أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 31th July,2001 العدد:10533الطبعةالاولـي الثلاثاء 10 ,جمادى الاولى 1422

الاقتصادية

السعودة..ثم..التدريب..أم التدريب..ثم..السعودة..
راشد محمد الفوزان
ابتداءً من يوم الاحد الموافق 01/05/1422ه بدأ تطبيق السعودة في محلات بيع الذهب في جميع أنحاء المملكة، كما سبقتها خطوة سعودة أسواق الخضار والكبائن الهاتفية.. والبقية تأتي، ويتوقع من خلال هذا التطبيق، بسعودة اسواق الذهب والمحلات، ان يتم احلال 50 الف وظيفة او نحوه كما تشير بعض الاحصائيات غير الرسمية بمواطنين سعوديين بين وظيفة بائع او اداري وغيره..، وينتظر ان تمتص هذه الخطوة المميزة الكثير من منتظري العمل بسوق العمل السعودي ممن لا يجدون وظائف بمختلف مستوياتهم التعليمية، وهذه الخطوة الملزمة التي اتخذتها الجهات المسؤولة، تسجل في صالحها حقيقة وهي مهمة الى اقصى درجة..
لكن يجب ندرك ان عملية السعودة لهذه الوظائف «أسواق الذهب..وغيرها» التي نتمنى ان تصل لكل الوظائف والاعمال في القطاع الخاص والعام، لابعادها الاجتماعية والاقتصادية المهمة..هذه الخطوة توجب الحديث عن جانب مهم وحيوي ومهمل وليس في دائرة الاهتمام للاسف وهو التدريب والاعداد والتأهيل للمستقطبين لهذا العمل «والتجار يشتكون الان من عدم وجود المؤهلين والمدربين لممارسة هذا العمل..» ولهذه السعودة المرتقبة، هل تم الاستعداد لها بالتدريب والتعليم المتخصص لهذه الوظائف الخاصة بقطاع الذهب..؟ حين العودة لسعودة سوق الخضار. قد لا يطرح او ينظر لمسألة التدريب وغيره، لانه يمكن تصنيفها او تفسيرها «رغم عدم صحة ذلك» ضمن الاعمال البسيطة التي لا تحتاج الى مهارة كبيرة ومستوى تعليمي عالٍ وغير مهمة، وقد تكون مفيدة «لمن يعتقد عدم اهميتها» لمن مستوى تعليمهم اقل من حاجة جهات وقطاعات اخرى، ولا يعني ذلك التقليل منها بقدر المهارة والقدرات المطلوبة بها..مع انه يفترض التدريب والتأهيل لاي مهنة مهما كانت بسيطة..
ولكن حين نتحدث عن اسواق الذهب وسعودتها، فانه لا يمكن موازنتها بسعودة اسواق الخضار التي تمت الى حد ما..« لان ما نشاهده ليس كما استهدف من سعودة فمازال هناك عمالة ومازال هناك عدم تطبيق لما استهدف..» ، فكل وظيفة لها حاجتها وقدراتها سواء التعليمية او المهارية والتدريبية، بمعنى ان موظفي محلات واسواق الذهب ليس من السهولة سعودتها بيوم وليلة، رغم ان القرار صدر منذ سنة وهو 01/05/1421ه لكن السؤال ماذا عمل خلال سنة؟ من تدريب وتأهيل وتعليم لهذه الكوادر المستهدفة؟ هل نظمت او اعدت الغرف التجارية الصناعية في المملكة بكل فروعها دورات تدريبية تأهيلية للاعداد لهذه المرحلة من الاحلال للموظفين الجدد المطلوب توظيفهم سواء كانوا بائعين أو محاسبين أو موزعين أو اداريين..وغيره؟ هل تجار القطاع نفسه «الذهب» قاموا بمبادرات خاصة بينهم تختص بالتدريب والتأهيل؟«رغم المبادرة المحدودة من بعضهم والذين يملكون القدرة..» هل نسقت الجهات الحكومية كوزارة التجارة، ومكتب القوى العاملة او القطاع الخاص كالغرف التجارية، والتجار أصحاب الشأن، بعمل الجهود اللازمة لصياغة تدريب وتعليم المستهدف توظيفهم من المواطنين؟..نلاحظ ان جهود كل الاطراف اقل من المطلوب والمستهدف.
