| الثقافية
من الناس من إذا أنعم الله عليه شكر الله وحمده وحاول أن تُرى نعمُ الله ظاهرة عليه في ملبسه ومشربه ومأكله ومركبه.
ومنهم من إذا أنعم الله عليه كفر بنعمة الله وراح في بذخ واستعلاء على الناس وكأنما هو حر ابن حر وسائر الناس أبناء إماء. لاينظر إليهم إلا بطرف عينه وبنظرة فيها شيء من السخرية بهم والاستحقار بهم وكأنه لم يقرأ أو يسمع قوله تعالى في سورة العلق: «كلا إن الإنسان ليطغى. ان رآه استغنى. إن إلى ربك الرجعى» الآيات 6 ، 7 ، 8.
وهذا الذي يطغى إذا استغنى يقف أمام سائر الناس في أبهى حلله وقفة القائل لهم هل: منكم من يستطيع ارتداء مثل حللي؟ )في لهجة استعلائية وكبرياء يمقتها الله(.
ونحن في عصرنا هذا نرى بعضهم يتعالون على الناس بما رزقهم الله من مادة فيرون أنهم أحق بالسير في وسط الطريق بسياراتهم الفخمة ومركباتهم الفارهة وكأنما هم يقولون: هذا المسار من الطريق لنا وحدنا ويقفون في بعض المواقف الممنوع الوقوف بها وكأنما هم يقولون: المنع من الوقوف فيها لا يشملنا.
وحيث قد بعّضت في هذه الظاهرة الاستعلائية فإن هناك بعضاً ممّن من الله عليهم بوافر نعمته نراهم قد أعطوا النعمة حقها: وقدروها حق قدرها فلا استعلاء ولا كبرياء ولا ادعاء فوارق بينهم وبين سائر الناس مما أوجب لهم من الناس الدعاء بمزيد الفضل وجزيل النعمة.
ولقد صور كثير من الشعراء حالة الذين أنعم الله عليهم فاستعلوا على الناس وأظهروا الكبرياء والغطرسة.. فمن أولئك الشعراء الشاعر الفلسطيني صالح عبدالله الجيتاوي الذي قال في مستهل أرجوزة طويلة له:
ياراكب المرسدس الستمئة
تروح في مشمخرة ودمدمه
تجيء في فرقعة وزمزمه
تصول في الشوارع المزدحمه
تنقض مثل فاتك في ملحمه
حلّ لك المواقف المحرمه
أأنت وِلْدُ حرة مطهمه
والناس أبناد سويداء أمه؟ |
أحمد عبدالله الدامغ
للتواصل ص.ب 40138
الرياض11499
|
|
|
|
|