| مقـالات
فُجعت الأمة يوم الأربعاء الماضي 4/5/1422ه الموافق 25/7/2001م بنبأ نزل على رؤوس أبنائها صغاراً وكباراً كالصاعقة.. وقف الجميع لهوله بذهول شديد.. من قوة الراجفة، وعظم الفاجعة. غير مصدقين برحيل صاحب السمو الملكي الأمير المحبوب (فهد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود) من الدنيا الفانية إلى الباقية.. وهو الذي كان بالأمس يستقبلهم ويرحب بهم، ويستمع إلى قضاياهم، ويحل مشاكلهم، ويتدارس معهم همومهم وشؤون حياتهم الخاصة والعامة. ويضع الحلول المناسبة لها على طبق من ذهب بين أيديهم.
ولهذا فقد كانت صدمة الرحيل قوية، وخبر الموت كارثة في جميع الأوساط الرسمية والشعبية في المملكة العربية السعودية بصفة خاصة، وفي الدول الخليجية والعربية والإسلامية بصفة عامة. وذلك لما يتميز به الفقيد الراحل.. من مكانة مرموقة، وعلى جميع المستويات كما قلت فسمو الفقيد الغالي (عليه رحمة الله) أكبر أنجال سمو سيدي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، ورائد الأعمال الخيرية والإنسانية.. على مستوى المملكة العربية السعودية، وعلى مستوى العالم العربي والإسلامي بصفة خاصة، والدولي بصفة عامة. والفقيد يرحمه الله.. من خريجي مدرسة سلمان بن عبدالعزيز.. تربَّى في أحضانها، ونهل من مكتسباتها كؤوس الروحانية والإنسانية والأخلاقية التي مكنت الفقيد المحبوب.. من الاستواء على عروش القلوب.. من خلال أعماله الرسمية التي كلف بها من قبل حكومته الرشيدة.. في وزارة الداخلية، ثم في إمارة المنطقة الشرقية ومن خلال أعماله الخيرية والإنسانية التي فطر عليها.. وأصبحت من تلك المنطلقات.. جزءاً لايتجزأ في نظره من واجباته الوطنية، ومعتقداته الإسلامية.
ولهذا فقد كانت المصيبة في رحيله كبيرة، والحزن على فقده عظيماً.. وقد تبلورت تلك المشاعر والأحاسيس.. إلى واقع ملموس.. عبر تلك الجماهير الرسمية، والشعبية.. التي أدت الصلاة على روحه الطاهرة. ثم تابعت المسيرة للمشاركة في مواراة جثمانه الطاهر إلى مثواه الأخير.. مواصلة مسيرة الألم والحزن بعد الدفن.. إلى قصر والد الفقيد.. سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز بالمعذر.. لتقديم التعازي لسموه، والوقوف إلى جانبه في مصيبته، والتخفيف عن ألمه في مصابه. والذي شهد حضوراً كثيفا لايصدقه العقل، ولا تستوعبه الكمرات.. ولولا المدد الإلهي، والعون السماوي. الذي نزل على سموه والإيمان الذي ثبته عليه لما استطاع الصمود والثبات. لتقبل التعازي.. من تلك الجموع الغفيرة.. التي تقاطرت من كل الجهات وعلى مختلف الطبقات ومن كل الجنسيات. بهذه الروح العالية، والقوة التي أكرمه الله بها، والسكينة التي أنزلها على قلبه. فقد كان الحضور الرسمي والشعبي كما قلت لايصدق، واستقبالهم، وتقبل التعازي منهم.. يفوق التصور، ويفوق كل التقديرات التي كانت تخطر على البال. فمع السعوديين الذين توافدوا من جميع المقاطعات، والمناطق، والقرى، والهجر.. شارك الإخوة الأشقاء من الكويت، والبحرين، والإمارات، وقطر، وعمان، واليمن، ولبنان، والأردن، وسوريا.. إلى مصر العزيزة التي عبر عنها الشاعر المصري/ محمد عباس عبدالحميد خلف بقوله:
مصر الحزينة شعبها والنيل
جاءت تعزي فالمصاب جليل
(فهد) بن سلمان شاب يافع
هو في جنان الخلد سوف يؤول
سلمان يارب العزيمة دائماً
والنفس مؤمنة وأنت قبول
صبراً بلا جزع فإن مصابنا
والحق حزن سادر وثقيل |
أما فخامة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات فقد عبر عن تلك المصيبة بقوله (إن رحيل الأمير فهد خسارة كبيرة، فقد كان له دور كبير في مساعدة الشعب الفلسطيني في انتفاضته الأخيرة بصفة عامة وعائلة الشهيد (محمد الدرة) بصفة خاصة.
ووزير الإعلام الكويتي عبر عن مشاعره، ومشاعر الكويتيين بقوله (المواقف البطولية للفقيد الراحل ستظل خالدة في وجدان الشعب الكويتي الذي لن ينسى مواقف سموه الجليلة في تقديم العون والمساعدة إبان حرب تحرير الكويت.
