| تحقيقات
* لقاء - وسيلة محمود الحلبي:
تعُد علوم الوراثة من ضروريات هذا العصر، ومن الأمور التي تدخل في صميمها الوراثة قضية «الزواج بين الأقارب» التي تعتبر من القضايا التي تحتاج لمواجهة جريئة وواقعية نظراً لانتشارها الكبير ولفداحة الأخطار التي تنطوي تحت ظل هذه الظاهرة لتطل علينا بين فينة وأخرى بآفات خطيرة ويقول الدكتور عبدالعزيز الحمادي في كتابه «لكل سؤال جواب في الوراثة وزواج الاقارب» لقد اضطرت بلدان عديدة لان تجعل من هذه القضية هماً وطنياً في بعض الأحيان نظراً لاهميتها واستفحال خطرها وتداخلها في أساس البناء الاجتماعي ألا وهي الأسرة التي نعتبر اسعادها وسلامتها من كل النواحي هدفنا الأسمى وعن الأمراض الوراثية والعلاقة بين البيئة والوراثة كان لنا هذا اللقاء مع الدكتور عبدالمطلب بن احمد السح/ اخصائي امراض الأطفال وحديثي الولادة حيث تحدث في البداية عن المكونات الأساسية للإنسان قائلا:
إنها خلايا تعد بمئات المليارات، وكل خلية عبارة عن كينونة خاصة وكأنها دولة لها حدودها ومجال تأثيرها ولها عاصمتها وهي النواة التي تحتوي على مادة جوهرية تتوزع على «23» وزارة لكل منها شقان والمجموع «46» شقاً هي الصبغيات وهي مواد توجد داخل النواة ويتألف كل واحد منها من حبل طويل وبغاية الدقة يلتف على نفسه طيات عديدة جداً بحيث يصبح مجهري الابعاد هذا الخيط يتكون من مجموعة هائلة من الموروثات التي يقدر عددها عند الإنسان بـ «100 ألف» مورثة.
* ما هي المورثات ووظائفها وما هي صفات المادة الوراثية؟
- المورثات مواقع تصطف على طول الحبل الصبغي وكأنها حبات المسبحة وكل واحدة منها مسؤولة عن عمل او انتاج شيء في البدن، وتتكون كل مورثة من جزيئات دقيقة يتراوح عددها في كل مورثة من بضع مئات الى اكثر من مليونين، وتمثل المورثات المخزون الوراثي للإنسان ولكل مورثة من «10 -20» وظيفة مختلفة حسب النسيج الذي توجد فيه والظروف التي تحيط بها.
أما صفات المادة الصبغية فتتضمن المعلومات الخاصة ببنية الخلايا ووظيفتها وتكاثرها وهذه المعلومات مرمزة على شكل «شفرة وراثية» والصفة الثانية ان بامكانها التضاعف ومن ثم التوزع مناصفة علي خليتين والصفة الثالثة ان رموزها يمكن فكها وحل طلاسمها ضمن الخلايا كي تقوم بعملها، ورابع الصفات انه بإمكانها الاجابة على التغيرات الطارئة.
* هل صحيح ان للوراثة في جسم الإنسان لغة وكيف تصدر الأوامر الوراثية؟
- نعم للوراثة لغة، فتغير المواصفات الكاملة على المادة الوراثية يكون بلغة من حروف اربعة وكلمات الشفرة ثلاثية الحروف، والشفرة هي نفسها في كل الكائنات الحية.
وكل صبغين يتداولان امورهما بينهما ويصدران القرار الذي يكون إما صائباً وهو الغالب وإما خاطئاً، وهذا القرار ينتقل لخارج النواة حيث يتم العمل على تنفيذه ضمن الخلية وتظهر آثاره على البدن.
وأضاف د. عبدالمطلب: أود ان اوضح انه في الحالة الطبيعية هناك نوع من الخلايا لايحوي إلا «23» صبغياً وبالتالي تكون وزاراتها وحيدة الشق، وبالتالي وحيدة القرار، ولا يتاح لها التعبير إلا بعد اندماجها بخلية أخرى وحيدة القرار وبالتالي تعود لقاعدة التشاور السابقة. ان هاتين الخليتين هما الخلية الجنسية الذكرية وهي «النطفة» والخلية الجنسية الأنثوية وهي «البويضة».
