| مقـالات
هناك أخلاقيات يصعب التحكم فيها في جميع المواقف. أخلاقيات تحولت إلى سلوكيات فردية مُشكلة بذلك ما تنطوي عليه تلك الشخصية من صفات، فالعرب منذ القدم لا يعرفون الغدر ويعدونه انحطاطاً أخلاقياً والخبث والخداع أحد تلك المظاهر، وكذلك الكذب. ومنذ الطفولة تزرع الأسرة في أذهان أبنائها الأخلاقيات المعاكسة لذلك والتي تتسم بالترفع والتسامي عن أي انحطاط أخلاقي. وما زال التاريخ العربي يرفض الخدعة التي ارتكبتها تلك الشخصية المرموقة في حضورها وعطائها.. وأعني بها عمرو بن العاص حين اختير عضوا آخر في لجنة التحكيم التي انيط بها فض مشكلة الخلافة بين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ومعاوية بن أبي سفيان ممثلاً لمعاوية إلى جانب الصحابي أبي موسى الأشعري. وكانا قد اتفقا على أنه من الخير ألا يؤيدا أياً من الخليفتين وإنما يناط الأمر إلى مجالس الشورى لترشيح شخصية ثالثة، فقد طلب عمرو بن العاص أن يُعلن الأشعري للملأ قبله قرار خلع الرجلين وتمثيل ذلك بخلع الخاتم الذي في أصبعه بعد أن أضمر هو الخديعة، والتي انتهت بأن وضع الخاتم في أصبعه الذي يعني تثبيت موكله معاوية. فما كان من الأشعري إلا أن ترفع عن خديعة صاحبه ولاذ بالصمت.
والقصة معروفة في تاريخنا القديم بروايات وتفسيرات مختلفة شأن الكثير مما حواه تاريخ تلك المرحلة في بداية ظهور الطوائف والشيع المختلفة التي تغذي خلافاتها العناصر غير العربية التي دخلت الإسلام من فرس وأتراك وغيرها إلى جانب القبائل العربية ذاتها مما أدى كما هو معروف إلى نقل الخلافة من الجزيرة العربية إلى الشام ثم إلى العراق... إلخ حتى أصبحت ممارسة السياسة في عرفنا تنطوي على غير الوجه المرئي أو بالأحرى الغموض والتلاعب بالألفاظ.
وتعتبر شخصية عمرو بن العاص من رجالات العرب الدهاة إذْ عينه الخليفة العادل عمر بن الخطاب حاكماً على مصر عقب فتحها.
ومن حكمته أن الخليفة عمر حين سأله بأن يصف له سكان مصر أجاب بتلك الكلمات المعبرة: «بلادها ذهب، ونساؤها لعب، ورجالها لمن غلب».
وهذه الكلمات المختصرة الواعية تدل على بعد نظر ذلك الرجل، إذ إن مصر تمتاز كما هو معروف بأرض خصبة معطاءة منذ فجر التاريخ وما زالت ونساؤها جميلات فاتنات في حين أن شعبها الطيب يستسلم إلى الحاكم بإخلاص رغم الثورات التي قامت في وجه الظالمين.
وما دمت أتحدث عن هذا القطر العربي استمع إلى قصص بعض الأصدقاء الذين يرتبطون بعلاقات مع الإخوة المصريين إذ يكتشفون بعد بعض الوقت أن عنصر التمثيل يطغى على نسائهم الجميلات بالذات، حيث يُجدن التقرب إلى العشاق من دول الخليج بالذات والسعودية تحديداً لاقناعهم بأنهم الرجال الذين تميل إليهم النساء فيصدقون هذه الألاعيب اللفظية ويندفعون وراءهن بالبذل والعطاء المالي الذي قد يسبب لهم الحرج في تسديدة خاصة محدودي الدخل وبالذات كبار السن الذين تدغدغهم مشاعر الغرور لسذاجتهم خاصة وأن المرحلة العمرية تحتاج إلى مثل هذه العواطف التي تستغربها الزوجات باعتبار أن مرحلتهم العمرية تستدعي الاعتكاف والبعد عن المحرمات، بينما الإنسان غالباً ولاسيما المستنير يحتاج باستمرار إلى إذكاء عواطفه المكبوتة فعلى الزوجات الواعيات تقدير مثل تلك المواقف ولا يشعرن بالصدمة المزلزلة التي تنعكس على سلوكهن نحو أولئك الرجال.
للمراسلة ص. ب 6324
الرياض 11442
|
|
|
|
|