أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 30th July,2001 العدد:10532الطبعةالاولـي الأثنين 9 ,جمادى الاولى 1422

مقـالات

موقف من مواقف الفقيد
عوض عبدالله الغامدي
* فجعنا الأربعاء الماضي بنبأ انتقال صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلمان للرفيق الأعلى. كان وقع الخبر كالصاعقة، كنا كالمشدوهين ونحن نرى عموداً من أعمدة الخير يتهاوى وفارساً من فرسانه النبلاء يترجل، وكان هول الرزية أكبر من الاحتمال وأعمق من الصبر لكنها مشيئة الله ولم نملك إلا التسليم بمشيئة الله عز وجل. لقد ترك الفقيد من الأعمال الجليلة والأخلاق الحميدة ما يبقي عليه قدوة في مماته كما كان يرحمه الله في حياته فثمة موقف لا أنساه للفقيد يرحمه الله أثناء رعايته الكريمة لفعاليات الدورة الخامسة لمسابقة الأمير سلطان بن سلمان لحفظ القرآن الكريم للأطفال المعوقين في منتصف محرم الماضي يوجب علي لكي أكون باراً للفقيد ان أعلنه مكتوباً ومقروءاً للملأ.. ففي قاعة الأمير تركي بن أحمد السديري بمقر جمعية الأطفال المعوقين حيث رعى سموه يرحمه الله فعاليات المسابقة التي رعت ابنته سمو الأميرة «سارة» فعاليات الجانب النسائي منها، حرص يرحمه الله وهو على المنصة ان يسألني عن الطريق الذي يوصل للحاضرين ليكون المبادر في النزول إليهم للسلام عليهم فبعضهم مسن، حيث لم يشأ يرحمه الله أن يشقَّ عليهم.. وكرر يرحمه الله السؤال ما إذا كان ذلك الطريق هو الموصل إلى الحاضرين، وما أن انتهى من توزيع الشهادات على الأطفال المعوقين الفائزين في المسابقة حتى سارع يرحمه الله في النزول إلى أولياء أمور الأطفال والمدعوين ليصافحهم فردا فردا كالمسافر الذي آب بعد طول غياب يسأل عنهم وعن أحوالهم ومكان إقامتهم باعتبار ان المسابقة يشارك فيها أطفال من مختلف مناطق المملكة وكان يعطي لكل منهم الخصوصية من الاهتمام حتى انه كان يجلس أمامهم القرفصاء في ضوء ما تتطلبه حالة الطفل المعوق الذي يجلس على عربة أو في حضن والده.
وأكثر ما لفت انتباهي ذلك الحوار الأبوي بين سموه يرحمه الله وأحد الأطفال الفائزين فبعدما عرض الطفل عليه رغبته قال سموه مخاطباً ذلك الطفل: أتأمر علي بشيء آخر، ولم يتردد ذلك الطفل كثيراً كأنه كان قد حضَّر الإجابة مسبقاً.. نعم أرغب مقابلة الأمير سلمان فالتفت سموه يرحمه الله إلى رئيس الجمعية صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بما يعني متابعة تحقيق رغبته، ثم ربّت سموه بيده الحانية على كتفه أبشر سترتب لك مقابلة سموه الكريم وقد تابعنا الأمر وكان له ما أراد.
ولا أريد أن أشير لما قدمه يرحمه الله من دعم مادي لأطفال الجمعية في تلك الأمسية المباركة، فذلك ليس بجديد من سموه فقد كان سموه من السبّاقين لعضوية الجمعية ودعم مختلف أنشطتها ومعظم ذلك الدعم كان سموه يرحمه الله يفضِّله بعيداً عن الأنظار والأخبار، بل ان سحابة ذلك الدعم كانت تتجاوز بخيراتها لينتفع بها آخرون ممن تعرف الجمعية ظروفهم وتقدر حاجتهم.
وأذكر أن فرحة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس مجلس إدارة جمعية الأطفال المعوقين عند تسلمه جائزة جامعة تامبل العالمية في فبراير 1999م لخدمات وجهود سموه في مجال قضية الاعاقة كانت فرحة غامرة ليست للجائزة بكل ما تعنيه من تقدير عالمي بقدر فرحته ان استلامها قد تم بحضور قرة عينه الأمير فهد بن سلمان الذي كان يعتبره أخاه ومعلمه الأكبر وكان سموه يحفظه الله كلما صار مجال وحدثنا عن الأخ الكبير كنا نزداد إعجابا بهذا الرجل إعجابا لا يضاهيه إلا تنشئة الوالد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز يحفظه الله لأبنائه بما جُبلوا عليه من تواضع جم ويد طولى في أعمال الخير، فأحبوا الناس الذين بادلوهم حباً بحب واحتراما باحترام.. وهذا موقف.. من مواقف لا تعد ولا تحصى..
رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين والأبرار والشهداء. وألهمنا من بعده جميعاً الصبر والسلوان.
«إنا لله وإنا إليه راجعون».
'مدير عام جمعية الأطفال المعوقين

أعلـىالصفحةرجوع




[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved