| مقـالات
وسط هذه المشاعر الصادقة للجموع الغفيرة من المواطنين، وبين تلك الحشود الحاشدة التي أحاطت بصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز مواسية ومعزية، وفي خضم هذه الأحاسيس الجياشة لأبناء هذا الوطن الأوفياء، كان موقعي لتقديم واجب العزاء لسموه الكريم.
وكم تمالكت نفسي حينها. وكم تمالك المواطنون مشاعر الحزن وهم يقدمون كلمات العزاء، فالمصاب جلل، والفقيد عزيز، ومَن يقدَّم له العزاء قد تملك حبه قلوب الناس، وارتفعت محبته وسمت وارتقت حتى تملكت عليهم مشاعرهم التي تحركت بصدق، واحتشدت بوفاء، في صورة تلاحمية عاطفية يصعب وصفها، ويعجز القلم عن رسمها والكلمات عن أن توفيها بعض حقها.
وقف الجميع من أبناء هذا البلد يحيطون هذا الطراز الفريد من البشر بحبهم ووفائهم، ويغمرونه بمشاعرهم ويواسونه بإخلاصهم، فالفقيد ـ رحمه الله ـ هو فلذة كبد من أحبهم وأحبُّوه، وهو فلذة كبد من أحاطهم دائماً بكرم أخلاقه، وجميل شمائله، فسهر على مصالحهم، وفتح قلبه وعقله لهم، وجعل في قلبه الكبير متسعاً لكل صغير وكبير منهم.
إن العزاء المقدم لسلمان الإنسان تعجز عنه الكلمات، ولكن ما شاهده الجميع في عيون الناس تعبيراً عن مكامن قلوبنهم وصادق شعورهم، فيه الكثير مما تعجز عنه الجمل والكلمات وفيه الكثير مما يتوارى الشعر خجلا أن يعبر عنه. إن هذه الصورة التي أبرزت ذلك التلاحم الإنساني في تقديم العزاء في وفاة الأمير فهد بن سلمان ـ يرحمه الله ـ قد تداخلت معها صورة موازية لها نقلت ذلك التأثر خارج حدود الوطن، الذي عبرت عنه تلك المواساة الصادقة من قبل الأشقاء والأصدقاء، والتي نقلتها وفودهم وبرقياتهم وصحافتهم ووسائل إعلامهم، تقدم العزاء للأسرة الكريمة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد الأمين وسمو النائب الثاني وإلى سمو الأمير سلمان ـ يحفظهم الله ـ.
فقد لامتد الحب الى خارج الوطن وفاق الحدود، فالعالم يشهد للأمير سلمان بن عبد العزيز بأنه صاحب الأيادي البيضاء، وأنه صاحب المبادرات الإنسانية في مجالات الخير والإغاثة، ورجل هذا شأنه في رقة الطبع، وصدق المشاعر، وسمو الأحاسيس أحق بأن يحاط بقلوب محبة له وبخاصة في وقت الشدائد والملمّات. وهل هناك أشد من فقد فلذة الكبد ـ يرحمة الله ـ.
لقد شعرت وأنا أقدم العزاء لسموه الكريم أن الفقيد هو فقيد الوطن، وأن هذه الجموع المحتشدة قد جاءت لترسم صورة للوفاء والتلاحم، ولتؤكد أن ما تحفظه في قلوبها لأمير الرياض سلمان بن عبد العزيز في وقت الأزمات وفي غيرها قد صار سلوكاً أصيلاً يسري في دمائها ويسكن في عواطفها، ويرتقي فوق الكلمات التعبيرية مهما كانت بلاغتها.لقد صارت هذه الملحمة التعاطفية صورة صادقة في المواساة والعزاء تقدم لإنسان اختطّ بسلوكه داخل المملكة وخارجها العديد من صور هذا التعاطف وهو يسعى الى نشر الخير بصوره العديدة في أنحاء هذا العالم.وإذا كانت كلمات العزاء لا تفي، وعبارات المساواة تقصّر، فلعلّ في الدروس والعبر والعظات، وفي هذه الصورة الواقعية للتلاحم ما يكفينا أن نقول: «هكذا تكون سيرة أبناء هذه الدوحة المباركة من آل سعود، سيرة حب دائم ترتسم على أرض الجزيرة».. رحم الله الفقيد رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وألهم والده الكريم وأهله ومحبيه الصبر على فقدانه، و«إنا لله وإنا إليه راجعون».والحمد لله على قضائه وقدره.
|
|
|
|
|