| المجتمـع
*تحقيق ظافر الدوسري:
الإنسان البشري عبارة عن جملة من الانفعالات والتصرفات التي يرتبط بعضها ببعض، لذا فإن أي موقف يتعرض له الشخص قد يحرمه من ممارسة حياته بشكل طبيعي، كالذين لا يستطيعون قيادة المركبة خوفاً ورهبة ، بمعنى أنها حالة نفسية يعيشها الشخص.. وعن أسبابها ووصف تلك الحالة فقد التقت الجزيرة ببعض من يعاني هذه الحالة ورأي الطب النفسي في امكانية علاجها وذلك من خلال التحقيق التالي:
ضغط نفسي
في البداية تحدث لنا محمد الصوفي 28 سنة أعزب من محافظة الجبيل ويعمل في احدى الشركات الخاصة حيث أبدى عدم رضاه عن حالة عدم الاستقرار التي يعيشها التي تؤثر سلبا على مسيرته الحياتية والعملية مما جعله يعاني معاناة أليمة من جراء التنقل يوميا مشيا على الأقدام من البيت الى العمل الذي يبعد 20كم وهذا يسبب له ضغطاً نفسياً رهيباً ويساهم بصورة أو أخرى في عدم ظهوره كأي انسان عادي ذلك بسبب حالة فقدان التركيز والارتباك وسط المدينة وأردف الصوفي قائلاً: إنني أملك الكثير من المهارات والمعرفة بالسيارات لا يمتلكها الذين يجيدون قيادة السيارات وقد كنت قاب قوسين او ادنى من احتضان مقود السيارة إلا أنني وللأسف عدت لحالتي السابقة التي ابعدتني لذلك فأنا أحاول نقل عملي من هناك حتى أتفادى تلك المعاناة.
يعقد العزم ويفشل
أما حابس مسفر الحارثي 37 سنة من محافظة الخرمة فقد رمى باللائمة على اسرته في معاناته الاليمة التي يعيشها من محاولته زرع الثقة والثبات على الامساك بمقود السيارة وقال انني حاولت مرارا قيادة السيارة لوحدي لكني أضطر الى ان اقف كثيرا في الطريق وأنزل من السيارة خوفا من عمل حادث مروري ما يضطرني للعودة الى المنزل اما بسيارة أجرة او أركب مع أي شخص آخر كما أنني أصاب بالدهشة من ذلك بعد أن أعقد العزم على المواصلة بالرغم من الحوافز والدعم الذي أجده من البعض.
حاجيات أسرته
اما معتوق الخالدي 35 عاما من مدينة سيهات أب ل6 أطفال يعمل في سوق الخضار بالدمام فيقول: أواجه عناء كبيراً في قيادة السيارة داخل المدن خصوصاً التي تشهد ازدحاما كمدينة الرياض وجدة والدمام خصوصاً في نهاية الاسبوع وبسبب شدة الزحام هناك اصبحت افضل الوقوف بعيدا والمجيء للسوق مشيا على الاقدام للتخلص من هموم زحمة السيارات لكن من المهم ايجاد ارصفة ومناطق عبور تستوعب حركة المشاة وفصلها عن طريق السيارات اضافة إلى ان بعض المناطق الهادئة تحفز السائقين على السير بأمان. فالمدن وزحمتها اصبحت موحشة ولم تعد القيادة بهذه السهولة في هذا الزمان،
الحوادث المرورية
ويشير وحيد علي المنسف 24 سنة من محافظة الاحساء الى أنه منذ الصغر وحتى الآن لم يتعلم ولم يحاول قيادة السيارات ويبرر ذلك الى وقوع بعض الحوادث المؤلمة لأفراد أسرته وما سببته من وفيات وعاهات ولدت عنده حالة نفسية وخوفاً شديداً من احتضان مقود السيارة اضافة الى انه كان ميّالا الى العزلة والركون بالمنزل معظم الوقت وغير مختلط مع الاصدقاء والتولع بقيادة السيارات والترفيه بها.
حادث جبال الجنوب
جمعان الزهراني 45 سنة أعزب ويعمل حارساً بمدرسة بالدمام يقول: لي أكثر من 17 عاما وانا لم أقد السيارات بعد ان وقع لي حادث انقلاب في أعالي احد جبال منطقة الجنوب واصبح منظره يراودني لمدة طويلة لم استطع نسيانه ناهيك عن عدم ركوب السيارة بتاتا لكن بعد هدوء المصيبة التي وقعت فيها استطعت ان اركب السيارة كراكب فقط ولم اعد اقود السيارات بتاتا واردف قائلاً: احمد الله انني انعم بموهبة وقدرة على صيانة معظم السيارات سواء ميكانيكيا أو كهربائيا باقتدار، لذا يفرح ويود الكثير ان اسافر معهم لأنهم يطمئنون بركوبي معهم لأنه في حالة تعرض سياراتهم لأي اعطال او توقف غير متوقع لاقدر الله يصعب على الشخص العادي اصلاحه بل اعتز انني اجد مكانة ومعزة كبيرة بين الاقارب والاصدقاء لمهارتي في صيانة السيارات ، لذا فانه عندما ارغب في الذهاب لأي مكان فانهم يفرحون بخدمتي.
