| مقـالات
من الطبيعي أن يحزن الإنسان.. بل انه ليجزع ويتوجع لموت الأبناء أو فقدان أحد الأقارب أو الأصدقاء، خاصة أولئك الذين يرتبط معهم ببعض الروابط الإنسانية أو التعاملات الحياتية اليومية.
واذا حزن سمو الأمير سلمان بن عبد العزيز لفقد نجله سمو الأمير فهد بن سلمان بن عبد العزيز رحمه الله رحمة واسعة، وحزنت لفقده والدته كما اشقاؤه وشقيقته وزوجته وابناؤه.. وحزن معهم العديد من أفراد الشعب السعودي الكريم ممن يعرفون سمو الأمير فهد بن سلمان بن عبد العزيز ومن لا يعرفونه.. فلأنه «أولاً» نعلم أن الموت حق.. وأن الرحمة سجية غرسها الله في الإنسان وجبل عليها خلقه من جميع الأجناس والألوان وعبر العصور.. ولنا في رسول الهدى محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم مثل وقدوة.. فقد حزن أشد الحزن وجزع أشد الجزع لموت ابنه «ابراهيم» وقال: «ان العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول الا ما يرضي الرب وانا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون» وعندما كسفت الشمس ظن بعض الصحابة رضوان الله عليهم انما كسفت لموت «ابراهيم» وذلك لما رأوه من حزن الرسول صلى الله عليه وسلم.. فلما رأى ذلك عليه الصلاة والسلام قام فيهم خطيباً وقال: ان الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يكسفان لموت أحد ولا لحياته.. الحديث.
و«ثانياً»: لما عرف من سمو الأمير فهد بن سلمان من دماثة الخلق والقرب من الناس واغاثة المضطر ومساعدة المحتاجين.. وما قيامه رحمه الله بمسؤولية الأمانة العامة للجمعية الخيرية في 12/3/1422ه إلا دليل واضح على قرب هذا الرجل من اعمال الخير ووقوفه الى جانب ضعافهم وذوي الحاجات الصحية أو المالية أو الاجتماعية منهم.. وهذه جميعاً عوامل لجذب محبة الناس واستمالة قلوبهم.. اضافة إلى مكانة الفقيد الاجتماعية وصلته الأبوية بقلعة الخير ورمز الوفاء والمحبة لكل الناس على مستوى هذا الوطن الغالي العزيز.. سمو الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله.
وهكذا.. حزن سلمان بن عبد العزيز لموت ابنه «فهد» وحزن معه اشقاء الفقيد وجميع أفراد أسرته الكريمة.. كما حزن لموت الأمير الراحل آلاف المواطنين.. ومهما كان وحصل من مظهر هذا الحزن الا أن الفقيد قد انضم الى قافلة من ودعهم هذا الوطن من ابنائه البررة الذين عملوا له بكل جد ووفاء واخلاص حتى وافاهم الأجل وهم على ذلك.. وهناك بعض المشاهدات التي قد يخرج بها المرء أو المتابع بعد الصدمة.
أولاً: مشهد صلاة الجنازة في جامع الإمام تركي بن عبد الله بالرياض وأعداد الذين شيعوا الفقيد ومشوا معه الى المقبرة كان غير عادي.. وهو أمر مرغوب ومطلوب لما فيه من تكثير جماعة الجنازة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته اربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً الا شفعهم الله فيه».. الا أن تزاحم المشيعين عند الدفن قد يؤدي إلى مضايقة من يقومون بعملية الدفن من أهل وذوي المتوفى كما قد يؤدي هذا التزاحم إلى الدعس على القبور وهي أمور مكروهة ومنهي عنها.
ثانياً: مشاهد التعزية في قصر الأمير سلمان بالرياض كانت غير مسبوقة أو مألوفة.. فلقد توافد الناس كبيرهم وصغيرهم.. قاصيهم ودانيهم على هذا القصر العامر لتقديم التعازي لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز وأشقاء الفقيد وأعمامه البررة.. وهو مشهد أو مشاهد أقل ما يقال عنها انها تترجم عمق الولاء ومتانة اللُحمة وقوة روابط الخير والوفاء التي يتميز بها أفراد الأمة السعودية..
ولعله أيضاً مما يعد جديداً وغير مسبوق في هذا العزاء الحضور المميز لأصحاب السمو الملكي الأمراء وعلى رأسهم صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام حفظه الله وصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية حفظه الله والوفود العربية والإسلامية التي قدمت لتعزية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز والأسرة المالكة الكريمة. وقد نقلت لنا كمرات التلفزيون الجهد الكبير الذي كان يبذله سمو الأمير سلمان ويقوم به لاستقبال الضيوف تارة والجلوس معهم تارة واستقبال المعزين من المواطنين تارة أخرى.
ثالثاً: ان العين لتدمع وان القلب ليحزن عندما يرى تلك الوجوه السمحة المبتسمة وقد علتها سحابة من الحزن وارتسمت عليها ملامح التعب والامتثال لقضاء الله وقدره.. ومن شهد مراسم الدفن لا يغيب عنه ان يقرأ وبوضوح خطوط الحزن وعلامات الانكسار التي كانت ترتسم هنا وهناك على محيا جميع أصحاب السمو الملكي الأمراء والحاضرين لتلك اللحظة، وهي لا شك لحظة رهيبة ومؤثرة غاية التأثير لأنها لحظة الفراق وانقطاع الصلة «المادية» بين الميت وذويه.. وهي نهاية الحياة الدنيا وبداية حياة الآخرة لكل انسان يمشي على الأرض.. ومن الطبيعي أن يحزن القلب وينهمر الوجه بالدموع والبكاء.. وهي لحظة لا يسع الانسان فيها الا أن يقول: انا لله وانا اليه راجعون.
رابعاً: يلاحظ بوضوح خلال الأيام الماضية تكثيف اعلانات العزاء على معظم ان لم نقل جميع صحفنا ومجلاتنا المحلية.. ومهما كثرت هذه الاعلانات او زادت لا نقول الا انها تدل على حب المعلنين للفقيد رحمه الله وتقديراً لقلعة الحب والوفاء..... المسؤول والأخ الأكبر لكل الصحافيين والاعلاميين في هذا الوطن الكريم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله.. ومن هذا المنطلق فانني اقترح تخصيص مبلغ مالي من ريع اعلانات كل صحيفة أو مجلة تخص اعلانات التعزية بوفاة صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلمان بن عبد العزيز رحمه الله ودفع هذا المبلغ لصالح جمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي بموجب شيك أو احالة تسلم لصاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن سلمان بن عبد العزيز الذي اصبح الآن اميناً عاماً لهذه الجمعية خلفاً لأخيه فهد بن سلمان رحمه الله، وقد يكون هذا المبلغ «الربع» أو «العشر» أو أقل من ذلك أو أكثر حسب تقدير ودخل كل جريدة أو مجلة.. ففي هذا وفاء أي وفاء وفيه الخير وكل الأجر لما له من الأثر الطيب على هذه الجمعية وعلى مرضى الفشل الكلوي، وهم بالآلاف في بلادنا.
وفي الختام.. لا يسعني الا أن أرفع أحر التعازي وأعمق مشاعر الحزن والشعور بالأسى إلى سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض والى أشقاء الفقيد رحمه الله رحمة واسعة وأهله وذويه اجمعين والأسرة المالكة الكريمة.. اعاذ الجميع من كل سوء أو مكروه.. والحمد لله على قضائه وقدره.
* وكيل وزارة الإعلام لشؤون التلفزيون
|
|
|
|
|