* من الذي يحدد جنس المولود وكيف تنمو البويضة الملقحة؟؟
- تنقسم بعد 12 ساعة من التحام الصبغيات، ويتكرر ذلك كل «12 - 15» ساعة فتصبح الخلية اثنتين ثم أربعاً وهكذا دواليك، وكل يشبه الخلية الأم «البويضة الملقحة» بمخزونه الوراثي، ومن ثم تتمايز الخلايا لأنواع مختلفة جداً.
أما من يحدد جنس المولود؟ فيتقرر ذلك تبعاً للمخزون الوراثي الذي اودعه الله تعالى في النطفة «يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور» حيث ان النطفة تحوي صبغياً جنسياً يكون على شكل Y او X فان كان «X» كان الناتج انثى وان كان «Y» اعطى ذكراً، اما الصبغي الجنسي في البيضة فهو على شكل واحد «X».
الأمراض الوراثية
* ما هي الاضطرابات الصبغية وماذا عن الأمراض الوراثية وكيف تنتقل الوراثة بين الأجيال؟
- ويقول الدكتور عبدالمطلب بن احمد السح.. هناك 46 صبغياً فإن زادت او نقصت او تضررت بنيتها ادى ذلك لاختلال التوازن الصبغي وبالتالي حصول خلل يصيب عموم البدن، أما الامراض الوراثية فلها علاقة بشكل او بآخر بالموروثات التي تقبع في الصبغيات.
أما الوراثة وكيف تنتقل بين الأجيال.. نعلم ان نصف الصبغيات من الاب والنصف الاخر من الأم وهي تحمل الصفات الوراثية من الأب والأم للأبناء والاحفاد سواء كانت هذه الصفات طبيعية كالطول، ولون الجلد والشعر او كانت مرضية تؤدي لحدوث أمراض معينة.
* ما هي أنماط الوراثة، وما هي الوراثة المقهورة الجسمية؟
- هناك 44 صبغياً جسمياً، وصبغيان جنسيان في كل خلية، والوراثة قد تتعلق بالصبغيات الجسمية كما قد تكون تابعة للصبغي الجنسي، كما انها قد تكون من النوع القاهر المسيطر او المقهور، كما ان هناك الوراثة متعددة العوامل وهناك وراثات أخرى أقل شيوعاً.
والمقهورة الجسمية هي التي تكون فيها مورثة المرض مغلوبة على أمرها فلا تستطيع ان تعبِّر عن نفسها إلا عندما توجد مورثة مماثلة مقابلة لها تشد ازرها بها فيتفقان على أمر اظهار المرض، لذا وجب ان يرث الإنسان صفة منها من أبيه وأخرى من أمه حتى يكون مؤهلاً للإصابة لا سمح الله.
* ما معنى ان يحمل الإنسان صفة المرض، وهل المقهورة الجسمية شائعة؟
- يكون لدى الإنسان مورثة مرض ما واحدة مقهورة تغلبها المورثة السليمة المقابلة لها، وبالتالي لا يظهر المرض مع وجود مورثته.
والجسمية المقهورة شائعة فمثلاً تصل نسبة مرضين من أمراض تكسر الكريات هما «التلاسيمية والداء المنجلي» الي 20 من اصل كل 1000 ولادة حية في بعض المجتمعات.
ويصل عدد الامراض التي تتبع هذه الوراثة الى 1730 صفة مرضية.
* ما هي الوراثة القاهرة الجسمية وهل هي شائعة؟
- هي الوراثة التي تكون فيها المورثة موجودة على صبغي جسمي وهي تغلب غيرها، فإن وجدت مورثة مرض كهذه فإن الاحتمال كبير لحدوث المرض.
والأمراض التي تتبع هذه الوراثة شائعة، لا بل انها اكثر من أمراض الوراثة السابقة في بعض المجتمعات كبريطانيا، ويعرف من هذه الصفات المرضية الآن «4458» صفة قاهرة ومن امثلتها سرطان الثدي الوراثي.
* ما هي الوراثة المرتبطة بالجنس؟
- تكون المورثة في هذه الحالة على الصبغي الجنسي «X» او «Y» ومن امثلتها داء الناعورية الذي يؤدي لحدوث النزوف وداء عمى الألوان.
