قلت: أحسن هذا الشاعر في هذه الأبيات، فالممدوح قمين بهذا الثناء، إذ يصدر عن هذه المعاني بمكارمها المختلفة، وحسن الخُلق، وتمامه، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:« إنما بعثت متمماً لمكارم الأخلاق» أو كما قال عليه السلام..
قرر الشاعر في بيته الأول تمام دفن هذا الممدوح الذي لم تدفن فضائله بفوات مقامه في الحياة الدنيا، بل هو حاضر بمكارم أخلاقه، غائب بجسمه ورفاته ومضى الشاعر في بيته الثاني فدعا بالسقيا على قبره الرمز ذي المكارم، وزاد بخيال بعيد يستوعب هذه المكانة ، فقال:
ففيه سحاب يرفع المحل سيبه
وبحر نداه استغرق البرَّ ساحله
يمرُّ على الوادي فتُثني رماله
عليه، وبالنادي فتبكي أرامله
ألا ترى وقع الألفاظ في دلالتها، ومدى حسن استخدامها، مثل ألفاظ يرفع، استغرق، يمر، فتثني، فتبكي، والمحصلة تمام المكارم، وألم الفوات، وعظيم الحزن، حُمِل نعشه على الرقاب، فسما عليها،ولكنه في حقيقته المعنوية أكبر من ذلك، إذ علا صيته من قبل فطاول السحاب وتجاوزه وعندئذ فاضت عيون الخلق، فهي كثيرة البكاء حزينة شأن جوده الفياض.
الحواشي:
)1( نير الوطر 1/413.