من كل ذلك نلاحظ، ان جهود السعودة مبذولة ملموسة وهي على مراحل، لكن السؤال مرة اخرى، أين التدريب لهذه الكوادر التي سوف تشغل هذه الوظائف؟ انها مغيبة تماما!! فلا ادري هل هو تناسي ام عدم اهمية وانها تأتي مع الوقت والممارسة..؟ حقيقة استغرب جدا وكثيرون، ان جهود السعودة من قبل الجهات الحكومية، بصفتها الجهة الملزمة، لم تلزم او تضع ضمن خططها، التدريب والتأهيل..ولم تنسق له..فلا يكفي الالزام بدون علم وصقل ينمى بالتدريب..كما ان الشخص المتعلم «مهما كان درجة علمه» يحتاج الى تدريب ودورات صقل لمهاراته.
فكأننا بدون الدورات التدريبية نضع الشخص المناسب بغير مكانه وعندما يفشل بعمله يقال فشل المواطن السعودي بالقطاع الخاص، طبعا سيفشل لانه غير مؤهل وغير مدرب فلا غرابة في فشله والمواطن محتاج للعمل لكسب لقمة عيشه والمواطن لديه درجة تعليمية معينة اي ان لديه الاساس الذي يبني عليه، لكن يجب ان يصاحب تعليمه تدريب نهائي..لكي يلام من قبل القطاع الخاص فيما لو فشل بعد ذلك ..!!
انني اوجه رسالة للجهات الحكومية ذات العلاقة والغرف التجارية والتجار انفسهم الى ضرورة بذل الجهد اللازم لاعداد الموظف المستهدف لهذا العمل بالتدريب والتأهيل المهاري، ولا يحكم على المواطن بالفشل قبل ان يبدأ، ولاي عمل يتم سعودته حاليا او مستقبلا، ولاننا هنا بصدد الحديث عن سعودة اسواق الذهب التي هي ليست بالعمل السهل من حيث الاختصاص المطلوب فلابد من وجود مهارة خاصة بهذا العمل ككل عمل، والذهب له من تعقيدات العمل ما له كأي عمل آخر من حيث انواع الذهب واوزانه والاحجار الكريمة والالماس وانواعه وغيره كثير من التفاصيل التي يدركها اصحاب هذه الاعمال..
ويجب ان يكون للغرف التجارية الصناعية الدور التنسيقي مع الجهات الحكومية والتجار في بلورة الجهود لاعداد هذه الكوادر بشكل محترف بالتدريب والتأهيل واعداد البرامج سواء بدورات في الغرف التجارية، او التنسيق مع معاهد متخصصة لتعليم هذه الكوادر، او انشاء معهد متخصص بالتنسيق مع الجهات الحكومية والتجار ان لم توجد، وهذه الكوادر مهما كانت الدرجة العلمية لديها لابد لها من تدريب فهذه لا تدرس في المدارس او الجامعات حاليا. لان وضع الموظف و السعودة مباشرة من المدرسة او الجامعة وتسليمه عملية البيع او العمل الاداري والاعتماد على الوقت والتدريب على رأس العمل فقط، فهذا خطأ فادح، لانه سوف يحكم على الموظف بالفشل قبل ان يبدأ لانه جاهل بهذا العمل ولا يملك اي خلفية عنه لانه غير مدرب له اصلا..وبالتالي يحكم عليه من قبل اصحاب العمل في القطاع الخاص بان الموظف لا يعمل ولا يتعلم..و..و..و..وايضا مكلف لصاحب العمل ماليا لو اخذ دورة تدريبية بذلك لاصبح لديه الالمام والمعرفة والقدرة ويبدأ يبني على ذلك.
