| مقـالات
كثيراً ما نحاول الخروج والتخلّص من المواقف المحرجة والمشاكل الحساسة المستعصية التي نتعرّض لها ونواجهها من حين لآخر بكلمة أو كلمتين، وكأن المسألة قد انتهت أو أن المشكلة قد حُلّت وانتهى الموضوع! متناسين أن الحلول الوسط الهشّة والمؤقتة كثيراً ما أفقدتنا حقوقنا المشروعة ومصداقيتنا مع أنفسنا قبل أن نفقد مصداقيتنا مع غيرنا ممن يهّمنا جداً أن نتعامل معهم ونكسبهم على أساس من المصداقية والثقة المتبادلة.
ومثل هذا التعامل مهم جداً لنا كمجتمع خاصة إذا عرفنا أننا دخلنا عصر )الجات(، مما يعني أننا يجب ان نكون واضحين مع أنفسنا أولاً كي يحترمنا الآخرون ويقتنعون بالدخول معنا في شراكة طويلة الأجل هدفها المصالح المشتركة للطرفين بغض النظر عن الاختلافات الثقافية والعرقية ونحوها ممن لم تعد عائقاً أمام اندماج الشعوب وتعاونها في ظل «عصر العولمة» الذي أضحى حقيقة واضحة وعملية لايمكن تجاهلها فقط من أجل المكابرة أو لأنها لا تعنينا أو أننا في غنى عنها.
وحينما نتمعن في كلمة مثل «ومثلك عارف» لعل أول ما يتبادر الى ذهنك هو لاداعي لان اعيد أو اشرح ما قلته لك. أليس كذلك؟! ولكن هناك مضامين اجتماعية أخرى تدل على ان استخدامنا لهذه الكلمة له اغراض اخرى وربما مضحكة حينما تتبادر لنا لأول وهلة!
وحينما تسأل نفسك لماذا تستخدم هذه الكلمة؟ هل هذا نابع من عدم وجود الوقت الكافي لدينا وحرصاً عليه؟ ام ماذا؟ والمتأمل في مثل هذه الكلمة يلاحظ اننا نستخدمها احيانا بهدف الابتعاد عن الاحراج خاصة في ظل موضوعات حساسة أو ظل موضوعات معينة ربما تكون في منتهى الخصوصية.
الأمر الآخر، أننا نفترض في الشخص المقابل الذي نتحدث معه ان يكون لديه علم بالموضوع أو دراية مسبقة أو على الأقل قد مرّ بتجربة مشابهة ويستطيع ان يخمّن المقصود أو يقدر الظروف المشابهة أو على الأقل يوجد لنا من المبررات ما يمنعنا من الحرج أو الاعتذار عن طلب معين أو عن وعد سابق قطعناه على أنفسنا.
أمَّا ان نطلق هذه الكلمة على كل شخص نتحدث إليه دون معرفة بهذا الشخص ومدى درايته بالموضوع فهذا أمر آخر يفقد الكلمة معناها.
ولعلّ المحرج في هذه الكلمة هو احساسك ان الطرف الآخر يريد منك ان تخبره بهذه المعرفة التي تدّعي انه يعرفها ويزيد الاحراج حينما يصرّ على اطلاعه عليها لانه لا يعرفها بالفعل وبينك وبين نفسك تقول هل بالفعل لا يعرف ما اريد ان اقوله له او أبوح به؟ وهل انا من يجب ان ابادر في القول؟ وماذا لو كان الموضوع حساساً أو يتعلق بموضوع خطير مثلا أو مرض أو خلافه فهل انا بحاجة لكي اكون اول المخبرين به؟ ولماذا انا بالذات؟ أليس هناك من يقوم بمثل هذا الدور المحرج والحساس؟ لماذا أنا هو من يكون في وجه المدفع وليس غيري؟
ولكن الأمور لا تقاس بهذا الشكل خاصة حينما يتعلق الموضوع بالمشاعر والاحاسيس والعواطف، هذا لا يصبح للمعرفة اي معنى ولا للذكاء أي اهمية لان هذه اللحظات بالذات الكل يريد ان يعيشها وان يسمعها مهما كات محرجة أو حساسة خاصة حينما يتعلق الامر بنا نحن، نحن الأطراف الأخرى التي يهمها الأمر.
وربما تكون في حاجة احيانا لهذه الكلمة «ومثلك عارف» اثناء عمليات المفاوضة مع الآخرين وفي حل المشكلات كنوع من التهديد للطرف الآخر الذي امامك أو الأطراف الاخرى التي تواجهها بحقائق معينة يجب عليها ان تعيها جيداً والا خسرت الكثير. وفي سماعهم لهذه الكلمة ايحاء بان يقدموا تنازلات معينة لصالحهم قبل فوات الأوان وهم سوف يفهمونها.
وبصراحة بودي أن أقول أكثر وأكثر، ولكن مثلك عارف، والباقي عليك!
همسة
ومن قال لك أنني أعرف..
كل ما في قلبك نحوي؟
كل مشاعرك تجاهي؟
كل ماتريد قوله لي؟
***
هذه الأمور بالذات..
حتى لو عرفتها..
فإنني أتجاهلها لو اضطر الأمر!
لأنني أريد سماعها منك..
دون غيرك..
بشكل واضح دون تلميح..
بتفصيل مُمِل دون اختصار..
***
وماذا عساه أن يكون أفضل منها..
أسمعه منك؟
وأعيشه معك؟
ماذا عساه أن يكون..
أجمل من مشاعر صادقة..
توجّه لي؟
أروع من كلمات حلوة..
تُقال لي؟
***
نعم..
إن كان الأمر في إظهار المشاعر..
في التعبير عنها لي.
في المصارحة لي بها..
فاعتبرني لا أعرف!
جاهلاً إن شئت!
ومثلك عارف..
ما أريد.. وما أقصد..
يعني لا تبخل علّي بها..
لا تفترض أنني أعرفها..
***
صحيح أنني سوف أُحرج!
سوف ألزم الصمت!
سوف لن أردّ عليك!
مهما حاولت معي وحاولت!
ومع ذلك..
سوف أصرُّ على سماعها منك!
مهما أخذت مني من وقت!
مهما كان لديّ من عمل!
***
ألا يفكي أنها منك:
كي تعني لي الكثير؟
الا يكفي أنني أنتظرها..
منذ زمن طويل..
وبفارق الصبر..
لكي أستحقها؟
ألا يكفي..
ان تعتبرها أمنية..
كي تحققها لي؟
بل الا يكفي..
أن يكون دلالا تمنحني إيّاه؟
|
|
|
|
|