|
| مقـالات
لقد اخذته من بيننا يد المنون، وهذه مشيئة الخالق جلّ وعلا في خلقه التي لا راد لها، ولكن مقام الفقيد الغالي فهد بن سلمان سيبقى رمزاً حيّاً في ذاكرة وقلوب الكثير الكثير ممن عرفوه عن قرب أو عن بعد وذلك بخلاف من سمعوا عنه لما تميز به من نبل وخصال حميدة.
يا فهد..
ان رحيلك المفاجىء عن عالمنا الفاني وأنت في عز شبابك الغض هو خير برهان بأن العمر الحقيقي للانسان لا يحتسب بعدد السنين التي يحياها بل بما يتركه من مآثر ويحققه، بتوفيق من رب العباد، من العمل الصالح أو القيمة والسمعة الطيبة، في وجدان أبناء بيئته ومجتمعه ممن امتزجت أيام حياته بحياتهم بصورة أو بأخرى.
يا فهد..
لقد أعطيت الكثير وكان يمكن ان تقدم المزيد من العطاء، لو شاء القدر ان يمتد بك العمر، من أعمال الخير وما هو أهم وهو القدوة الحسنة التي تتمثل في نفسك وفي شخصك، وبطيبتك التي حباك الله بها وببساطتك وتواضعك الجم مع الكبير والصغير، فأنت يا فهد برحيلك من بيننا تركت فراغا كبيرا لن يخفف وطأته على كل من عرفك وأحبك سوى انك ستترك للكثير منا القدوة في نبل الأخلاق والتواضع والابتعاد عن حب المظاهر الزائفة.
يا فهد..
ان الكثير في وقتنا هذا يجرون وراء المصالح بأنواعها ويلهثون سعيا وراء مكاسب المادة، وبهارج الحياة الامر الذي دأبت انت على الابتعاد عنها سواء ان كنت في الوظيفة أم خارجها والأمثلة على ذلك يطول الخوض فيها.
مثال واحد سأورده هنا وهو وقوفك وأنت في سيارتك لرجل من أبناء البادية اعترض طريقك ابان عملك في الدولة «وما يعنيه ذلك من مشاغل والتزامات رسمية واجتماعية لا حصر لها» ودعاك لدخول منزله الصغير لتتناول معه وجماعته فنجاناً من القهوة، فوافقت على طلبه في الحال وأنت لا تعرفه، حيث لحقت به الى مقره، وجلست معه وجماعته على فنجان القهوة التي دعيت لها بكل عفوية وبعيداً عن التكلف.
يا فهد..
ان مآثرك الشخصية الكثيرة لا علاقة لها بالألقاب والرسميات أو الشكليات التي أنا على ثقة انك لا تستسيغها فأنا لا أشبهك الآن سوى بشهاب مر في كبد السماء يتدفق ضياءً ثم يختفي عن الناظرين في لحظات من الزمن نعم: لقد حققت الكثير في سنوات عمرك القصير زمنا والطويل ثمرا وجناء..
يا فهد..
لا غرو ان تجتمع فيك الشمائل الطيبة وصفات الرجولة الحقة فوالدك هو سلمان ذو القلب الكبير والفكر المتميز وجدك هو الراحل العظيم عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل الذي تمكن بقيادته الفذة، وبتوفيق من رب العباد، من بناء هذا الوطن من العدم وتثبيت أركان أمنه وسلامته ورفاه أبنائه، في مختلف أرجاء هذا الوطن الكبير.
|
|
|
|
|
