| مقـالات
سيأتي يوم يقول فيه عمرو دياب إن الجيل الجديد لا يحترم الفن وإنه لا يقدم فناً ذا قيمة. تصوروا حينئذٍ ما الذي سيحدث. سيشمر النقاد وجماهير المرحلة «العمرو ديابية» عن سواعدهم وسيكيلون الكثير من القذف والسباب إلى جيل الأغنية الجديد وسيترحمون على زمن عمرو وايهاب وجواد وخالد بن حسين و«كمننا» محمد فؤاد ويطلقون زفرة أسى «أيه.. وين أيام زمان، أيام الفيديو كليب المحترم اللي على الأقل ما فيه وحده تتجرأ تطلع وهي لابسة أقل من قطعتين» وصراع الأجيال سنة الكون والناس دائماً تحن للماضي، ليس لأنه أجمل من الحاضر، لكن لأن حال الناس كان أفضل مما هم عليه بعد تقدمهم في السن الذي أثر بطبعه على صحتهم ومزاجهم من حيث التذوق وتقبل الجديد المنفصل عن ثقافتهم وغير المتفق مع تكوينهم البيئي والاجتماعي وقليلون جداً الذين يعون أن عليهم عدم الوقوف في وجه الريح وان الشعور البغيض تجاه ما استجد هو ذات الشعور الذي حمله الذين قبلهم لكل ما يرونه حينها أنه دخيل عليهم، فمن مدرسة ابولو الشعرية وموسيقي عبدالوهاب والرحبانية إلى ما أعقبها من معارك أدبية وفنية لفرض سياسة الأمر الواقع على ذائقة الناس وحتى بدء محاولات انقلابية أخرى على واقع كان يعتقد ابناء مرحلته أنه سيدوم وهكذا لن يستقر الحال لأن دوام الحال من المحال والمهم هنا ان يكون الاهتمام في المحافظة على ثوابت الأمة فقط دون التدخل في تفاصيل تصنفها المراحل وتؤثر فيها، كما أنه من الضروري ان نذكر دائماً انفسنا بأننا كلما تقدمنا في السن أكثر سنمرّ بكل دهاليز العمر، لذا علينا أن نتعلم ألا نقع في نفس الخطأ الذي تمت ممارسته في حقنا في مرحلة ما.
كنا في مطلع التسعينيات الهجرية طبعاً نعتقد ان شراب التوت المثلج في كيس من النايلون ويباع على أنه «آيسكريم» ونطلق عليه «عسكريم»، علامة فارقة على أننا انتقلنا الى عصر غير العصر الذي نعيش فيه وجلُّهم يرون في هذا «الكيس الأحمر» ترفاً وشكلاً من اشكال التفسخ الاجتماعي، ليس ذلك فقط، بل إننا وقتها كنا على قناعة بأنه لن ينتج أي مثلج آخر بلذته ومن ذلك فإن كثيراً من أبناء جيلنا يرون في آيسكريم «باسكن روبنز» أو «كوزون» ما كان قد رآه الذين قبلنا فينا بالرغم من أننا كجيل جسر يربط بين مرحلة وأخرى، بل قد نكون شبكة جسور، كان من المفترض أن تكون درجة تفهمنا للتغيير أكثر بكثير مما كان عليه من سبقنا لولا أن المسألة كما أراها مرتبطة أكثر برفض فكرة التقدم في السن وظهور أشكال أخرى تحل بدلاً عمّا تعلمناه واعتدناه، ورغم كل ذلك ستتوالى المراحل وتتعاقب الأجيال وتتصارع وترفض وسيأتي يوم تطل فيه باسكال على الشاشة فيصيح نفرٌ من الناس «وع يا قدمها» تماماً كما نشعر بتسلل ذرات من الغبار عندما تذاع أغنية «يا عين موليتين» لحسناء الشاشة غير الملونة سميرة توفيق وهكذا دواليك.
|
|
|
|
|