أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 30th July,2001 العدد:10532الطبعةالاولـي الأثنين 9 ,جمادى الاولى 1422

مقـالات

فهد بن سلمان فقيد الوطن
د. عبدالعزيز بن نايف العريعر
كعادة الانسان عندما يسمع خبراً سيئا كذبت ابني عندما اخبرني ان صديقه اتصل به من المملكة مفيداً ان صاحب السمو الملكي الامير فهد بن سلمان قد انتقل الى رحمة الله وظللت بين الشك واليقين متردداً عن الاتصال بأحد من الاصدقاء للتأكد عسى ان يكون الخبر غير صحيح، وخلال ذلك انطلق خيالي مسترجعاً ذكريات كثيرة ربطتني بسموه منذ سنين طويلة عندما قابلته لأول مرة بعد عودتي من الخارج و تلبيته دعوة مني مع عدد من الامراء و الزملاء رغم فارق السن.
ثم اصبحت الذكريات تتزاحم في ذهني الحديث منها والقديم بدون ترتيب وبسرعة كبيرة و تذكرت حديثي مع الشيخ عبدالله الخزر من سكان المنطقة الشرقية من بني خالد عندما قلت له «سمعت انك هربت من المنطقة خوفا خلال حرب تحرير الكويت» فقال بلهجته البسيطة «والله كنت ناوي حتى شفت فهد بن سلمان يتجول في الاسواق ويضحك مع الناس» ثم اخبرني انه لشدة اعجابه بالامير فهد دعا سموه لبيته المتواضع فلبى الدعوة، وكان عبدالله قد بنى خيمة صغيرة عند الباب للسائقين وعندما ترجل سمو الامير فهد من سيارته قصد الخيمة، فقال له عبدالله: ان المجلس بالداخل فأجابه باسماً: «انني احب الخيام لانها تذكرني بالبداوة، بتلميح ذكي للحاضرين ومعظمهم من البدو الذين سرهم ذلك كثيرا كما اسعد غيرهم بأعماله الخيرة وحسن ادارته خلال عمله بتلك المنطقة».
وعادت بي الذاكرة الى بداية تعيينه نائباً لأمير المنطقة الشرقية عند زيارتي لسموه في مكتبه بالامارة ودعوته الكريمة لي لمرافقته الى الاحساء لحضور الحفل الكبير الذي اقامه له الشيخ سعد الراشد رحمه الله وبعده الشيخ ابن موسى في الهفوف وكيف كان سموه ملأ المكان بشخصيته القوية وحضوره المميز، ثم عادت بي الذاكرة الى الوراء قبل ذلك والى مناسبة سعيدة في حياته لعلها محاولة من الذاكرة تخفف من شعوري بالصدمة وهي مناسبة زواجه وكيف كان حفل العشاء البسيط والسعيد في لندن وهدية سمو الامير سلمان الرمزية له في تلك الليلة، تلك الهدية الكبيرة في معناها لاحتفاظه بها طوال تلك السنين وهي ورقة من التقويم عندما بشر سموه بمولد الامير فهد، وهي تلميح عن الحب والاعزاز اكبر من اي تصريح وهذه عادة الاب والابناء في كثير من الامور فالتلميح والاشارة والرمز لغة الاسرة واللبيب بالاشارة يفهم كما يقال.كل هذه الذكريات القديمة والحديثة مرت سريعة متتابعة ومتزاحمة في مخيلتي وانا بين مكذب ومصدق، هل من المعقول ان تكون الايام بهذه القسوة؟ وهل من الممكن ان يختفي انسان ملأ المكان والزمان بهذه الصورة المفاجئة؟ رحماك ربي به وبأهله.وحاءني الخبر المفجع وخطر ببالي قول البدو «لايموت الا الطيب» وأشهد ان فهد طيب بكل المقاييس والمعايير فقد تربى بمدرسة سلمان بن عبدالعزيز وورث عن والده الكريم الإنسانية الجمة وتقدير الناس والحزم واللين في وقتهما والوفاء دائما لمن يستحقه والتكريم والكرم للجميع.
رحمك الله يافهد وعوضك عن شبابك بجنات الخلد، وعوضك عن دار الفناء بدار افضل منها واكثر من امثالك بيننا وطرح البركة في الباقين من اسرتك الكريمة و الهم والدك العظيم صبرا بعظم المصاب واجرا بقدر الاحتساب وجمعنا واياك في دار اليقين، ولا اجد كلمات تعبر عن شعوري سوى ماذكرت من بعض خصالك وانني على يقين ان غيري يعرف من المواقف الكريمة والاخلاق الرفيعة اكثر مما اعرف وربما فاتني في هذه العجالة وتزاحم الافكار الكثير مما يجب تسجيله عنك، فليس هناك افضل من سير الرجال لكتابة تاريخ الامم، فالتاريخ يصنعه الانسان بخصاله واعماله مهما قصر عمره في هذه الدنيا الفانية والقدوة الصالحة تبقى على مر العصور ولصاحبها اجرها واجر من عمل بها الى يوم القيامة.ولا نقول الا ما قال قدوتنا ونبينا الكريم من ان العين لتدمع والقلب ليحزن ولا حول ولا قوة إلا بالله وإنا لله وإنا إليه راجعون.
عضو مجلس الشورى

أعلـىالصفحةرجوع




[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved