| مقـالات
*
رحم الله فهد بن سلمان، فالألم كبير بفقده ولكن الإيمان بالله أكبر فلا راد لقضاء الله، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة، فقد أصيب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحزن والثكل في أبنائه مات أولاده القاسم وعبدالله وبكى على ابنه إبراهيم وما ملك دموعه عليه الصلاة والسلام، وتوفيت بناته الثلاث تباعاً، تُوفيت رُقية زوجة عثمان بن عفان ورسول الله صلى الله عليه وسلم عائد من معركة بدر وتبعتها أختها زينب بعد أن خلفت طفلها علي وطفلتها أُمامة عن عمر يناهز الثلاثين عاماً، وبعد عام لحقتهما أختهما الثالثة أم كلثوم ووقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبرها دامع العين مُثقلاً بألم الثكل المتتابع.
فهذا المصطفى خير البشرية وأفضل خلق الله يُصاب بالثكل في أكباده ويمسه الحزن في أولاده وبناته ويصبر ويحتسبهم عند الله، إنها سنَّة الله في خلقه، فالأعمار مكتوبة، والآجال مجهولة وإن فهد بن سلمان رحمه الله وإن غاب ورحل فهذا عمره المحدد، وهو إن شاء الله في روح وريحان وجنة نعيم، فهد السمح الأخلاق كريم النفس، هادئ الطبع. وأذكر أنني زرته ذات يوم في بيته عندما كنت أعمل في وزارة المعارف وصحبته في سيارته الخاصة لزيارة مدرسة مجاورة لمسكنه الخاص وفي مدخل المدرسة نظر الأمير لحارس المدرسة وكان في يد الحارس إعاقة فرقَّ الأمير لذلك الحارس وتوقف وأخرج من درج السيارة شيكاً كتب فيه مبلغاً من المال لذلك الحارس المسكين وبكى الحارس واندفع نحوي يسألني من هذا الكريم أخبروني باسمه إن هذا المبلغ يزيد عن راتبي لمدة سنتين وودعنا المدرسة والحارس مستقبل القبلة وهو يبكي ويدعو للأمير. لقد كان مشهداً مؤثراً دمعت له عيني في تلك اللحظة.
جعل الله تلك المواقف رفعة له في درجاته وأسكنه فسيح جناته وألهم والديه الكريمين وذويه الصبر والاسترجاع، ليكونوا ممن قال الله فيهم «الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون».
|
|
|
|
|