لايستطيع الرجوع للخلف
عويضة آل شبيب 40 سنة يقول: انا
لا استطيع القيادة داخل المدينة إلا إذا كنت اريد الذهاب الى مدينة معينة اطلب من شخص قريب لي كي يوجّه سيارتي على الخط السريع وفي اتجاه المدينة التي ارغبها بعيدا عن زحمة المدينة، كما أنني حينما اضطر للرجوع للخلف اذهب الى مكان بعيد وفي ساحة كبيرة واقوم بدوران السيارة حيث لااستطيع ان ارجع بالسيارة الى الخلف وانا على هذا الحال منذ مدة طويلة ولم اقع ولله الحمد في أي حادث ما.
خدمة أقاربي
عبيد الله المطيري 51 سنة أب لتسعة أولاد لم يقد السيارة بتاتا وعاش حياته بدونها حيث يقول: انا عشت في البداية وتوفي والدي وأنا صغير وعشت بين أقاربي ولم يكن هناك سيارات كثيرة او متوفرة كما هو في الوقت الحالي وعندما انتقلت لمدينة الجبيل وعملت في عدة اماكن ومن ثم تزوجت كان أقاربي كثيرون لم أحتج لقيادة السيارة بل أطلب منهم بان يوصلوني لأي مكان أريده ولم أتعرض لموقف محرج سوى أنه مرضت زوجتي يوما من الأيام في آخر الليل ولم استطع ان اكلم أي شخص في وقت متأخر من الليل فاضطررت للذهاب الى المستشفى واحضار الاسعاف ومن ثم نقل زوجتي للمستشفى والحمد لله أنها تلقت العلاج في الوقت المناسب ولم تصب بضرر.
وأضاف المطيري قائلاً: وبعد أن كبر ابني عادل أدخلته لدى المرور لتعلم قيادة السيارات ومن ثم حصل على رخصة القيادة ومن ثم اشتريت له سيارة ليقودها ليخدمني ويخدم أهله .
رأي الطب النفسي
يقول اخصائي الطب النفسي ابراهيم مالك عن نفسيات وسلوك هذه الفئة: ان العديد من حوادث الطرق لا تكون بسبب السرعة الجنونية او فقدان الاتزان او الاعطال الميكانيكية المفاجئة بقدر ما يفقده السائق لعملية التركيز اثناء القيادة، اذ ان التركيز ضرورة حتمية في عالم السيارات بيد ان كثيراً من الناس يعانون من فقدان القدرة على التركيز خصوصا اذا كانت طبيعة القيادة فيها قدر كبير من الرتابة والملل.
ويعد قدر التركيز المطلوب لأداء مهمة ما أمراً نسبياً يختلف من شخص الى آخر، فقد يتطلب من بعض الناس مجهوداً ذهنياً بسيطاً بينما يتطلب من البعض الآخر الحد الأقصى من تركيزهم مما يجعله قلقاً مرتبكاً ومشوشاً بل محبطاً في كثير من الاحيان وتبدأ السلبية في الولوج الى نفسه وقد يؤدي هذا الهبوط الى خلق حالة اعمق من الكآبة والاحباط التي تستمر فترات أطول من المعتاد. والاحباط يستنفد طاقة الانسان وقواه ويجعله كمن يشق طريقه في الوحل، ومتى أحس الانسان بالاحباط فقد اهتمامه وولعه بكل ما يدور من حوله كهؤلاء الذين لا يرون أهمية القيادة ودورها لأي شخص كان بالمجتمع ولك ان تعرف مدى محاولة المعاق لقيادة السيارة فما بالك بالانسان السليم المعافى.
ويضيف ابراهيم مالك قائلا: ان هؤلاء الاشخاص يعانون من نقص في الانضباط الذاتي اذ يأتي الانضباط والسلوك الجيد كقيادة السيارات المعتادة والمعروفة من ضبط النفس ، وهذا يعني أنه يتعين على الشخص السيطرة على صفاته السيئة، وقبل ان ينجح في السيطرة على ظروفه يجب ان ينجح في ضبط نفسه، وتعد هذه من أصعب المهمات التي يواجهها الانسان، وكل هذه الاعراض يمكن معالجتها عبر مراجعة طبيب الامراض النفسية لأن الأمر لا يتعلق بقيادة السيارة فقط وانما اشياء أخرى لها دور كبير في كثير من جوانب حياته الاجتماعية والعملية وسوف يكشفها الطبيب وحينها يعرف المريض حقيقة نفسه ومرضه وعلاجه سهل ومتوفر بعيادات الامراض النفسية.
|
|
|
|
|