* ما هي الوراثة متعددة العوامل؟
- يكون المرض في هذه الحالة نتيجة تفاعل مورثة شاذة او اكثر مع عوامل بيئية، وتتكرر الصفة المرضية بنسبة «2 - 10%» بين أقارب الدرجة الأولى، مثلاً اذا ولد طفل «بشفة وحنك مشقوقين» فإن المولود الذي سيليه يحتمل احتمال 4% للإصابة.
* نسمع أحياناً عن وجود طفرات وراثية، فما هي؟
- الطفرة هي اضطراب في المورثات يؤدي لتوليد صفات مرضية تتبع أحد أنواع الوراثات المختلفة وبالتالي تظهر صفة غير موجودة عند الآباء او الأجداد.
* ما هي نتائج اضطرابات الصبغيات في الجسم؟
- يقول الدكتور السح لقد تبين وجود اضطراب صبغي في «50-60%» من الاجهاضات العفوية الباكرة، وقسم آخر يفقد في مراحل الحمل المتوسطة والأخيرة وبذلك فإن 90% من هؤلاء المشوهين لا يتجاوز مرحلة الحمل، أما الذين يولدون أحياء فإن الكثير منهم يموت في الطفولة والكثير من الباحثين على قيد الحياة لا ينجب حيث ان 50% من حالات غياب الطمث «الدورة الشهرية» البدني تترافق بهذه الاضطرابات كما ان 10% من الذكور المصابين بالعقم يكون سبب ذلك هذه الآفات، وكذلك فإن 20% من حالات التأخر العقلي تتبع هذه الأمراض وكل ما سبق يحد من توارث هذه الأمراض وهذه معجزة الهية.
البيئة والوراثة
* ما هي العلاقة بين البيئة والوراثة؟
- العلاقة بينهما وثيقة جداً، حيث لا يشترط ان تعبر الوراثة عن نفسها دائماً فهناك الكثير من الأمراض التي يكون البدن مؤهلاً لها ولكن التفاعل ما بين المخزون الوراثي للإنسان والبيئة التي حوله بمفهومها الشامل يؤدي او لا يؤدي لظهورها كما انه يجب ان يبقى في اذهاننا ان المرض الوراثي لا يتوقف عند حدود ما نرثه من أبوينا، فهناك الطفرات المكتسبة خلال الحياة والتي تحدث اما بشكل عفوي او كنتيجة لتقدم العمر او بسبب عوالم بيئية، وما أكثر تلك العوامل في عصر لوث فيه الإنسان الماء والهواء وحتى الفضاء.
* هل يشترط وجود قصة مرض مماثل في العائلة؟
- عادة ما يكون المصاب هو الوحيد الذي ألم به المرض من بين افراد اسرته، وسبب ذلك ان المرض الوراثي يتكرر بنسبة منخفضة.
* هل للمرض الوراثي مظهر واحد أو أكثر ودرجات مختلفة؟
- للأمراض الوراثية مظاهر عديدة، وقد تشترك عدة أمراض بمظهر واحد، كما قد يكون للمرض الواحد مظاهر متعددة.
وان المرض الوراثي نفسه يظهر عند اشخاص مختلفين بدرجات مختلفة منها البسيطة ومنها الشديدة، كما ان مظاهر المرض قد تزداد مع تقدم العمر.
* هل كل ما هو عائلي هو راثي؟ وهل تاريخ العائلة هام في الأمراض الوراثية؟
- يقول الدكتور السح.. لا فقد يكون السبب عاملاً بيئياً، وكذلك فقد يصاب أكثر من طفل بمرض مماثل في نفس العائلة ويكون الوالدان سليمين والقضية هنا ليست وراثية، فيجب توخي الحذر قبل توجيه أصابع الاتهام للوراثة.
وتاريخ العائلة بالغ الأهمية لتقرير نموذج المرض الوراثي حيث يجب معرفة سجل العائلة الصحي واخذ معلومات واسعة ومفصلة من أكثر من فرد من أفراد العائلة، ان وزارة الصحة هنا في المملكة في تشجيعها على الملفات الصحية تستحق أكثر من الشكر فهي تقوم بخطوة جبارة في اطار ايجاد مصدر معلومات موثق لا يقدر بثمن عند الحاجة اليه.
