| مقـالات
أخي العزيز وزميلي الغالي صاحب السمو الملكي الأمير «سلطان» ابن رجل الخير وفقيدنا المحبوب «فهد» وحفيد أمير القلوب والعقول ووالد الجميع صاحب السمو الملكي الأمير «سلمان» ابن موحد الجزيرة وصقرها الملك «عبدالعزيز» رحمه الله.
إنني أكتب لك هذه الكلمات وأنا لم أتعود على ذلك من قبل ولم يسبق لي ذلك، ولكن هول المفاجأة والصدمة الكبرى التي انتابتني حين سماع الخبر المؤلم، جعلتني لا أستطيع أعبر لك عن كل مافي قلبي في تلك اللحظة حين اتصلت بك من خارج «الرياض» وكل ما أذكره في تلك اللحظة أنني ذهبت مسرعا بدون شعور الى «والداي» لأخبرهما بذلك وأسألهما عما أقوله لك بعد أن عجز لساني أن ينطق شيئا لكن كان والدي أكثر مني تأثرا وعلى الرغم من أن والدي حاول أن يعلمني بعض الكلمات التي تقال في مثل هذه المناسبات، إلا أنني رغم ذلك عجزت أقول أي شيء وتوقعت أن ذلك ضعف في اللسان العربي، فاستخدمت اللسان الأعجمي ورغم ذلك فشلت في التعبير في تلك اللحظات المؤلمة، ولا أعلم حتى هذه اللحظة ماذا تحدثت معك، وماذا قلت لك، وبأي لغة كانت، لكن كل الذي ذكرته أنني بكيت كثيراً ودعوت لوالدك بالمغفرة، ولك ولإخوانك بالصبر والسلوان، ولهذا كله ولما لكم من منزلة خاصة في قلوبنا دفعني إلى محاولة ان اكتب ما يدور في عقلي وقلبي أنا وزملاؤك من ألم نشاطرك فيه، فالمصاب ليس مصابا لوحدك، بل كان لنا نحن «الشباب» جميعا، فكلماته التشجيعية لنا بمناسبة تخرجنا من«الثانوية» لهذا العام، وحثه لنا على مواصلة المسيرة وأن نكون خير ممثلين لديننا ووطننا، وأنه يعتبرنا بمثابة أبنائه.
هذه الكلمات العظيمة كانت بمثابة الدافع في رفع معنوياتنا كشباب في بداية الطريق، وكنا بحاجة ماسة جدا إلى مثل هذه اللفتة الأبوية التي كنا نفتقدها من حوالينا خاصة وكما تعلم ياعزيزي سمو الأمير أننا كلما أخبرنا أحدا بنجاحنا لم يقل لنا مبروك إلا بعد السؤال عن «النسبة» مما اغتال الفرحة في قلوب كثير منا، إلا والدك العظيم عليه رحمة الله الذي جعلنا نفرح بنجاحنا، والحدلله أنك يا «سلطان» قد أفرحت والديك وأقررت أعينهم بنجاحك وتقديرك العالي ولهذا فوداع والدك «فهد» بالنسبة لنا كان أمرا صعبا لأنه والد الجميع، ولكن مما يخفف المصاب أننا حين نودعه فنحن على يقين أنه لن يكون الوداع الأخير، بل سنلقاه إن شاء الله في مقر رحمته ودار كرامته «الجنة» حيث هناك النعيم الدائم والصفاء الخالي من أي كدر وليس هناك همّ امتحانات، ولاقبول ولانسبة نجاح ولايحزنون.
