| مقـالات
ما يسمى ب «تحضير الأرواح» أكذوبة كبرى تمارس في دول عربية.. تحت ثقل الغش والخداع.. يباع الوهم على الأمي والمتعلم.. الفقير والغني.. الرجل والمرأة.. يغيب أو يُغيب عقل الإنسان «الضحية» في متاهة الوهم والأحلام فلا يستطيع الانفكاك من براثنها إلا بعد أن ينفق آخر قرش من مدخراته على من يلتهمه بهدوء وفي صمت.. وبعد أن يخسر الدنيا والآخرة بتجاهله طهر الدين.. وصفاء العقيدة.. واستسلامه لأضاليل وأوهام يروِّج لها من لا عاصم له من دين أو ضمير أو خلق!!
* هذا التهافت المجنون على من يدعون تحضير أرواح الموتى من السحرة والمشعوذين والدجاجلة.. هذا التهافت على لعبة اللامعقول هل كان له أن يدوم لو استيقظ العقل ومارس سلطته الواعية؟! هل كان ليستمر هذا التمادي في الباطل لو كان في النفس ذرة إيمان بالله وقضائه وقدره؟
* هل كان يُقدر لهذه الدوامة الخبيثة.. والموجة المحمومة أن تنتشر لو وجدت من ينصح ويرشد ويحذر.. حكومات وعلماء.. ورجال تربية.. وفكر.. وإعلام.. بالأسلوب الصحيح الواعي والمسؤول لوجه الله وليس لوجه الإثارة وتحقيق زيادة مبيعات أو قراء ومشاهدين؟!
* إذا كان الفرد في الغرب.. أو الشرق أو في أي بقعة أخرى من الأرض لا تدين بالإسلام منغمساً حتى أذنيه فيما يسمونه بالروحية او الروحانيات.. وهي التسمية التي تطلق على التحضير المزعوم للأرواح.. إذا كان هذا الفرد كذلك فقد يكون له عذر نتيجة الفراغ الروحي الذي يعيشه.. والضياع والأزمات المتلاحقة.. التي تدفع الإنسان الى مثل هذا المنزلق الخطير فإن المسلم الذي كرَّمه الله بالإسلام عقيدة ومنهج حياة لا عذر له في اللجوء الى غيره.
* إن الموجة التي ظهرت في الستينيات الميلادية اختفت بعد أن تصدى لها علماء.. ومفكرون مسلمون يفنِّدون الأكاذيب.. ويدحضون المزاعم.. ويؤكدون ما جاء في القرآن الكريم «قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا» وما ورد في السنة المطهرة من أنها لا تعود الى البدن بعد الموت إلا وقت السؤال.. ثم تنتقل الى عالم البرزخ الى أن يشاء الله جلَّت قدرته.. وهي في كل الأحوال من عالم الغيب الذي لا يدركه ويعلمه إلا الله وحده.. وهو أمر أكده شيخ الإسلام ابن تيمية، يرحمه الله مستندا على أحاديث صحيحة.. كما أثبت علماء معاصرون أن الصوت الصادر في جلسة الأرواح المزعومة مصدره أجهزة الكترونية.. أو قرين الشخص المتوفى.. وقد صدرت وقتها عدة كتب فضحت أساليبهم.. وكشفت طرقهم الملتوية.. أما وقد أصبحت أخيرا حديث المجالس والمنتديات فإن أخشى ما أخشاه في ضوء ثورة المعلومات وتقنية الاتصال ان تنتشر كالوباء.
* يقول أحد المفكرين العرب: «نظرا الى أن الله سبحانه وتعالى أعطى الشياطين القدرة على التشكل على غير الصورة التي خلقهم عليها فإن بإمكانهم اتخاذ الشكل الذي يريدونه.. وما دام ذلك كذلك لماذا لا نلقي عليهم مسؤولية العبث.. والشغب الذي يحدث في حجرات التحضير؟ لماذا لا نقول إنهم هم الذين يكلموننا.. ويداعبوننا.. ويرفعون الكراسي.. ويحركون أقلام الرصاص.. ويوهموننا أنهم أرواح موتى؟!».
* أعرف أن من بين الذين يلجؤون الى هذا الضلال من يعاني مشاكل أفرزتها طبيعة الحياة.. واشتباك المصالح.. وتنوع الأهداف والأهواء فلما استحكمت حلقاتها في نفسه الضعيفة.. وسيطرت على إرادته المستكينة استسلم بطواعية واختيار لمن لا يراعي في الله إلاً ولا ذمة مع أن كتاب الله فيه شفاء.. وهدى.. ورحمة.. وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم «محجة بيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك».
algnaieer@yahoo.com
ص ب 3434 الرياض 11471
فاكس 4785339 01
|
|
|
|
|