* كيف يمكن تلافي المؤثرات الضارة بالجنين؟
- في ثلث الحمل الأول تكون المضغة طرية وانقسامها شديداً والدواء ممنوعاً إلا للضرورة القصوى، ان الابتعاد عن مصادر العدوى واجب لتلافي الامراض ما أمكن. ولذلك يجب تجنب الأشياء المؤذية من اشعة وكيماويات، ان الثلث الثاني من الحمل تتكون اثناءه وظائف الجسم والأعضاء والحرص واجب تجاه كل ما قد يؤذي ويضر الجنين المترعرع، اما في الثلث الثالث فالخطر يخف ولكنه لا يزال قائماً فابتعدي أيتها الحامل عن مواطن البلاء ان كانت داء او دواء.
* كم عدد الأمراض الوراثية؟ وما مدى شيوعها؟
- المعروف منها يتجاور 6 آلاف داء وكل سنة يضاف لسجل تلك الأمراض المزيد، وشيوعها أكثر مما نتصور، فلو كان احدنا طبيباً لعائلات عدد أفرادها «2500» شخص ليس أكثر فإن عليه ان يتوقع ان يجد طفلاً معاقاً يولد كل سنة وطفلاً او اثنين سيكون لديهما اضطراب وراثي ستظهر مظاهره لاحقاً و«250 -500» كهل يعانون من مرض مزمن له مركبة وراثية، ان العيوب الوراثية مسؤولة عن 50% من كل حالات وفيات الأطفال، وبعمر «25» سنة يجب ان نتوقع ان 5% من الناس سيكون لديهم اضطراب للوراثة علاقة به.
كما أن «2-3%» من الازواج لديهم فرصة حقيقية لخطر ولادة طفل معاق.
* ما هي نسبة انتشار الأمراض الوراثية؟ ومن يصاب بتلك الأمراض، وأين تكثر؟
- يقول الدكتور السح لكل مرض خصوصية ونسبته التي تختلف عن غيره وبالتالي هناك الشائع وهناك النادر، كما ان هناك ما بين ذلك، الامراض الصبغية تصل نسبتها بين البشر «1:150» اما الامراض الوراثية فهي اكثر من ذلك بكثير فالاكزيما والصداف تصل نسبة حدوثها الي «1-3/1000» واندر من ذلك داء يدعى «بيله الهوموسيشين» «1:200000» وهناك الاندر الذي لم يسجل منه إلا حالات قليلة ونظن ان الآخرين فقط هم المعرضون لها.
ولكن اقول لا.. فكل شخص معرض لبعضها.
وتنتشر تلك الأمراض في كل بقاع الارض ولكن يكثر بعضها في بلاد اكثر من غيرها ولدى شعوب بعينها اكثر من غيرها وخاصة التجمعات البشرية المغلقة على نفسها والتي يتزوج افرادها من بعضهم حصراً.
فاليهود الغربيون «الاشكناز» تكثر لديهم أمراض نذكر منها مرض «غوبشر» الذي يحدث بينهم بنسبة «1:500» وفي منطقتنا العربية يشيع حدوث عوز ال«G6PD» والداء المنجلي والثلاسيمية.
وأحب ان اوضح ان الامراض لا تفرق بين ذكر وأنثى ولكن بعضها مثل «تضيق عضلة مخرج المعدة» يفضل الذكور.
أما «خلع الورك الولادي» فإنه يفضل الاناث.
* هل الأمراض الوراثية خطيرة؟ وهل لها علاقة بأمراض القلب والدورة الدموية؟
- بالتأكيد هي خطيرة لا سيما اذا علمنا انها امراض مزمنة وقد يغيب اعضاء نبيلة في الجسم، ولكن هناك امراضاً منها تكون خفيفة الوطأة بعض الشيء، ومن تلك الأمراض من يتتبع القلب والأوعية الدموية متربصاً بها الاذى، ومنها ما يؤثر على الضغط الدموي ومنها الذي همه رفع معدل الكولسترول والشحوم في الجسم.
