| الثقافية
عرفت عبدالحفيظ الشمري قبل عدة سنوات قاصا متميزا وصحفيا مثابرا وصبورا على لأواء كثيرة قابلها وما زال يقابلها يوميا تحت وطأة ماكينة الطباعة ومواعيد التسليم والماكيت.
كانت بداية العلاقة الشخصية بيني وبين هذا الرجل الأبيض قبل عامين تقريبا.. وتحديدا عندما بدأت التواصل الكتابي مع ثقافة الجزيرة، حيث فوجئت ذات يوم بأحد نصوصي منشورا في ثقافة يوم الثلاثاء المسماة «ابداع» وهي خاصة بنشر النصوص الابداعية وحين اتصلت بالقسم الثقافي في الجزيرة أخبروني ان المشرف على الصفحة هو الأستاذ عبدالحفيظ الشمري، ومن هنا بدأ التواصل الابداعي والشخصي بيننا، التقيته بعد ذلك في ملتقى القصة القصيرة بالطائف مع مجموعة من قاصي المملكة كان بينهم الأساتذة خالد اليوسف وفهد المصبح وناصر الجاسم وأحمد القاضي وخالد الخضري وعبدالعزيز الصقعبي وعبدالله التعزي وجعفر الجشي، تحدثنا في ذلك الأسبوع كثيرا وسردنا النصوص، وغبنا في نشوة الابداع السردي.. المهم ان عبدالحفيظ قد حصل هذا العام على جائزة أبها الثقافية عن فرع القصة القصيرة.
الشمري يستحق في الجانب الانساني عددا كبيرا من الجوائز لقاء نبله وبياضه وحبه الممدود تجاه كل ما هو ابداعي وانساني، أما على المستوى السردي فقد قرأت عبدالحفيظ في كل مجموعاته القصصية تقريبا، ابتداء من «رحيل الكادحين» 1992م الى آخر مجموعاته القصصية صدورا «ضجر اليباس» 2000م عن نادي الرياض الأدبي، مرورا بالمجموعات الثلاث الخاصة بقصص الأطفال الصادرة عن نادي حائل الأدبي عام 1420ه.
في بواكير تجربته السردية ظل الشمري وفيا للحدث بدرجة كبيرة وهو وفاء مبرر بالبدايات الى حد كبير، ثم تطورت لمساته السردية وتقنيات القص لديه حتى وصلت الى أعلى مستوى فني «في رأيي الشخصي طبعا» في مجموعة «دفائن الأوهن تنمو» الصادرة عن شرقيات عام 1999م، حيث اكتملت فيها جماليات السرد وكانت في موعد واحد.. محتفية بدرجة أكبر باللغة وايحاءاتها وانفتاحها على آفاق سردية أوقع وأعمق.
ثم عاد الشمري في مجموعته الأخيرة «ضجر اليباس» بوفاء أكثر هدوءاً وبساطة، ولكنه هذه المرة ليس للحدث وانما هو وفاء باتجاه الشخصيات التي هي في الغالب كادحة/ مطحونة/ مقهورة/ ملتاثة فكريا أو نفسيا.
وتظل مجموعة «دفائن الأوهن» في نظري أفضل ما كتب عبدالحفيظ الشمري خلال تجربته السردية الطويلة، بل انها من أفضل ما كتب على مستوى التجربة السردية السعودية بوجه عام.
أما عن الجائزة.. يا عبدالحفيظ فإنني لا أقصدك أنت بالتهنئة بها، ولكنني أتوجه بها الى الكادحين.. أولئك الذين كتبت عنهم عام 1992م في «رحيل الكادحين» ثم عدت اليهم عام 2000م في «ضجر اليباس».. ان الجائزة تزف اليهم بالدرجة الأولى.. تكريما واعترافا بحق الحياة.. والبقاء على قيد الكدح!!.
إنها جائزة لتلك الشخصيات والنماذج الانسانية التي توحدت معها يا عبدالحفيظ.. النماذج والشخصيات التي عشتها بنفسك أوعايشتها أو عرفتها في حياتك.. وخصوصا أولئك الذين يسكنون قريتك في سفح جبل أجا.. هنيئا لهم الجائزة.. وهنيئا لنا ولهم.. أنت.
azalah@ hotmail.com
|
|
|
|
|