| مقـالات
فهد بن سلمان بن عبدالعزيز كوكب أضاء سماءنا هنيهة ثم هوى، وتركنا من هول الفاجعة نغمض أعيننا ونفتحها لنتأكد إن كنا حقاً في حلم أم في واقع. ففهد كان فقداً كبيراً للجميع.. لم يفقده أبوه سلمان وحده بل فقده آباء كثيرون كان يشعل في طريقهم شموعاً وينيرها براً وتقوى... ولم تفقده أمه سلطانة وحدها بل فقدنه أمهات كثيرات كان لهن الابن البار والسند القوي بعد الله عز وجل... لم يفقده أبناؤه وزوجته بل فقدته آلاف العائلات التي ثكلت وحزنت لفقده حتى أنها لم تصدق من هول الرحيل ما حل بها... ولم يفقده أشقاؤه وشقيقته وحدهم بل فقده شباب ونساء كثيرون وبكوه كما بكت الخنساء صخراً لأنه كان لهم أخ «الفزعة» في وقت الضيق والكرب... ولم تفقده الأسرة الحاكمة وحدها بل فقده الشعب السعودي بأكمله، شيباً وشباباً، رجالاً ونساءً.
كان فهد ابتسامة مرسومة على شفاه المحتاجين والمعوزين وبلسماً شافياً لهم كلما اتسعت دائرة ألمهم ومعاناتهم... وكان فهد بن سلمان عنواناً كبيراً مسطراً على صفحة هذا الوطن يفاخر به شبابه في ساحات التضحية والكرم ونكران الذات وحب الآخرين. كان غيوراً على تراب الوطن، حريصاً على مصلحة البلاد، وساهراً على أن تكون أمته دائماً في ذرا المجد والعزة... فهد لم يكن فقداً لسلمان وحده بل كان فقداً للجميع في طول البلاد وعرضها.
إن الذين عرفوا فهد بن سلمان في حياته عن قرب يعرفون أنه كان منبع الوفاء وقدوة حسنة. ولا غرو فهو سليل أسرة كريمة المحتد طيبة المنبت ضربت المثل الأعلى في التفاني وخدمة الوطن وأهله. وهو إذ نهل من هذا الينبوع أصبح قريباً من قلوب الآخرين الذين حزنوا لوفاته وبكوه بحرقة في البيوت ووسائل الإعلام وبصفة خاصة الفقراء والمرضى والمعاقون الذين كان لهم بلسماً يداوي آلامهم وجروحهم. وهكذا كان فهد من الأخيار الأطهار الذين تتخطفهم يد المنون في ريعان الشباب وقبل إكمال المشوار العامر بالعمل والعطاء. وقد مضى فهد وتركنا حزنى مكلومين لفقده، فدائماً الموت يختار الرجال الذين لهم شأن والذين لهم مواقف عظيمة وهم محبوبون في قلوب الناس جميعاً...
فلقد مات فهد الإنسان وتركنا وحيدين... مات فهد الشهم النبيل ونحن في أمس الحاجة إليه... مات فهد الفارس الأصيل وتركنا وترك خيله بدون فارس... مات فهد الوطن. فإنا لله وإنا إليه راجعون... وإن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإنا عليك يا فهد لمحزونون.. ندعو لك بشآبيب الرحمة يا فهد وأنت في أعلى عليين مع الصديقين والشهداء بقدر ما أعطيت وبقدر ما أحببت الناس وأحبوك.
عبدالله بن صالح بن هران آل سالم - الرياض
|
|
|
|
|