| الثقافية
منذ أن برز مصطلح النقد الثقافي يعد الدكتور عبد الله الغذامي من أول ،وأهم أعلامه داخل الوطن وخارجه ولاشك أن هذه الاولوية والأهمية كانت دليل مثابرة وجهد ذهني وعقلي واخلاص في اداء العمل ولقد يعجب القارئ لمؤلفات الدكتور عبد الله من حيث النسق النقدي الذي تسير عليه والمنهجية المتواثبة نحو نمطية الارتقاء المتجدد.
هذا ما أشعر به تجاه مؤلفات الدكتور الغذامي غير اني في هذه المقالة سوف أطرح عدداً من التساؤلات من خلال قراءة لكتاب )النقد الثقافي( محاولا الاستشهاد من هذا الكتاب على ما أريد بيانه وبعد سأترك الاجابة للدكتور الغذامي عليها متى شاء.
يسجل الغذامي في كتابه النقد الثقافي آراء كثيرة منسوبة الى اصحابها ويستصحب كذلك نقولات أخرى يتناولها بالطرح التحليلي بحيث يدرك القارئ ان الغذامي نفسه يتوافق معها ويؤمن بها ساعيا من وراء ذلك الى ترسيخ مفهوم النقد الثقافي وتوضيحه ومحاولا رسم نظرية يختط بها منهجه في التعامل مع رموز ثقافية راقية، رغم أن تلك الآراء غائبة عن عقلية المتلقي، وان كانت تلك الآراء حاضرة فهي غير مفهومة في ذهنه ومن هنا سوف تتوالى التساؤلات حول هذه الآراء وتلك النقولات. ولاشك ان هذا الغموض سوف يعيق مبدأ التواصل بين المرسل والمرسل اليه والسؤال الذي أطرحه على الغذامي هو: كيف يمكن ترسيخ النقد الثقافي في ذهن المتلقي وهو خالي الذهن من أي أطروحات أو نظريات يقوم عليه ذلك النقد؟ ومن ثم هل يمكن ان تتوافق الذهنية العربية مع تلك الآراء وكيف يمكن أن تواجه المسلمات التي تؤمن بها تلك العقلية؟ وفي خضم هذا كله يبرز تساؤل آخر هل الغذامي نفسه انساق وراء «الاعلانات» العالمية للنقد الثقافي بحيث يصبح الغذامي وكأنه ذلك النقد بتلك السمات؟ وهل هذا الانسياق خيار خاص أم أنه توجيه قسري لقوى لا سيطرة له عليها؟.
ومن جهة أخرى يسعى الغذامي من خلال هذا الكتاب لتوجيه الانظار نحو المهمَل والمهمَّش والسعي من أجل ابراز ذلك بحثا من أجل الديموقراطية والنقد الجريء ولاشك ان هذا البحث سوف يكشف امامنا طرقا واسعة من الهيمنة المرفوضة حيث يصبح ذلك المهمَل اصلا فيقف شامخاً أمامنا متحديا بذلك كل الاسس والثوابت ، وهنا تتحول الفحولة الاصيلة المرفوضة الي فحولة مهملة هامشية، هذا التحول سيشكل خطراً هادماً لما يفيد الأمة وما تسعى اليه. ان هذا التحول يشكل تساؤلا مهما أمام الدكتور الغذامي هو: هل الهامشي والمهمل يفيدان الأمة في رقيها، وإذا كان فما هذه الفائدة؟ وعندما يكون هذا الهامشي أصلاً هل سوف يزيل الفحولة المزعومة للأصل الأول؟
إن هذه التساؤلات وغيرها خطرت عندما قرأت النقد الثقافي للدكتور الغذامي هدفي منها الخلوص الى الحق واتباعه ما دام سوف يعيدنا الى الاصل المفقود!.
وختاما أشير الى شيء معلوم هو أن الاهتمام بالمهمل والهامشي لم يكن غائباً عن كتاب العرب قديما، ولعل أبرز أولئك الكتاب هو الجاحظ الذي ألف كتباً كثيرة تتكلم عن البرصان والعميان والبغال وغيرهم من الطبقات الهامشية ولاشك أن هذا الاهتمام له بُعد ثقافي لدى الجاحظ وغيره!.
أحمد سليمان اللهيب
|
|
|
|
|