| مقـالات
استقرأتُ في المقالتين السابقتين من هذه السلسلة بعضا من ملامح «وتقاطيع» الوجه الآخر للعلم، وقدرته على قلب النور ظلاما حالكا.. وعلى ضوء هذه العبارة أواصل القول بأن لا أحد خَبَر الوجه الآخر المظلم من العلم مثلما خبره المسلمون، حيث إنه من الثابت تاريخيا ان العلم لم يُسخر بمثل ما تم تسخيره في محاربة الاسلام والمسلمين، فمنذ اول اتصال مباشر بين الشرق الاسلامي والغرب المسيحي خلال الحروب الصليبية الحاقدة وحتى يومنا هذا، فلا تزال الحرب بيننا وبينهم سجالاً، والحرب بدهيا تتطلب العلم بطرائق تحقيق الانتصار على الخصم، ولهذا فهي تمثل اهم اسباب وعوامل التقدم العلمي والتقني تاريخيا، حيث إن معظم بواعث الاختراعات التكنولوجية كانت ولا تزال عسكرية، رغم حقيقة تواتر تطويع هذه التكنولوجيا تاريخيا للاستخدام السلمي وذلك بعد ان تكون قد استنفدت اغراضها العسكرية، كالانترنت على سبيل المثال. هذا وتؤكد المصادر التاريخية ان العلم لم يشهد تطورا في الماضي كما شهده في احضان الحضارتين الصينية والاسلامية، غير ان حقيقة توقُّف العلم لدى المسلمين عن التطور فجائيا، وبدء ايناع بذور التقهقر في جسد الحضارة الاسلامية آنذاك، قد واكبها انتقال العلم الى اوروبا، وتواصُل الصراع بين الشرق والغرب، الأمر الذي ادى الى ان يدفع المسلمون حتى هذه اللحظة أثمانا باهظة لظلام العلم الاوروبي غير الاخلاقي عسكريا واقتصاديا واستشراقيا وثقافيا واستعماريا وقولبة وتشويهاً.. وخلافها.
لست هنا بصدد تتبُّع مسارات ومنعطفات تاريخ «ظلامية» العلم، عليه فسأقفز تاريخيا حيث العصور الحديثة والمعاصرة لأستعرض بعضا من المنعطفات التاريخية الدالة على ان العلم ليس سوى اداة بيد الانسان يُشكِّلها حسب مشيئته ضيقة الآفاق، ومن الادلة على ذلك الكذبة الكبرى التي استنسخها التكرار حقيقة فتم تصديقها، وأعني بها ما بدأ في التبلور في أوروبا منذ القرن التاسع عشر الميلادي من تزاوج بين علم البيولوجيا والعلوم الانسانية مما نجم على إثره «ولَع أوروبا» المنتشية المترفة وقتها بالدراسات الوراثية المقارنة وخصائص الذكاء ومقومات الوراثة الجينية، مما مهّد لاحقاً لما يٌعرف في وقتنا هذا بمقاييس واختبارات الذكاء مثل مقاييس «LQ» واختبارات ما يُعرف ب The BellShaped Curve حيث بدأ العبث العلمي بتقسيم البشر على سلم «التطور» الانساني حسب ذكاواتهم، وسماتهم الوراثية، وسلالاتهم، وأعراقهم..، مما أدى الى بزوغ فترسخ فكرة التفوق العرقي الاوروبي، وبناء على ذلك تم افتراض عدم قدرة الشعوب غير الأوروبية على ادارة شؤونها الحياتية، فأشاح الاستعمار الأوروبي البغيض عن وجهه القبيح ليتقاسم مجرمو أوروبا أرزاق وموارد هذه الشعوب باحتلال ديارهم واستعبادهم، وإشاعة الفوضى في انتاج تقنية وآلات الموت الانساني والدمار البيئي وإذلال انسان هذه الارض باسم العلم وتحت مظلته.. وما دويلة بني صهيون النتنة الا نتاج لما يسمى ظلما وعدوانا بالتقدم العلمي خلال هذه المراحل التاريخية المؤسفة التي لا يزال العرب يدفعون ثمنها مضاعفا باهظا.
انها لحقيقة ثابتة هي عملية تسخير العلم لأغراض ابعد ما تكون عن الانسانية، حيث تزخر الكتب المتخصصة بأخلاقيات البحوث العلمية بما يندى له الجبين من الامثلة الدالة على ظلم وظلامية ما أُجري من التجارب الطبية والبيولوجية والسوسيولوجية والنفسية التي لا يتسع المجال هنا لشرح تفاصيلها.
بالإضافة فليس بسرٍ ماتعج به أقبية وسراديب الاستخبارات العالمية من أبحاث ومشاريع علمية هدفها برمجة عقل الإنسان بطرائق تحقق السيطرة عليه والتحكم به بعد سلبه ارادته الانسانية، ولهذا فقد يكون من الصحيح مايُشاع من أن فيروس الأيدز ـ المسبب لنقص المناعة أو فقدانها قد تسرب ـ كما يقال ـ بالخطأ من أحد معامل هذه التجارب العلمية المنحرفة...، وإن من الثابت أن «ابداعات!» اليهود في حقول الأبحاث والتحليل النفسي والاكلينيكي قد تم بالتأكيد تسخيرها في العديد من الأغراض الدنيئة كالاستغلال الجنسي، وغسيل المخ، ومحو الذاكرة بالإيحاء والتنويم المغناطيسي، والسفر الزمني، «والتبجيل الخيالي!».. وخلافها، غير أن «ما يثلج الصدر!» هو حقيقة أن تبعات هذه الانحرافات العلمية قد بدأت تؤتي أكلها في المجتمعات الغربية، فلا تفتأ الأخبار تتقاطر عما يُعرف حديثا بـ«متلازمة الذاكرة الكاذبة أو الزائفة: False Memory - Syndrome، حيث تعج المحاكم الأمريكية في وقتنا الحاضر بالعديد من القضايا المتعلقة بتهم الاستغلال الجنسي المقدمة من قبل الأبناء والبنات ضد والديهم، والطلبة والطالبات ضد معلميهم ومعلماتهم، حتى من قبل رواد الكنائس ضد رهبانهم.. حيث فجأة يكتشف الفرد بمجرد «بلوغه» ما هو مكبوت في ذاكرته مما لحقه من استغلال جنسي في صغره، فيلجأ حينها الى المحكمة مُتظلِّما وشاكيا، غير أن التحقيقات وما أُجري من بحوث علمية حتى هذه اللحظة قد كشفت عن ان السبب الرئيس لهذا الإدراك المتأخر «Hindsight» يعود في الحقيقة إلى أن بعض «المعالجين النفسيين» قد أحدثوا ـ خلال الجلسات العلاجية ـ من الخلل في عقول مرضاهم ما جعل هؤلاء المرضى يتقبلون ما تم بثه في عقولهم الباطنية من ايحاءات مفادها حدوث ذلك رغم عدم حدوثه البتة..!
|
|
|
|
|