| عزيزتـي الجزيرة
لا شك في ان تعليم الكبار اصبح يمثل نقطة مضيئة في منظومة التعليم المتنامي في بلادنا الغالية ويخدم شريحة واسعة من ابناء المجتمع ممن لم تمكنهم ظروفهم الحياتية من المواصلة في المدارس النهارية ليبقى التعليم حقاً مشروعاً للجميع في وطن معطاء يحتفي بقوافل العلم ويسعد برواد المعرفة.
نعم.. لقد اصبح تعليم الكبار ميدانا معرفيا فاعلا ذا خطوات و اسعة تواكب التطور العلمي والتقدم الحضاري الذي تشهده بلادنا العامرة بمؤسسات التعليم وصروح المعرفة.
وحقاً كم هو جميل تقويم التجارب التربوية وقراءة ابعادها عن كثب وتلمس مؤثراتها ومعالجة معوقاتها، ولذا فليس ثمة حرج في نظرات عابرة تلوح في افق هذا الميدان المبارك المزدحم بفلول الدارسين:
اولاً: اعادة قراءة الخطة الدراسية لطلاب المدارس الليلية وصياغة مناهج ملائمة كماً وكيفاً تنسجم مع حياتهم وظروفهم العائلية ومسؤولياتهم الوظيفية.. فلا بد من ترشيد العلوم وتقنين المعارف التي يتلقاها طالب المدرسة الليلية لكي يتمكن من الاستيعاب في دائرة ظروفه.. وقد كانت ادارة تعليم منطقة الرياض موفقة في دعوتها الى وضع مناهج ومقررات خاصة لطلاب التعليم الليلي تعنى باحتياجاتهم وتناسب مستوى تحصيلهم وتساعدهم على التأهيل التربوي والتعليمي والاداري.. من هنا ظهرت الحاجة لتقليص الخطة الدراسية للدارسين في التعليم الليلي بشكل يقل عن المدارس النهارية وخصوصا ان حصص المدارس الليلية اقل من النهارية.. وذلك من شأنه اعطاء تعليم الكبار سمة خصوصية ومنحة نزعة استقلالية عبر مناهج ومقررات دراسية منتقاة.. مع ضرورة عدم تأثير المسمى على شهادتهم الثانوية لمن اراد المواصلة في الجامعات والمعاهد.. واعتقد ان ذلك سيمثل نقلة ايجابية في مسيرة تعليم الكبار.
ثانياً: حبذا وضع درجة للحضور في المدارس الليلية تشجع الدارسين على الحضور وتكون حافزاً لهم في عدم الانقطاع او كثرة الغياب وتكون بديلاً عن نظام نسبة الحضور والحرمان.. الذي اثبت عدم فاعليته فرصد «درجة حضور» في كل مادة كفيل بدفع الدارسين ووضع الانتظام في الاعتبار.. وايضا فيه نوع من الانصاف للمنتظمين فهم الباذلون الوقت والجهد.
وهناك بعض الجهات لاتتعاون للأسف مع موظفيها الملتحقين بتعليم الكبار ولا تكاد تمنحهم إجازة لأداء الامتحانات!! ربما لوجود دارسين غير جادين هدفهم الاجازة فقط.. لكن هذا لاينبغي ان يحرج البقية..
ثالثا: يجب دعم طلاب هذا القطاع والوقوف معهم والعمل على ان يستفيدوا وظيفيا من دراستهم في مراكز تعليم الكبار، فهناك جهود تبذل وطاقات تستنزف.. ودوائر كفاح ترسمها تلك الفئة الكادحة.. فلا أقل من ان تخدمهم في الترقية.
رابعا: كل الشكر والتقدير لوزارة المعارف ممثلة في تعليم الكبار على تنظيمها حملات صيفية توعوية شاملة ومتنقلة لمحو الامية.. وحقيقة الكل يلمس ما تبذله الامانة العامة لتعليم الكبار في رصد المواقع المحتاجة والتحري عن الفئات المستهدفة ومخاطبة المؤسسات والجهات الحكومية للمشاركة في هذه الحملات المباركة.
خامسا: ان دخول المدارس الاهلية ميدان تعليم الكبار وممارستها التعليم الليلي لم يكن عاملاً ايجابيا لهذا القطاع حيث ظهر تساهل معظمها في استقطاب الدارسين وتجلى عدم جديتها في متابعة حضورهم خلال العام الدراسي مكتفية باستقبالهم لأداء الاختبارات لتطبيق نظام «الانتساب الليلي»!! ومن هنا لا تستغرب هذا التزاحم والتدافع وامتلاء الساحات المجاورة لها بالسيارات فقط اثناء الاختبارات!! فأين هم في العام الدراسي؟!!الحل بيد وزارة المعارف ومسؤولي تعليم الكبار بتشديد الرقابة والمتابعة عليها من جهة وتحجيم صلاحياتها من جهة اخرى بحيث يسمح لكل مدرسة اهلية ليلية بفتح عدد محدد من الفصول وتسجيل عدد معيّن من الدارسين لوضع حد لعبث بعض تلك المدارس وإيثارها المصلحة المادية وإغفالها القيم التربوية.. نعم لقد اصبحت العديد من المدارس الاهلية الليلية عبئا يثخن كاهل «تعليم الكبار» ولا بد من التفاتة وزارية توقف هذا التهاون وتعيد التوازن لموكب التعليم الليلي..
اكرر النداء لوزارة المعارف بتقنين وتقليص هذه الاعداد المهولة والجموع الغفيرة التي تحتشد فقط في صالات الاختبارات الفصلية ضاربة عرض الحائط بالانظمة ومتجاوزة اللوائح.
وختاماً الشكر والامتنان للمسؤولين عن تعليم الكبار في الوزارة على جهودهم المثمرة وقراءتهم هموم الميدان وتجاوبهم مع نداءاته وإنصاتهم لخطابه.
محمد بن عبدالعزيز الموسى
بريدة
|
|
|
|
|