ولهذا فيا أميرنا الغالي والزميل الوفي«سلطان» إن الوفاء للوالد هو تحقيق أمنيته التي كان يحدثك بها دائما، وتكملة مشوار ما كان يتمناه لك، وتحمّل المسؤولية تجاه إخوانك ووالدتك بكل شجاعة وقوة كما عهدناه عنك، فالكبير لايضعف عند المصائب، بل تزيده قوة وصلابة وتبين معادن الرجال وانت واحد منهم وعزاؤنا فيك أنك من أسرة عظيمة طابعها التلاحم، كيف وانت حفيد «سلمان» الذي حدثتنا عنه طويلا في تلك الليالي التي جمعتنا بك في منزلكم العامر بالجود والكرم حينما تقول وتؤكد وتكرر مرة تلو الأخرى أن والدي«سلمان» يعتبر والدنا جميعا أفراد الأسرة وأنه على الرغم من مشاغله الكثيرة فإنه يتابعنا جميعا ويعرف كل صغيرة وكبيرة عنا وأنه بمثابة القدوة لنا جميعا والمشجع لنا على الالتزام على الطريق المستقيم وفعل الخير ومساعدة الآخرين، وويل لمن يقع في خطأ حتى ولو كان صغيرا جدا، إنه كان يسأل عنا وعن احوالنا ودراستنا ويعرف كل صغيرة وكبيرة عنا، إنه أمة في رجل، ورجل في أمة حفظه الله.. فالذي عنده مثل هذا الوالد لاشك أنه يخفف عنه المصاب العظيم والخطب الجلل، ليس هذا فحسب، بل إن شاء الله لن تفقد والدك وانت تراه متمثلا شكلا وروحا في أعمامك الذين كنت تفتخربهم دائما وتحدثنا عما وصلوا إليه من علم ومكانة ونجاح وجميعاً شاهدناهم في لحظة الدفن والعزاء وهم يحتضنونك بلمسة حانية تشعرنا جميعاً أن والدك لم يفارقنا لحظة واحدة.. بل ليس وحدهم في هذا الموقف العظيم بل الأسرة المالكة كلها وخير مثال على ذلك موقف صاحب السمو الملكي الأمير «عبدالعزيز بن فهد» وغيره من أفراد الأسرة في تلك اللحظات العصيبة وأثناء الدفن، بل وأبناء الوطن كلهم..
وهذا مما يشعرك يا سمو الأمير سلطان ونحن معك أن والدك لم يغب عنا، فهناك من يسد الفرجة، ويملأ القلب، وينسي الإنسان مصيبته.
أخي سمو الأمير «سلطان» حفيد «أبو فهد» ، وابن «فهد» وأبو «فهد» أرجو وأدعو الله أن يلهمك أنت وأخوك سلمان وإخوانك ووالدتك الصبر، والا تفت في عضدكم هذه المصيبة فنحن جميعاً مغادرون هذه الدنيا الفانية، ولاتنسوا الدعاء لوالدكم، وأن تعملوا على تحقيق ماكان يتمناه منكم فأنتم ينتظركم مستقبل مشرق إن شاء الله وكلنا أمل فيك ياسمو الأمير«سلطان» أن تعوضنا بشخصك عن فقد والدك فهد رحمه الله رحمة واسعة.. وقبل أن أنهي حديثي أتقدم بعزائي وعزاء عائلتي «الصقري» إلى مقام خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين، وسمو النائب الثاني حفظهم الله جميعاً من كل مكروه، والى والد الجميع صاحب السمو الملكي الأمير سلمان ووالدة الفقيد وإخوانه واخواته وأبنائه وبناته وحرمه والأسرة المالكة الكريمة.
وختاما لدي الكثير لأقوله لك، ولكن المقام لايسمح لي بذلك خاصة وأنت تعرف هشاشة «قلوبنا» وحينما أقابلك قريبا إن شاء الله سأقول لك ما بنفسي وبلغتي الخاصة بدون رتوش أو زخارف لفظية أو لغوية، فنحن في مرحلة «عمرية» ما في قلوبنا يظهر على ألسنتنا وليس على أقلامنا، مع دعواتنا لك بالتوفيق والسداد إنه سميع مجيب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخوكم ومحبكم
فارس بن صالح بن حمد الصقري
خريج الدفعة الأولى من ثانوية الأمير فيصل بن فهد رحمه الله لهذا العام.
|
|
|
|
|