| الاخيــرة
«ذات مرة قال شاعر جنوب أفريقي قبل انهيار نظام الفصل العنصري وسقوط امبراطورية الحكم الأبيض )ياللروعة إن المستقبل أسود(».
فهل يمكننا نحن أن نتساءل مع الشاعر الأفريقي بدهشة بعد فترة من الزمن ... أيضاً.
يا للروعة إن المستقبل ...
لنترك ضيوفنا يتكلمون.
جاء ذلك بجريدة اليوم التي تجمعني بعادة مطالعتها الصباحية كخبز الإفطار ود قديم ووفاء يتجدد لبساتين القطيف وعيون الاحساء وبحر الخليج الذي لم يفقد القدرة يوماً على جمع البحارة والقراصنة معاً على حب مِلحه ومُلاحه.
وكانت تلك الشهقة الطفولية لروعة المستقبل الأسود مقدمة تحقيق الصفحة الأخيرة لعدد الخميس الماضي 12/5/1422ه عن النساء والصحافة.
ولا أدري لماذا تردد المحرر ان يعيد صياغة السواد بهيئته الشامخة الجديدة كما يمثلها النساء اليوم في مجتمعنا السعودي وقد اقتحمنا مجالات الفضاء الخارجي للعمل والمشاركة الثقافية والاقتصادية والاجتماعية بأبعادها المتعددة، يسبقهن نورهن الأسود الى اجتراح صباح جديد للوطن.....
إلاّ أن تلك الصياغة التساؤلية التي طرحها المحرر المجهول كالجنود البواسل، وتركت جريدة اليوم لضيفاتها حرية ملء فراغها كانت كافية لإشعال الخيال والذاكرة معاً بملايين الأطياف السوداء للنصف الغائب من الصورة.
وإذ إن كلاًّ من الزميلتين العزيزتين من الساحل الشرقي إلى الساحل الغربي، الاستاذة شريفة الشملان والاستاذة أمجاد رضا قد اجتهدتا وأجادتا في بسط تلك العلاقة الشائكة الشائقة بين النساء وبين البلاط، الصحفي بالطبع، فإن ما هيج شجنى الشعري كهديل الحمام الذي يقطر على جرح طري هو روعة ذلك المستقبل الأسود الذي ينبلج اليوم بثقة فجر الصحراء فيضرجها بالماء.
ü المرأة في الفضاء الخارجي:
أسراب من سنا السواد تنسرب في شرايين المدن وأوردة القرى وتشب شموساً سوداء.
ü المرأة في الفضاء الداخلي:
حباري من حرائر النساء تعلق ريش عباءتها السوداء عجلى على المشاجب خلف الباب وتنهمك أو تنهمر في المشاغل البيتية، في إرضاع الصغار وفي محاولة إعادة فطام الكبار وفي إعداد اجيال سيؤول اليها مصير البلاد.
المرأة في السياسة:
سواد أعظم يهيىء لنهار يدنو .. يدنو، يدنو كما تدنو من الظمآن نوافير السراب.
المرأة في الاقتصاد:
ذهب أسود تدفق من الآبار.. أم نساء يدخلن من الباب الخلفي للعمل الاقتصادي ولإدارة عجلة الإنتاج فيتغير اتجاه الباب.
المرأة في المستقبل:
يخطىء الذين يعتقدون أن المرأة تاريخياً في بلادنا كانت عاطلة عن العمل، مبعدة عن المشاركة في أي قرارات مصيرية، فلما جاء البترول فجأة اخرجها من ظلمات الصحراء إلى كهرباء المدن.
كما يخطىء الذين يعتقدون ان المرأة حاضراً قد حققت حضورا يمحو فجوات الغياب.
وبين الاعتقادين تطل ملايين من أطياف اللون الأسود الذي لا تحصى درجات قزحه السوداء.
فيا لسواد النخيل في الاتجهات الأربع للبلاد.
نساء ورجالٌ يحثون الخطى إلى مستقبل من صنعها.. ولله الأمر من قبل ومن بعد.
|
|
|
|
|