| مقـالات
قبل عدة سنوات عندما كنت أحضر لدراستي العليا في العاصمة البريطانية لندن، وأثناء تناولي لطعام العشاء في احد المطاعم هناك، أشار أحد الأصدقاء الجالسين معي الى ان الأمير فهد بن سلمان متواجد في نفس المطعم الذي كنا فيه، عندها بدأ أصدقائي يتحدثون عن الأمير فهد وعن سمو أخلاقه وجم تواضعه وتقديره وترحيبه لكل من يقابله، وحيث إنني لم يسبق لي ان واجهت المرحوم (باذن الله) من قبل، لذا قررت ان اتوجه الى المكان الذي كان يجلس فيه - عليه رحمة الله - للسلام عليه، وعندما صافحته معرفا بنفسي واذا به يستقبلني استقبالا حارا حتى بدا لي ان سموه يعرفني منذ مدة طويلة، وأخذ سموه بتوجيه الأسئلة لشخصي المتواضع عن طبيعة دراستي وعما اذا كان هناك صلة قرابة بيني وبين العم عبد العزيز بن صالح امام الحرم المدني - عليه رحمة الله - وكذلك بالعم المربي عثمان الصالح - أمد الله في عمره - ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، حيث أخذني سموه الى أحد جوانب المطعم وقال لي بالحرف الواحد «أتمنى يا محمد ان تسعدني بعدم التردد في طلب ما قد تحتاجه فنحن اخوان» أحسست لحظتها بإحساس غريب، بل انني احسست انني أمام شخص مختلف، وانه مهما قيل عن سموه من ثناء وإشادة فهو لم يعط حقه الذي يستحقه من ذلك، يا إلهي، كيف ان فهد بن سلمان بن عبد العزيز نائب أمير المنطقة الشرقية «آنذاك» وابن سلمان بن عبد العزيز - أطال الله في عمره - وحفيد مؤسس مملكتنا الغالية عبد العزيز بن عبد الرحمن - عليه رحمة الله - يترك مكانه وضيوفه في ذلك المطعم من اجل طالب بسيط ليتمنى - عليه رحمة الله - على الطالب بأن يسعده بطلب ما قد يحتاجه من معونة، عندها أحسست بأن الدمعة تكاد تسقط من عيني من ذلك الموقف ولم أتردد عندها من تقبيل جبين سموه عليه رحمة الله، واعداً إياه بأن لا أتردد في اللجوء اليه - بعد الله - عند الحاجة.
نعم هذا هو فهد بن سلمان بن عبد العزيز، وهذا الموقف هو أحد المواقف المتعددة التي كان يصنعها سموه كل يوم، وبالتالي فلا غرابة إذاً بأن ينال - رحمة الله عليه - حب وتقدير الجميع، ولا غرابة اذا ان يبكيه الجميع، ولا غرابة أيضا ان تنهال تلك الجموع من البشر الذين قصدوا قصر والده (سمو الامير سلمان) معزين في وفاته وداعين له بالأجر والثواب.
سيدي سمو الامير سلمان.. لا نعزي سموك في وفاة الفقيد فحسب وانما نعزي أنفسنا جميعا وأخص بالذكر المحتاجين الذين لم يكن لهم بعد الله تعالى سوى مواقفه الخيرة والتي لم يكن يعلم بها الكثير من الناس.
سمو الأميرة سلطانة السديري.. لا ألومك على تساقط دموع الحرقة على فراق المرحوم، وأسأل الله ان يلهمك الصبر والسلوان ولكنني أهنئك على اثنتين، الاولى : انني لم أشهد طوال عمري اعدادا من البشر قد اجمعت على رجولة وطيبة وصفاء شخص بمثل تلك الاعداد الحاشدة من البشر والتي اجمعت على ابنك الفهد، والثانية: انني أهنئك على اولئك الرجال من أبنائك سلطان واحمد وعبد العزيز وفيصل الذين ان ذكر قمم الرجال نجدهم على رأسهم.
أسأل الله جلت قدرته ان يغفر لفقيدنا سمو الأمير فهد بن سلمان وان يجزيه بالحسنات احسانا وبالسيئات عفوا وغفرانا وان يرفع درجته في عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
dralsaleh@yahoo.com
|
|
|
|
|