| الاقتصادية
عندما تود جماعة أو منظمة إنشاء أو تأسيس عمل أو مشروع ما، فمما لا شك فيه ان من الخطوات التي تعتبر أحد مقومات النجاح هو ايجاد التنسيق فيما بين الفريق من أعضاء هذا العمل أو ذاك المشروع، سعياً إلى إنجاحه بكافة السبل المتاحة، أما في حال انعدامية أو ضعف التنسيق بينهم تظل بوادر النجاح المؤملة لا وجود لها، وبالتالي يفقد الجميع أملاً كان من المؤمل له النجاح خصوصاً إذا كان هذا العمل أو المشروع قد أعد له إعداداً قوياً ومكلفاً «مالياً ومعنوياً»، ومشاريع السعودة التي أعد لها الكثير من التنظيمات والقرارات على كافة المستويات وكذا مصاحبة الجهود المشاهدة من قبل اللجان العامة للسعودة في المناطق والمحافظات، دليل على الاهتمام بهذا المشروع الوطني الواجب الإتيان به من ناحية والمضي قدماً في دعمه وايجاد السبل الكفيلة بتطويره من ناحية أخرى،
ولعلنا نتطرق لآلية التنسيق عن موضوع السعودة، ولتكن بداية طرحنا في ذلك حول تحقيق صحفي أجرته جريدة «الجزيرة» في عددها رقم «10506» ليوم الأربعاء الموافق 13/4/1422ه، وكان بعنوان «في إطار معوقات السعودة، ألغاز وأحاجي في اختبارات القبول للكلية الصحية بجازان» وقد استضافت الصحيفة في ذلك التحقيق عدداً من الطلبة الحاصلين على اتمام الدراسة الثانوية العامة القسم العلمي والراغبين الالتحاق بالكلية الصحية بجازان، وقد كان تحقيقاً يبشر بخير كبير عندما قرأت في ثناياه اندفاعية هؤلاء الطلاب وهم يصرون على القبول في تلك الكلية إيمانا منهم بحاجة وطنهم لهم، وانه لا غنى عن أبنائه مهما قصر أو طال الزمن، وقد فهمت ان أحد المتقدمين قد حصل على تقدير عام «ممتاز» وبنسبة 94% في مؤهله الثانوي، في الوقت الذي كانت النسبة المطلوبة من الكلية هي 85%، كما قد تجاوز الاختبار التحريري باقتدار والمعد من الجهة المكلفة بعمل المقابلات الشخصية للمتقدمين - على حد ما ذكر في التحقيق الصحفي -، ويذكر ايضا هذا الطالب ان هناك مفاجأة احبطت معنوياته ألا وهي رهبة المقابلة الشخصية والاستفزازات التي تحدث جراء ما يجري في المقابلة والتي يستغرب منها هو وغيره من زملائه الطلاب المتقدمين للتسجيل في الكلية، ويستطرد قائلاً ذلك الطالب انه متقدم للدراسة في تخصص العلوم الطبية وتخصصه ايضا في الثانوية العامة هو قسم علمي، وذهبت به أسئلة المقابلة الشخصية حول المواد الاجتماعية وأسئلة ذكاء!!، في الوقت الذي يظن أنه حتى المكلفين بمقابلته غير مؤهلين في اطروحات المقابلات الشخصية، فضلا عن وصف المقابلة الشخصية بالشبح الخطير، ويتساءل قائلاً كيف لنا تحقيق السعودة في الوظائف الصحية وهناك عراقيل كبيرة تقف حجر عثرة أمام السعودة ووظائف القطاعات الصحية بالذات، واختتم قوله قائلاً: انني الآن ألزم المنزل ولم تغفر لي نسبة نجاحي التي هي 94% تاركاً امره لله عز وجل ثم ثقته في ولاة الأمر لتحقيق أمنيته،
من هنا نستشف جميعا ان كان القراء يشاركونني الرأي، وهو الملاحظ ان هناك انعدامية في التنسيق او ضعف في ذلك على أية حال بين المنادين بضرورة سعودة الوظائف وبين القطاعات التعليمية عامة، وأود القول انه بالرغم من مشاركاتي العديدة في المؤتمرات والندوات المتعلقة بشئون وشجون السعودة ولم أجد سبباً أو جواباً شافياً يثبت ويبرهن وجود الأسباب التي تحول دون ايجاد آلية أو آليات تنسيق عالية المستوى بين من ينادي بالتوظيف وبين المؤسسات التعليمية التي لاتزال غير قادرة على استيعاب اكبر عدد من خريجي التعليم العام وكذا إحداث تغييرات جذرية في مخرجاتها التعليمية التي جلها لا تتفق واحتياجات سوق العمل، لتحقيق آليات الالتحاق الميسرة بالجامعات في التخصصات العلمية والأدبية أو بكليات التعليم الفني، وكذا بالمعاهد أو الكليات الصحية التابعة لوزارة الصحة، فالتنسيق بينهما ربما ليس متوافراً على الاطلاق او توافره حسي فقط، وذلك التحقيق الصحفي يؤكد لنا ذلك، بحيث لو كان الأمر خلاف ما نقول لوجد اولئك الطلاب مكاناً لهم خصوصاً في قطاع تشير إليه التقارير ان نسبة الممرضين السعوديين في القطاع الصحي بالمملكة لا يتجاوز ما نسبته 1%، ويحتاج هذا القطاع إلى آلاف العاملين لسد الاحتياج القائم فيه وكذا لسعودة وظائفه، ولعلنا نلحظ ان انتقاد هؤلاء الطلبة المتقدمين للكلية الصحية بجازان عن آلية المقابلة الشخصية التي جرت معهم كانوا محقين فيما ذهبوا إليه من نقد نعتبره بناءً، بدليل ما أشار إليه سعادة مدير عام الشئون الصحية بمنطقة جازان حين قال ضمن هذا التحقيق الصحفي ان تطبيق سعودة الوظائف الصحية هدف استراتيجي لسياسة حكومتنا الرشيدة، مضيفا ان ذلك هاجس كل مواطن، ويذهب سعادته إلى ما ذهب إليه اولئك الطلاب مطالباً باعتماد مقومات أساسية لتطبيق مفهوم السعودة، وأشار إلى ان من ضمنها الغاء المقابلات الشخصية، معتبراً انها تمثل شبحاً مخيفاً للطلاب،
والخلاصة هنا انه إذا ما استمر غياب استراتيجية التنسيق بين الجهات الحكومية من المعنيين بالإشراف على مشاريع السعودة وبين القطاعات التعليمية عامة سوف نلحظ ان عملية الإحلال التدريجي للعمالة الوطنية محل العمالة الوافدة تسير وفق آليه ضعيفة الأداء وغير محققة للآمال المتوقعة، ومهما صاحب ذلك المزيد من التنظيمات والقرارات المنادية بالسعودة، لأن غياب التنسيق بين الجميع مؤداه قلة او انعدامية النجاح،
* الباحث في الشئون العمالية
للتواصل فاكس 4560386/01
ص، ب 10668 الرياض 11443
|
|
|
|
|