| مقـالات
لماذا بكينا فهد بن سلمان.. لماذا بكاه الذين يعرفونه.. والذين لا يعرفونه.. هناك كتاب رثوه بكلمات في منتهى الحسرة والألم وهم لم يقابلوه ولم يجالسوه، ولم يشاهدوا تعبيرات وجهه لرؤية المكلوم، والضعيف ولم يقرأوا صفحة قلبه.. تعبيراً من وجهه لسماعه عن غير القادرين والمنكوبين.. فما بالك بمن جالسه وعايشه، وسمع نبرات صوته ورأى تعبيرات وجهه، لذلك بكته هذه الأرض الطيبة، وبكاه الجيران.. بكيناه حقاً لانه لم يؤذ أحداً، ولم يتسلط على أحد وساعد كل أحد وصلته شكواه.. ولأن أباه سلمان، شيخ نجد، وجبلها الأشم.
لقد عشت مع والده فترة ليست بالقصيرة.. فعرفت فيه الأمين والصادق والصابر والمؤدب، والموجه، والحنون، والقاسي من أجل تعديل المائل.. لكنه يظل الرجل صاحب القلب الكبير، الذي لا يحمل حقداً ولا حسداً.
لم استطع مقابلة سلمان، لأن المصيبة الكبيرة تكبل أقدام الكثيرين وتلجم ألسنتهم، وتذيب وجداناتهم، وتأسرهم في بوتقة الجبن.. الجبن من مردودات الموت لا أريد أن أرى الرجل القوي وهو يواجه الموت الذي اختطف أكبر أبنائه استجابة لإرادة الله وسلطانه وقوته، وهكذا الناس المؤمنون حقاً بربهم.. يستكينون أمام قضائه وارادته.. لكنني حاولت.. لكنني فشلت، لقد دمعت عينا أفضل خلق الله على ابنه ابراهيم وقال عباراته الخالدة القلب يحزن والعين تدمع.. وانا والله لفراقك يا إبراهيم لمحزونون، ولا نقول الا ما يرضي الرب..، فكيف لا تدمع عينا سلمان، وكيف لا يألم قلبه، وكيف لا ينصدع فؤاده، لذلك.. عجزت عن لقاء جبل نجد الأشم الذي عرفته وهو في السادسة والعشرين من عمره، رجلاً قوياً حاكماً صادقاً، عادلاً، تصعد على رأسه وكتفيه مشاكل أشرس القبائل وأقواها فيحلها بكل صبر وجلد وقوة. لكن يظل الموت.. هو المسيطر، ولا تقف أمامه أصلد الجبال وأقواها.. فليعذرني سيدي.. ويكفينا ما نراه يومياً في الصحف من مقالات رثاء صادقة، ورحم الله ذلك الابن البار ذاك الشهم النبيل، الذي كان بلسماً للفقير، وعوناً للضعيف ومتواضعاً للكهل، ومحباً للخير، ومراقباً للدار الآخرة، وكأنه يعلم أن أجله قد اقترب اسكنه الله فسيح الجنات، ولا راد لداع دعوته له.. والله المستعان.
|
|
|
|
|