| الثقافية
لعل الهاجس الذي يلف الفؤاد، سؤال دائم مطرق في محراب الحيرة.. يستفهم عن الأشياء التي تؤثر سلباً وإيجاباً في هذا المجتمع، أو ذاك.
أهي الأفكار والنظريات التي تأتي الينا بصورة فوقية أو بعقلنة متعالية «نخبوية»؟! يحملها فرد يحاول قولبة البشر حسب تصوره؟!
أم هي التصورات التي تأتي عبر العمل اليومي، والجهد الحثيث والحراس المستمر؟!
وهذه الأخيرة - أي التصورات - تتم على المستوى المصغر، وبشكل غير مرئي، لكي تنتج التحولات الكبرى - والقفزات النوعية!!
بين ثنائية التفسير والتغيير.. أحاول فهم آلية التغيير، وطريقة سيرها، فلا العولمة، ولا مقولات نهاية التأريخ، ونهاية المثقف إلا معطيات تشق طريقها الى مجال التداول اليومي..!!
حملت هذه الأسئلة وهرعت كما الطفل الهارب الى أعمال الرائد التفكيكي د. علي حرب، طارحاً عليه استفهاماي البرتقالية، ليمنحني إجابات، تتوالد منها الأسئلة أكثر مما تمنح إجابة.. سألته أولا:
س- من الذي يساهم في تغيير المجتمع؟!
ج- ان المجتمع يسهم في تغييره الناس الذين لا ينخرطون عادة في مشاريع التغيير، في حين ان المجتمع يتغير بخلاف ما يريد له أصحاب المشاريع والنظريات أو النماذج. وتلك هي المفارقة فمن يفكر بطريقة فوقية، نخبوية، شمولية، تفاجئه التفاعلات والمضاعفات والتغيرات التي تجري في الهوامش والمناطق السفلية أو العوالم المصغرة، كذلك فإن من يفكر بمنطق النموذج والتطبيق، تفاجئه التحولات على أرض الواقع، لأن التغيير هو عملية تطال المفاهيم والعقليات بقدر ما تطال البنى والعلاقات المجتمعية!!.
س- كيف ترى التغيير؟!
ج- لم تعد المشكلة الآن هي تغيير العالم، ذلك ان العالم يتغير بصورة متسارعة، وعلى نحو يبدو معه دعاة التغيير من النُّخب المثقفة، في منتهى الرجعية والمحافظة. فنحن نشهد اليوم تحولات هائلة في مجريات العالم سواء على صعيد الوقائع، أو على صعيد الأفكار، من ثورة المعلومات الى العولمة الكاسحة التي تكاد تحول الأرض الى سوق كلية واحدة..
ومن الإعلام المتعدد الى الأدمغة الإلكترونية التي تكاد تنوب مناب الانسان في الحساب والتقدير، ومن الأبجدية الحروفية للكتب الورقية الى الأبجدية الرقمية للشاشات الضوئية.. ولكنها أحداث بتغير معها المشهد الكوني، على نحو تتغير معه جغرافية العقل وعلاقات القوة، بقدرما يتغير نمط العيش ومنظومات التواصل!!
س- ما الأسئلة التي يطرحها هذا التغيير؟
ج- هذا التحول الكبير يطرح أسئلته على كل المجتمعات، عربية كانت أم أوروبية، غربية أم شرقية، إسلامية أم مسيحية.. إنها تحديات تواجه الهويات الثقافية والأفكار الكبيرة، مع الدخول في عصر الأعلمة والتلفزة والعولمة.
من هنا السؤال الكبير:
من يصنع العالم اليوم؟!
وكيف يُصنع ويتشكل؟!
وبصيغة أوضح: كيف تتشكل القوة بوجوهها الثلاثة:
المعرفة، والثروة، والسلطة؟!
هذا السؤال يكتسب أهميته الفائقة بالنسبة للمجتمعات العربية، وسواها من المجتمعات التي تطمح الى المشاركة الفعالة في تكوين المشهد العالمي، إذ هو يشكل في رأيي مفتاحاً لفهم ما يجري ويحدث بين الأمم وعلى مسرح العالم.
إلى لقاء آخر مع هذا الرائد الكبير المسمى علي حرب.
alarfaj2000@ayna.com
|
|
|
|
|