| مقـالات
الموت حق.. والموت نهاية الحياة لكل كائن حي من إنسان وحيوان ونبات وغير ذلك من الكائنات الحية.
والموت.. قدر كل شخص.. وطريق مسلوك لا بد من العبور إليه، والأعمار بيد الله، ولا يفرق الموت بين صغير وكبير وصحيح وسقيم.. فالآجال بيد الله «إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون».
فكم من عليل تم شفاؤه وعاش دهراً وكم من سليم من الأمراض والأعراض صحيح البدن، وقوي البنية، وتخطفه المنون في ساعة دونما أعراض.. أو أمراض..
تلك إرادة الله في خلقه.. ولا رادّ لقضاء الله.
أعود فأقول:
لقد خطف الموت الأمير الشاب فهد بن سلمان بن عبدالعزيز في ساعة مبكرة من صباح يوم مضى وهو على فراشه، لم يحس بأية أعراض أو آلام، وكانت صحته سليمة كما عرفنا وسمعنا عنه، ولكن الأجل المحتوم تلك إرادة الله..
ولقد كان لموت سموه المفاجىء أكبر الأثر والتأثير في نفوس المواطنين الذين فوجئوا بنبأ الوفاة، ولهذا فقد كان الأثر بادياً على الوجوه وقد شمل الألم والحزن جميع المواطنين على اختلاف طبقاتهم وأعمارهم وقد كان للآلاف المؤلفة التي ذهبت لمنزل سمو الأمير سلمان في المعذر مساء أول يوم من أيام العزاء أكبر شاهد على صدق مشاعر وأحاسيس المواطنين وتعاطفهم مع أميرهم المحبوب سلمان بن عبدالعزيز للتعبير عن مشاعرهم نحو الأمير الشاب الراحل طيب الله ثراه ، لأن له كما لوالده، محبة صادقة في نفوس الجميع لما عرف عنه من نبل وأخلاق عالية وإنسانية فريدة، فهو شاب جُبل على حب الناس وفعل الخير.. ولهذا فقد أحبه الناس وتألموا كثيراً عند رحيله المفاجىء.
لقد ذهبت مساء ذلك اليوم لمنزل صاحب السمو الملكي الأمير سلمان لمواساة سموه الكريم وتقديم واجب العزاء في فقيد الوطن الأمير فهد بن سلمان يرحمه الله وقد شاهدت الجموع المحتشدة التي تتدافع لتقديم العزاء وكان الموقف مؤثراً والمنظر عجيباً.. كيف تم تواجد هذه الأعداد الهائلة من مختلف مناطق المملكة؟! لكنها.. المحبة الخالصة والوفاء الصادق، فقد كان الجميع يشعرون بأن فهداً لم يكن ابناً للأمير سلمان بن عبدالعز يز وحده.. بل كان ابناً لكل مواطن في هذا البلد المعطاء المتكاتف؛ المملكة العربية السعودية حرسها الله وأدام عليها نعمة الأمن والاستقرار في ظل قيادتها الرشيدة. إنني تأثرت كثيراً عندما شاهدت تلك الجموع الغفيرة تتزاحم، ولهذا فضلت الجلوس والانتظار لفترة زادت على الساعتين حتى خفَّ الزحام إلى حد ما، فأخذت مكاني في صفوف المعزِّين حتى تمكنت من تقديم العزاء.. ولقد شاهدت شخصين سقطا على الأرض جرّاء الزحام وتم نقلهما وإسعافهما.. إنه منظر مؤثر ومشهد عجيب.. يؤكد مدى تلاحم هذا الشعب مع قيادته وأن الأمة السعودية.. أمة واحدة وأسرة واحدة.. نحمد الله على هذا. صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز؛ لقد كنت عظيماً في جميع مواقعك.. فقد تغلبت على البكاء رغم هول الفاجعة، لأنك شاهدت بعينيك المعزّين والكثير فيهم يذرف دمعه فأردت أن تكون أنت المعزِّي لا المعزَّى.. فيا لك من رجل كبير في كل شيء جزاك الله خيراً وجبرك الله في مصيبتك.
صاحب السمو الملكي؛ لقد كنت عظيماً وشجاعاً وإنساناً فلم يُلهك ما أنت فيه من موقف يسبب فقدان فلذة كبدك، لم يُلهك ذلك عن أن تقوم بمواساة وزيارة المرضى.. فلقد كان لزيارة سموكم الكريم للشيخ عبدالله المساعد في المستشفى التخصصي والاطمئنان على صحته أكبر دليل على ما تتمتعون به من مكارم وإنسانية.
صاحب السمو؛ إن القلم ليعجز عن التعبير عن المشاعر ولكن المصيبة والفاجعة مصيبة الجميع وفاجعة الجميع ولهذا لا يسعنا إلا أن نقول كما قال الصابرون «إنا لله وإنا إليه راجعون.. وعظّم الله أجركم.. ونسأل الله العلي القدير أن يُديم عزّكم ويلبسكم لباس الصحة والعافية وألا يريكم مكروهاً في عزيز لديكم، كما نبتهل إلى الله العلي القدير أن يتغمد فقيد الوطن الأمير فهد بن سلمان برحمته وأن يوسع له في قبره وينوّر له فيه ولله الأمر من قبل ومن بعد والحمد لله رب العالمين..
|
|
|
|
|