ان افضل قطاع «بتصوري» يمارس السعودة بتخصص واحترافية هو البنوك والشركات الخاصة الكبيرة فهي تستقطب المواطن وحسب درجات علمية معينة منهم الثانوي والجامعي والماجستير..وحسب حاجة البنك الوظيفية، وبعد تحديد من يتم اختيارهم وبعد سلسلة فحص واختبارات، وبعد اتمام اختياره، لا يتم تسليمهم العمل مباشرة في البنك، كالفروع والخزينة والائتمان وغيره..بل يتم تدريبه «نظريا وعمليا» اما داخل البنك ، اوفي معاهد متخصصة مثل «المعهد المصرفي التابع لمؤسسة النقد» او استقطاب بعض المحاضرين من الداخل او الخارج للتدريب وبمدد زمنية لا تقل عن 3 اشهر كحد ادنى او يرسل الموظف الجديد بعد فترة من انضمامه في دورة تدريبية داخلية للخارج بدورات متخصصة حسب عمله، وكل بنك لديه تقريبا ادارة او مركز للتدريب بمسميات مختلفة.
وهذا هو المطبق في البنوك طبعا باحترافية لا يستطيع عمله تاجر الذهب والمجوهرات مع ان بعضهم يستطيع وبدءوا بعمل الدورات التدريبية لكن لشركاتهم الخاصة فقط لا غير..لكن أين دور الغرف التجارية السعودية في كل مناطق المملكة، مكتب العمل، وزارة التجارة واي جهة حكومية ذات العلاقة، والتجار، لابد وان يكون هناك تنسيق لايجاد معاهد متخصصة، سواء للذهب كما هو حاصل الآن، او الوظائف المستقبلية التي سوف تسعود،وارجو ألا يقول البعض ان هناك اعمالاً لا تحتاج الى تدريب، واعتقد حتى حراس الامن غير العسكريين يحتاجون الى دورات تدريبية وارجو ألا ننصدم بفشل المواطن الباحث عن العمل، بكثير من الاعمال ليس بسبب نقص في الكفاءة بقدر ما يرى من طلاسم في العمل امامه ولا يستطيع فهم وفك رموزها «هذا في حال ان الجميع يحاول تعليمه..وهذا لا يحدث كثيرا في القطاع الخاص» وكثيراً من العوامل التي تحبطه تكون بسبب عدم المامه بالعمل.
اخلص في النهاية الى ان جهود السعودة مبذولة من كل القطاعات الحكومية وغير الحكومية، والكل راغب ومتحفز لتوظيف المواطن للبعد الاجتماعي والاقتصادي، ولكن، لا يمكن ان تتم السعودة بكفاءة واحترافية بدون تأهيل وتدريب واعداد، فبظل غياب ذلك، تظل العوائق امام السعودة مستمرة والفجوة كبيرة بين حاجة القطاع الخاص والمؤهلين لهذا العمل مهما كانت درجته العلمية، واقصد هنا كل الوظائف والاعمال المراد سعودتها، فلابد من وجود المعاهد والدورات التدريبية المتخصصة باحترافية لكل عمل يراد سعودته، لكي نعد موظفين محترفين «Professional» للعمل ينطلقون منه للابداع والانتاج، وليس لعشوائية غير محسوبة وملموسة، تحبط المواطن وتقتل طموحه قبل ان يبدأ، آمل من جميع القطاعات ذات العلاقة.
الاهتمام بهذه النقطة الجوهرية التي ارى انها مغيبة تماما وهو التدريب والتأهيل للمواطن قبل ان يعمل اي عمل مهما كان، حتى لا نحكم عليه بالفشل قبل ان يبدأ، فهل نرى ذلك مستقبلا؟
rmalfowzangrup@ajeeb.com

أعلـىالصفحةرجوع













[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved