إلى ولديَّا
متى ألج الباب يهتف باسمي الع
ظيم ويحبو الرضيع إليا
فأجلس هذا إلى جانبي
وأجلس ذاك على ركبتيا
وأغزو الشتاء بموقد فحم
وأبسط من فوقه راحتيا
هنالك أنسى متاعب يوم
ي حتى كأني لم ألق شيا
وأحسبني بين طفليَّ «شاها»
وأحسبُ عُشي قصراً عليا
فكل شراب أراه لذيذاً
وكل طعام أراه شهيا
وما حاجتي لغذاء وماء
بحسبي طفلاي زاداً وريَّا |
والقصيدة طويلة نسبياً إذ تبلغ 23 بيتاً.
للتواصل: ص .ب:40138 الرياض: 11499
|
|
|
|
|