* هل تؤثر على المناعة والأعصاب وهل مرض السكري من تلك الأمراض الوراثية وماذا عن الأمراض النفسية؟
- نعم تؤثر على المناعة لان منها من يبطش بالجملة المناعية فيجعلها قاعاً صفصفاً، «أما الأعصاب» فقد يصيبها بالخراب والدمار بتأثير بعض الأمراض الوراثية، ومرض السكري شائع ولا يخلو من مركبة وراثية تساهم باحداثه، ولذلك دوماً نسأل المريض هل في أقاربه أحد مصاب بالسكري.
اما الامراض النفسية فقد تبين ان بعض الأمراض الوراثية تظهر على الإنسان على شكل عاهات نفسية.
* هل تؤدي الأمراض الوراثية لأحداث تشوهات؟
- نعم فبعضها يظهر على شكل تشوهات تصيب الجسم ظاهرة او باطنة، او كليهما.
السرطان والوراثة
* هل الوراثة لها علاقة بالسرطانات؟ وهل من توضيح لهذه العلاقة؟؟
- يقول الدكتور عبدالمطلب بن احمد السح نعم فبعضها يرتبط بالسرطانات. ولا بد ان اوضح ان كل السرطانات تتعلق باضطراب مورثي «جيني» ولكن لحسن الحظ ان غالبيتها لا تورث والحمد لله، ويظهر السرطان او حتى الورم الحميد فقط عندما تفشل آلية الضبط المورثي في كبح جماح النمو الشاذ للخلايا، فهناك المورثة التي تولد السرطان ويمكن «تشبيهها بدواسة البنزين» في السيارات وهناك المورثة التي تثبط حدوث الورم وهي «كالفرامل»، وفي المادة الصبغية للإنسان يوجد «50» واحدة من كل نوع وهي بحالة توازن دقيق وعند اختلال التوازن يحدث السرطان بمعنى فقدان بعض الفرامل او زيادة عمل بعض الدواسات أو وراثة فرامل خاطئة معيبة.
ويجب ان لا ننسى دور الاشعة والفيروسات وغيرها في احداث خلل او اضطراب في الصبغيات.
* هل هناك امثلة على الأمراض الوراثية التي تحمل في جعبتها السرطان؟
- كثيرة هي الأمثلة ونذكر منها احد انواع الدم الوراثية المسمى «فانكوني» و«داء جفاف الجلد المصطبغ».
* هل تشكل السرطانات ذات الأصل الوراثي نسبة كبيرة؟
- في بعض السرطانات مثل «الريتينو بلاستوما» الذي يصيب العين تشكل الحالات العائلية نسبة 40% من مجمل حالاته حتى ان الاصابة قد تحدث عند الجنين في بطن أمه، كما لوحظ ان سرطان الرئة يحدث لدى بعض العائلات بنسبة عالية جداً، وكذلك هناك حالات عديدة لا تشكل فيها النسب العائلية إلا أعداداً قليلة او ربما لا تكون للدراسة علاقة بها.
* إذا تم كشف مرض وراثي او سرطان وراثي في عائلة، ما العمل؟
- يجب تدبير حالة الشخص المصاب، وكذلك فحص باقي افراد العائلة وعلى سبيل المثال اذكر ان أي طفل لديه «ورم ساركومي» في انسجة جسمه الرخوة يجب ان تعلم امه كيف تفحص ثديها بنفسها وذلك كوسيلة مبكرة لتكشف عن أي كتلة في الثدي.
أمراض الدم الوراثية
* د. السح نسمع كثيراً عن عوز «G6PD» فما هو وما هي علاقته بالوراثة؟؟
- هو من الامراض الشائعة، ويؤدي لحدوث فقر دم انحلالي بعد تناول بعض الأغذية «كالفول» او بعد اخذ بعض الأدوية وغير ذلك من الاسباب المظهرة للداء. ويعتبر من الامراض الوراثية حيث تبين ان نسبة تواجد احد انواع موروثاته في حوض البحر المتوسط والشرق الاوسط وافريقيا والعروق الشرقية تصل ل«5 -40%».
* وماذا عن داء فقر الدم المسمى بالمنجلي؟
- ان اعتلال الحفناب المنجلي من مظاهره فقر الدم الانحلالي وآلام وانبتاج في اليدين والقدمين والاطراف وآلام في الرأس والصدر والبطن والظهر، ويتفشى هذا الداء في بقاع كثيرة من افريقيا وحوض البحر المتوسط والشرق الأوسط والهند وتركيا وهو من الأمراض الوراثية الصريحة.
