|
| أفاق اسلامية
«إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جزء من الاحتساب ورغم أهميته لم يخدم الخدمة الكافية كما خدمت العلوم الأخرى، وهو من الموضوعات البحث فيها يشبع الرغبة في نفسي في خدمة هذا الدين وإخراج عمل ينفع الله به المسلمين».
بهذه الكلمات قدم فضيلة الشيخ الدكتور عبدالعزيز بن أحمد المسعود مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحثه القيم، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأثرهما في حفظ الأمة، والذي حصل به على درجة الدكتوراه.
ويعلل الدكتور المسعود سبب اختياره لهذا الموضوع الهام فيعدد عدة أسباب:
أولها: إن هذا الموضوع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأثرهما في حفظ الأمة لم تكتب فيه الكتابات الكافية ولا يعني هذا والكلام للدكتور المسعود أننا نتجاهل كتابات السابقين من العلماء الأفاضل مثل شيخ الإسلام ابن تيمية والغزالي وابن النحاس والخلال وغيرهم وهذه الكتابات تعتبر نواة لمن جاء بعدهم ولكن مرادي في ذلك أن ما كتب في هذا الموضوع أقل مما يستحق فهو بحاجة إلى المزيد من الكتابات والتأليف المستمر.
ثانياً: أن ما كتب عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جاء مبعثراً ومتفرقاً ويحتاج إلى من يجمع بعضه إلى بعض ويرتبه ويشرح ويضيف عليه ويحذف منه، يقول عنه عبدالقادر أحمد عطا «أنه أصل هام من أصول حضارة القرآن، لا قيام لشريعة الإسلام بدونه، ولا اعتصام بحبل الله إلا على هداه، إذ هو الجهاد الدائم المفروض على كل إنسان مسلم».
ويقول الدكتور المسعود: أنه من العجيب أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بما له من أهمية بالغة في ازدهار الحضارات الدينية وبما استحق العادلون عنه من لعنة الله، وبما له من أهمية في بناء الإيمان ونصرة دين الله، لم يظفر بعناية من الكتاب المسلمين، كما ظفرت فروع الدين الأخرى.
ثالثاً: إن الذي يلقي نظرة على واقع العالم الإسلامي فإن قلبه يتألم ونفسه تتقطع حسرات من كثرة ما يشاهد من المنكرات العظيمة المنتشرة في البر والبحر والجو، فتجد في كل شارع وفي كل منعطف منكرات في البيوت، وفي الأسواق وفي المساجد وفي المقابر وفي المدارس وفي المتاجر وهذا يحتاج إلى من يكتب عنها بشكل مستمر ويذكر المسلمين بالعاقبة الوخيمة.
رابعاً: تنوع المنكرات وتجددها باختلاف الأزمان وهذا يحتاج إلى الكتابة المستمرة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لإيضاح حكم هذه المنكرات وخطرها وكيفية إنكارها.
ويتوقف الدكتور المسعود طويلاً أمام قول الإمام الغزالي «إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو القطب الأعظم في الدين، وهو المهم الذي ابتعث الله له النبيين أجمعين ولو طوى ببساطه وأهمل علمه وعمله، لتعطلت النبوة واضمحلت الديانة وعمت الفترة وفشت الضلالة وشاعت الجهالة واستشرى الفساد واتسع الخرق وخربت البلاد وهلك العباد ولم يقروا بالهلاك إلا يوم التناد» ويخرج بعدة ملاحظات على هذه الكلمات القوية:
أولاً: إنه يبين عظمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأنه القطب الأعظم في الدين..
ثانياً: الخطر الكبير والأثر السيئ الذي يحصل إذا ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ثالثاً: ترك الأمر بالمعروف معناه كثرة الفساد.
رابعاً: الفضل الكبير والأجر العظيم الذي يحصل لمن قام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ويستدل بكلام شيخ الإسلام ابن تيمية «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الذي أنزل الله به كتبه وأرسل به رسله وهو من الدين فإن رسالة الله أخباراً وانشاء، فالاخبار: عن نفسه وعن خلقه مثل: التوحيد والقصص الذي يندرج في الوعد والوعيد والإنشاء: الأمر والنهي والإباحة، ويقول الدكتور المسعود: «إن شيخ الإسلام ابن تيمية يبين لنا في ذلك عظم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأنه هو الذي أنزل الله به كتبه وارسل به رسله».
والرسالة جاءت في أربعة مباحث، المبحث الأول تناول فيه المؤلف تعريف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لغة واصطلاحاً وفيه تعرض لما ورد في تعريف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد لغة واصطلاحاً.. وفي المبحث الثاني تناول الدكتور المسعود «حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» فيه جمع أقوال علماء التفسير والحديث والفقه في هذه المسألة واختلافهم فيها، فمنهم من يقول إنه فرض عين ومنهم من يقول فرض كفاية، وثالث يقول حسب الاستطاعة ورابع يرى أنه سنة وخامس يقول «إن حكمه حكم ذلك المنكر».
والمبحث الثالث جاء بعنوان «في قاعدة الشرع في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» والمبحث الرابع تناول فيه الشيخ المسعود «متى يجوز ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث تناول القاعدة الشرعية الهامة في النظر في المصالح والمفاسد وما الذي يفعله الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا تزاحمت المصالح والمفاسد وتعارضت المصالح والمفاسد وبين الخطأ الذي يقع فيه البعض بسبب جهل هذه القاعدة.
والرسالة جاءت في ستة أبواب، الأول تناول فيه فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفضل النصيحة وآدابها وأركان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأنه من وظائف الأنبياء وأوضح النماذج من حياة الأنبياء والرسل وفي الباب الثالث تناول درجات تغيير المنكر، وفي الرابع: نماذج من منكرات هذا العصر وكيفية إنكارها..
أما الباب الخامس فتعرض لحكم من نهى عن المنكر وهو متلبس به وحكم التجسس عن المنكرات وحكم التستر على مرتكبي المنكرات.. وفي الباب السادس والأخير تناول الدكتور المسعود أثر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حفظ هذه الأمة.
|
|
|
|
|
