| مقـالات
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد:
فإن الموت سنة من سنن الله في خلقه أمضاها في الأولين والآخرين، ولا اعتراض على حكم الله فكل نفس ذائقة الموت ولا مفر من هذه النهاية، فهي المصير المحتوم على عباده في هذه الدنيا الفانية. قال تعالى: «الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا». فهذه حكمة الله من هذه الحياة والسعيد من أدرك هذه الحكمة وعمل بمقتضاها وسار على طريق الهدى والرشاد لينال رضا رب العباد.
فالموت حتم لازم ونهاية كل حي. قال تعالى «وما كتبنا لبشر من قبلك الخلد أفئن متَّ فهم الخالدون» فهذا إخبار من الله عز وجل بأنه قضى على عباده الموت ولم يخلد بشر من قبل ولا من بعد.
وبالأمس القريب فجعنا برحيل أمير كريم كان لي شرف اللقاء به قبل رحيله بأيام قليلة في جمعية البر الخيرية بمحافظة رماح عندما كان زائراً للمحافظة، وقد قام سموه يرحمه الله فور وصوله بزيارة جمعية البر الخيرية بالمحافظة بمبادرة كريمة من سموه وحرصاً منه رحمه الله على أعمال الخير وتفقد أحوال الضعفاء والمحتاجين في كل مكان يذهب إليه كما سأل سموه عن الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمحافظة رماح وإن دل ذلك على شيء، فإنما يدل على حرصه رحمه الله على تعلم كتاب الله وتعليمه.
وبصفتي رئيساً لجمعية البر الخيرية والجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم كنت في استقبال سموه لدى زيارته الجمعية للوقوف على ما تقدمه من أعمال خيرية في المحافظة والمراكز والهجر التابعة لها. ولمست في سموه تواضعه الجم وبشاشته وسماحة محيّاه مع كل من كان في استقباله.
وقد سألنا رحمه الله عن أحوال الفقراء كما سألنا عن المعسرين ولمسنا في سؤاله الرغبة الصادقة والأكيدة في عمل الخير ومساعدة الآخرين، ولم تكن زيارته يرحمه الله مجرد زيارة مسؤول أو شخصية معروفة وانما كانت زيارة أخ عطوف لكل الضعفاء والمحتاجين، يمد يده الكريمة ليبلسم جراح القلوب التي أدماها الفقر وكسرتها الحاجة.
فكان تبرعه السخي لجمعية البر الخيرية وللجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم ووعده الكريم يرحمه الله بأن يكون هناك تبرع سنوي من سموه ولكن الموت لم يمهله حتى يفي بوعده.
وكم كان خبر وفاته يرحمه الله مؤلماً على النفس ولم أتأكد من الخبر حتى جاءني من يؤكد لي ذلك ويسلمني الأمانة التي أعطاها إياه قبل وفاته بيوم واحد لتصل الى مستحقيها ويخبرني بأن الأمير قد توفي رحمه الله ولم أتمالك وأنا أنظر إلى توقيعه الكريم إلا أن أدعو الله له بالرحمة والمغفرة وأن يجعل هذا التبرع في ميزان حسناته وان يدخله فسيح جناته، وأن يلهم والديه وأهله الصبر والسلوان. فكما ملأ القلوب حباً واحتراماً له ملأها خبر وفاته حزناً وألماً على فراق الأمير الشاب، وتجلى ذلك بما رأيته من خلال تشييع جنازته إلى المقبرة وكثرة المعزِّين وتوافدهم على قصر والده.
فالحمد لله على قضاء الله وقدره و«إنا لله وإنا إليه راجعون».
المحاضر بكلية الملك فيصل الجوية
|
|
|
|
|