* ما هو اشيع مرض من أمراض المورثات البشرية؟
- انه «الثلاسيمية» التي هي مرض وراثي من مظاهره فقر الدم الانحلالي وضخامة الكبد والطحال بالاضافة الى ملامح وجه خاصة وله حوالي «100» طفرة معروفة ويكثر حول البحر المتوسط وفي افريقيا والشرق الأوسط وشبه القارة الهندية وجنوب شرق آسيا ونحن نقع ضمن نطاقه.
الاستشارة الوراثية
* ما هي الاستشارة الوراثية؟ وهل للأهل دور في الاستشارة؟
- الاستشارة الوراثية هي قيام الأهل بطلبها من الطبيب حول مرض وراثي، حيث يقوم الطبيب بعد التأكد من تشخيص المرض بدراسة ممحصة للمرض في العائلة ويناقش الأمر مع الأهل بشكل مفصل وهي تنفع بإذن الله في تشخيص المرض قبل الولادة ، وكذلك قد تجرى بعد ولادة طفل مصاب. فهي تسمح بالحصول على معلومات وراثية، وتسمح بتحديد مدى الخطر على الطفل او اخوته في المستقبل، كما انها قد تكون بمثابة دراسة تطمينية من دون وجود مرض.
وللأهل الدور الكبير في الاستشارة لان الوالدين طرف أساسي في النقاش. وان كان الطفل المصاب كبيراً يجب ان يناقش ايضا وان افراد العائلة قد يكون يداهنهم بعض التفاسير التي قد يحصلون عليها من مصادر عديدة وقد تكون هذه المعلومات صحيحة كما انها تحتمل الخطأ ويجب توضيح ذلك.
* هل يمكن كشف من يحملون وراثة مرض ما دون ظهور المرض؟
- نعم هذا ممكن في أحيان كثيرة فالتقدم العلمي جعل بالإمكان كشف العديد من هؤلاء الحملة واحتمالات الخطأ قليلة جداً ولله الحمد.
* هل يمكن تشخيص المرض قبل الولادة؟
- نعم لقد أصبح ممكناً كشف بعض الأمراض والجنين لا يزال في بطن امه، ومن هذه الادواء اعتلالات حقناب الدم كما ان العلاج داخل الرحم قد اصبح ممكناً لبعضها.
زواج الأقارب
* زواج الأقارب ما المقصود به ومن المعروف انه منتشر في المجتمع العربي والريفي خاصة؟
- هو ان ابن العم يتزوج من ابنة عمه او ابنة خاله او ابنة خالته او ابنة عمته او من عشيرته الأقربين. وهو شائع في الدول العربية وخاصة الريفية فعلاً وجميعنا يعرف اعدادا كبيرة من هذه الحالات.
* هل يقف العلم مع زواج الأقارب؟
- ان الوراثة وقوانيها واحكامها تشير إلى ان مورثة مرض معين توجد بنسبة أكبر لدى نفس العائلة ولذلك يكثر احتمال المرض حين التزاوج بين الأقارب بحيث تكثر امكانية اجتماع مورثة ذلك المرض من الاب مع مورثة مماثلة من الأم وتكون النتيجة ظهور المرض وخصوصاً اذا علمنا ان الكثير من الأمراض الوراثية تتبع الوراثة المقهورة او متعددة العوامل، ولذلك يزداد خطر وجود أمراض معينة لدى الذرية في بعض حالات زواج الأقارب، وتزداد نسبة الخطر اكثر بازدياد درجة القرابة.
* كم تقدر زيادة نسبة الخطر؟
- الأمر لا يتعلق بزيادة طفيفة بل أضعاف عديدة، ففي الامراض التي تنتقل بالوراثة المقهورة تبين احصائياً ان زواج أقارب الدرجة الأولى يزيد من معدل الخطورة بنسبة «30 بالالف» فوق النسبة المعتادة للناس، بمعنى انه اذا كانت هناك حالة نسبة حدوثها واحد بالالف تصبح هذه النسبة 31 بالالف وفي الامراض التي تنتقل بالوراثة المتعددة العوامل تتضاعف النسبة عشرات المرات.