ومواقف سمو الفقيد الإنسانية والخيرية. أكثر من ان تحصر في عجالة كهذه.. تأتي على عجل.. مسطرة بدموع الألم والحزن. غير أن المرور بالشواهد منها ضرورة ملحة ومطلوبة في مثل تلك الظروف الصعبة فأبواب قصر سموه (عليه رحمة الله) كانت مشرعة للمواطنين والمقيمين في كل وقت وحين، ولسموه الكريم. يوم محدد لاستقبال أصحاب الحاجات من جميع أبناء المملكة حاضرة وبادية.. للنظر فيما يحتاجون إليه، والمساعدة فيما يرغبون منه، وتقديم الدعم المادي والمعنوي عندما يطلبون منه ذلك وكان يعمل ذلك كله بصدق ووفاء.. وكأنه موظف من أجل الضعفاء والفقراء والمرضى والمستضعفين من ذوي الحاجات الخاصة والتي لايعرف عنها إلا القليل مما يعلن عنه من قبيل رد الجميل والاعتراف لأهل الفضل بفضلهم. ولأهل الإحسان بإحسانهم ثم يأتي تطوع الفقيد الغالي للعمل الخيري كأمين عام للجمعية الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي.. تتويجاً للسجل الحافل بالأعمال الإنسانية والمنجزات الاجتماعية التي كان يرحمه الله يسعى بكل ما أوتي من قوة وإمكانيات للمشاركة فيها، ودعم مسيرتها التنموية في المجتمع العربي السعودي النبيل ولأن كل ما عرف وكتب ونشر عن الفقيد (سمو الأمير فهد بن سلمان) من مقالات تأبين ورثاء.. تصب في مجملها وتجمع في الكثير منها.. على أن الفقيد.. يعشق الأعمال الإنسانية والخيرية المؤثرة في المجتمع، ويعمل بكل جهده وإمكانياته.. من أجل تطوير هذه الأعمال ودعمها وتمكينها من تأدية مهماتها بكل نجاح واقتدار وبما أنه (رحمه الله) قد توفاه الله واختاره إلى جواره. وهو يعمل بما يشبه التفرغ لمثل تلك الأعمال الإنسانية فإنني وتجاوباً مع رغبات الفقيد في حياته، وحرصا على التواصل مع أعماله الخيرية والإنسانية.. التي كان يرجو بها الأجر والثواب من عند الله.. اقترح، وأرجو من سمو سيدي الأمير سلمان بن عبدالعزيز.. الأب. الذي أدب، وعلم.. وغرس تلك الصفات الحميد في فقيده، وفقيد الأمة والوطن.. سمو الأمير (فهد بن سلمان) ان يتفضل مشكوراً بالتوجيه لحفيده صاحب السمو الأمير سلطان بن فهد بن سلمان وأشقائه وشقيقاته بالاشتراك مع أعمامهم أصحاب السمو الملكي الأمراء سلطان بن سلمان واخوته وأصحاب الفقيد وأصدقائه من الأمراء والأميرات ومحبي الأعمال الإنسانية والخيرية والداعمين لها من المواطنين والأثرياء بتأسيس جمعية خيرية إنسانية برئاسة سموكم الكريم تحمل اسم الفقيد.. وتتواصل معه بالأجر والثواب بعد مماته وبعد ان قدم الشيء الكثير للأمة والوطن في حياته.
وأتمنى ان يكون هذا العمل.. أو هذا المشروع مخصصا لخدمة فئة كبيرة من المواطنين.. تعصف بهم أمواج الحياة وترميهم في السجون بالمديونيات والحقوق الخاصة ليهتم هذا المشروع بأمورهم.. ويتتبع معاملاتهم، ويرعى أسرهم ويساعد حكومتهم الجليلة للوفاء عنهم، وتسديد ديونهم وإطلاق سراحهم تحت مسمى (جمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لاطلاق سراح السجناء المعسرين ورعاية أسرهم) كرافد من روافد العطاء الاجتماعي الذي تشجعه وتدعمه حكومة مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله ومتعه بالصحة والعافية وأمد في حياته لخير الوطن والمواطنين وأعتقد جازما ان هذا المشروع لو تحقق إنجازه سيجد الدعم الكبير والتواصل الدائم من جميع الجهات الرسمية والمؤسسات الأهلية والشركات والبنوك، ورجال المال والأعمال وأثرياء الوطن وأغنيائه وسيكون العمل الصالح الذي لا ينقطع أجره وثوابه بإذن الله عن الفقيد الغالي عليه رحمة الله ورضوانه وأسكنه فسيح جناته وهذا ما نرجوه ونتمناه للفقيد الراحل الأمير المحبوب (فهد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود).
وقبل نهاية هذه المشاركة المتواضعة والتي لم يدع الألم والحزن مجالا لبلورتها وإظهارها بالصورة التي تتناسب مع الموقف أرفع أحر التعازي وأصدق الأماني لقائد هذه الأمة موصولا.. لصاحب السمو الملكي سيدي الأمير سلمان بن عبدالعزيز.. والد الفقيد الغالي وإلى جميع أفراد الأسرة المالكة الكريمة من غير تخصيص راجيا لهم من الله العون، والصبر، والاحتساب.. لتجاوز تلك المصيبة والإيمان بالقضاء والقدر و«إنا لله وإنا إليه راجعون»
|
|
|
|
|