| الاقتصادية
استخدام النقود في عمليات التبادل احدى الظواهر الأساسية في الحياة الاقتصادية من حيث انها تحدد قيم المنتجات من سلع وخدمات والتي ترتبط بالأسعار النسبية أو الحقيقية للسلع أو الخدمات التي هي المظهر المعبر لعملية التوفيق والتوليد الناتجة عن تفاعل عناصر الانتاج من رأس المال والعمل والمعرفة الفنية والموارد الطبيعية.
النقود كظاهرة اقتصادية يقوم جوهرها على أنها أداة فنية ليس لها وظيفة سوى تسهيل عمليات المبادلة والتراكم الرأسمالي في مبادلة فائض انتاج الجماعات المختلفة، ومن الممكن ان تضطرب هذه الأداة، أو تخرج عن نطاق الأدوار الوظيفية المرسومة لها مما يؤدي الى اختلال التوازن الحقيقي للنشاط الاقتصادي.
ان وظيفة النقود الأصلية تتمثل في اعتبارها وسيطاً للتبادل ومقياساً للقيم الآجلة والحاضرة ومستودعاً للثروة.
لقد حورت وظيفة النقود فبدلا من ان تظل مرتبطة بوظيفتها التي وجدت من أجلها حورت الى وظيفة اضافية بحيث جعلت سلعة تباع وتشترى وترتبط قيمتها بالزمن وأصبحت الفائدة هي القيمة العادلة للنقود.
لقد حرم الاسلام الربا بأن منع ان يكون للنقود ثمن على أساس ان ثمن السلعة يتحدد نتيجة لظروف الاقبال على شرائها أي ظروف طلبها من جانب وظروف الاقبال على بيعها من جانب آخر.
وتعتبر منفعة الشيء والقدرة على شرائه أساس الطلب عليه ولهذا فإن الاسلام حرم الفائدة على النقود باعتبارها ربا لأنها لا تعطي منفعة بذاتها وانما هي وسيلة للحصول على شراء المنفعة سواء على شكل سلع أو خدمات.
روى البخاري عن أبي بكر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا سواء بسواء والفضة بالفضة إلا سواء بسواء وبيعوا الذهب بالفضة والفضة بالذهب كيف شئتم». كما روى البخاري عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ولا تشقوا بعضها على بعض ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ولا تشقوا بعضها على بعض ولا تبيعوا منها غائبا بناجز». كما روى البخاري عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلاً على خيبر فجاءه بتمر جنيب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكل تمر خيبر هكذا؟ قال: لا والله يا رسول الله إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا تفعل بع الجمع بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيباً».
من خلال هذه الأحاديث يمكن ادراك وظيفة النقود كما تحددها هذه الأحاديث على النحو التالي:
1 ان وظيفة النقود هي وظيفة تبادلية ووسيلة لابراء الذمة سواء على نطاق المبادلات الداخلية، أو على نطاق المبادلات الدولية، وعليه فإن الوظيفة الأساسية للنقود هي تحقيق عملية التبادل.
2 تحريم الربا بالفائدة ومنع أي مقابل لعملية اقراض النقود في أي شكل من أشكال الاقراض وان وظيفة النقود الأخرى هي الاستثمار أي منع كنزها وانما بذلها من خلال استثمارها في العمليات الانتاجية وليس من خلال اقراضها لمن يستثمرها.
3 ان طبيعة النقود وماهيتها من خلال النظرة الاسلامية تخالف المفهوم المعاصر للنقود والذي يعتبرها سلعة ذات قيمة في حد ذاتها فليس للنقود قيمة في ذاتها وقد أوضح ابن القيم رحمه الله هذا المفهوم لماهية النقود في الاسلام بقوله في كتابه «أعلام الموقعين»: «فإن الدراهم والدنانير أثمان المبيعات والثمن هو المعيار الذي به يعرف تقويم الأموال فيجب أن يكون محدوداً مضبوطاً لا يرتفع ولا ينخفض إذ لو كان الثمن يرتفع وينخفض كالسلع لم يكن لنا ثمن نعتبر به المبيعات بل الجميع سلع».
|
|
|
|
|