* على صعيد الواقع اين هي الامراض التي تتعلق بزواج الاقارب؟
- اذكر مثالين احدهما يتعلق بفقر الدم المنجلي او تكسر الكريات كما يحلو للبعض ان يدعوه فهناك عائلات باكملها يتفشى فيها هذا الداء والمثال الثاني يتعلق بامراض وراثية نادرة الحدوث ولكننا نصادفها بين حين وآخر وعندما تحصل فانها تعني كوارث حقيقية في العائلة حيث يتكرر حدوث وفيات الاطفال ومرضهم، وهذا يعني الكثير من التعب والارهاق.
* كيف ينظر تراثنا العريق لزواج الأقارب؟
- يقول د. السح يحضرني قول الخليفة عمر الفاروق رضي الله عنه لآل السائب الذين كانوا يتزوجون من بعضهم، «قد اضويتم فانكحوا في الغرائب» والضوي هو الهزال والنحول.
ونحن نعرف الان ان الكثير من الامراض الوراثية التي تنجم عن زواج الاقارب تؤدي فعلاً الي الضوي واتقاء لهذه الحالة يجدر الزواج من البعيد في تلك الحالات، حقاً لقد قدم ابن الخطاب رضي الله عنه استشارة وراثية رائعة في ذلك الزمان.
وهناك قول عند العرب يقولون «اغتربوا لا تضووا، فإن القرائب يضوين البنين».
الوقاية والعلاج في الأمراض الوراثية
* د. السح حدثنا عن الوقاية من الأمراض الوراثية؟
- ان المرض الوراثي لا يعني ان الامور قد أصبحت صعبة جداً هي فقط قضية حساسة ولكن العلم والطب قدما الكثير والداء الوراثي يشبه باقي الامراض من حيث وجود آلية سببته رغم ان له طبيعة خاصة، وطرق الوقاية منه وسائل تساعدنا على الحد من خطره ومن تلك الطرق الاستشارة الوراثية قبل الزواج وتنظيم البطاقة الصحية للمتزوجين ووسائل التشخيص المبكر الحديثة وكشف حملة الامراض الوراثية كل تلك تعتبر اعمالاً هامة طيبة في هذا المجال.
«والوقاية» هم مشترك يتقاسمه الفرد والاسرة والمجتمع والدولة، وكثيرة الدول التي جعلت بعض الأمراض الراثية قضية وطنية واستطاعت حل العديد من المشاكل الناجمة عنها ففي امريكا انخفضت حالات داء «تاي ساكس» الى العشر وسردينيا اعلنت مؤخراً ان نسبة مرض «البيتا تلاسيمية» قد انخفض للعشر ايضاً.
وهنا لابد ان اوضح انه رغم صعوبة العلاج فإنه ممكن احيانا والحمية الخاصة هي بمثابة علاج لأمراض كثيرة كالأمراض الاستقلابية.
* وهل هناك دور للدواء، حدثنا عن العلاجات الأخرى ان وجدت؟
- قد ينفع الداء في بعض الامراض، وقد يلزم الدواء النوعي والسرعة عند تعرض ضعاف المناعة للانتانات، وان الادوية العصبية ومضادات الاختلاج كثيراً ما نحتاجها، وهناك ادوية تكافح أعراض المرض ليس إلا ولكنها تقدم الكثير من الراحة للمريض.
وقد يراجع المريض بحالة اسعافية ويتطلب علاجه اعطاء السوائل الوريدية وكذلك ادوية معينة وغير ذلك وقد يلزم نقل الدم في حالات انحلال الدم.. وهناك الجراحة التي لها دور كبير في اصلاح ما يمكن اصلاحه من تشوهات وكذلك لا ننسى التقدم الهائل في طب زراعة الأعضاء. كذلك هناك علاجات اخرى والعلاجات الفيزيائية، والاجهزة الحديثة الالكترونية والوسائل التعويضية والهندسة الجزيئية وغير ذلك كثير.
* د. السح ما هي الاتجاهات العصرية في مكافحة الأمراض الوراثية؟
- لقد اصبحت الميول الطبية حاليا باتجاه ايجاد مراكز تؤدي خدمات متكاملة من التشخيص الى العلاج الى اعطاء طرق الوقاية والاستشارات الوراثية ودراسة القضية من ابعادها المختلفة الصحية والاجتماعية.
|
|
|
|
|