| مقـالات
يحتدم النقاش والحوار، وتبدو الأزمات، وتتحرك الوسائط، وتدور المعارك النقدية الطاحنة بين أكاديميي الجامعات وبين أفراد المجتمع، ويذكي جذوة الخلاف نهاية كل عام «عقدة القبول في الجامعات» وأمام هذه تحترب الأقلام، وتتعثر الأماني والأحلام.
يتمسك الطرف الأول في بعض الجامعات والكليات بمبدأ التأهيل والتحصيل العلمي الجيد أولاً، والنسبة ثانياً، ويتخذون من وحدات القياس والتقويم واختبار المهارات والمقابلات صراطاً يسلكه الطالب، وكل إنسان رهين بما يقدم، في حين ينتصر الطرف الآخر لمؤشر النسبة المئوية، بصرف النظر عن المصداقية أو المصدر، أو أي منظور آخر، فالدنيا على حد تعبيرهم لمن «دفعا، وليس لمن غلبا» وتخرج المواجهة بين الطرفين عن الموضوعية في الطرح لدى بعض المتاجرين بالتعليم عن الذاتية، فلا يتورعون في إصدار الاتهامات، أو اجترار ماضي بعض أكاديميي الجامعات، كوسيلة للتأثير والضغط على متخذ القرار. لماذا يحاكم الطالب على حد زعمهم بجريرة غيره، ما ذنب طالب في مدرسة أهلية حولت أهداف المرحلة الثانوية من كونها تهدف الى تنمية روح الإبداع والابتكار، والتحصيل العلمي الجيد، والتنور بوميض المعرفة، الى كونها تقتصر على مكافحة الأمية، أليس هذا الطالب بتحصيله الضحل نتاج المعلمين من خريجي الجامعات التي تباهون بمستواها. وعلى هذه الأوتار تعزف الأقلام، وتهيم العواطف.
ومن واقع الخبرة في التعليم العام، معلماً ومشرفاً وادارياً، ومن واقع الاطلاع على مخرجات التعليم في بعض المدارس الأهلية، فإنني مدرك تمام الإدراك ضرورة تشبث أكاديميي الجامعات برأيهم، بل ومؤازرتهم بالتمسك به، وتطويره عبر وحدات القياس والتقويم، لتشمل كافة التخصصات.
وأعتقد أن كل من له صلة بوزارة المعارف واطلع على تباين النسب المئوية في درجات الطلاب بين الفصل الدراسي الأول والثاني في اتمام شهادة المرحلة الثانوية لا ينازعه شك أن بعض المدارس الأهلية ستتلاشى أو تقفل متاجرها الصباحية والمسائية، فيما لو تم توحيد أسئلة الفصلين مع المدارس الحكومية، كما لا ينازعه الشك في أن بعض الآباء الذين شب أبناؤهم وارتشفوا من سراب تعليم بعض المدارس الأهلية سيشرقون بأبنائهم أو يغربون مكرهين للحصول على شهادة المرحلة الثانوية بالمعدل الذي يرتضيه، وان كان خلاف الواقع. وليس ذلك الاغراء بالبعثات الخارجية الذي تبنته بعض المدراس الأهلية سوى شعور منهم أن المجتمع الواعي سيصطدم بواقع محصولهم الثقافي الذي ستعريه الجامعات والكليات الجادة في هذه البلاد، وحينذاك لن ينساق المجتمع وراء الدعايات التي تتسابق بعض المدارس الأهلية على نشرها ابان ظهور النتائج، وستبرز شامخة قامات بعض المدارس الأهلية التي رعت أمانة التعليم حق رعايتها، ولم تضح بمستقبل تعليم أبناء هذه البلاد، أو يغريهم أمامه بريق المادة.
أعود فأقول: إن المعايير التي تضعها الجامعات السعودية للقبول، انما هي في واقع الأمر معايير لتقويم أداء جهاز وزارة المعارف ومؤسساتها التعليمية، ومن حق التعليم العالي أن ينهض بمسؤوليته، وان كنت أرى أن هذا النقد والتقويم غير المباشر لأداء مؤسسات التعليم العام لن يرقى بأدائها على وجه السرعة. كما أنه من حق وزارة المعارف والرئاسة العامة لتعليم البنات على الجامعات قيام الأكاديميين فيها بدراسة علمية ميدانية على الطلبة الجامعيين من خريجي المدارس الحكومية والأهلية، لكي تقف هذه المؤسسات التعليمية والتربوية ومن ورائها المجتمع على حجم التباين في المستويات التي دفعت الجامعات الى انتهاج هذه السياسات في القبول، لا أن تظل كما هو الواقع في أبراجها العاجية، فمن خلال المكاشفة سيمتلك المجتمع حجة المحاكمة.
إدارة التعليم بمنطقة الرياض
|
|
|
|
|