| مقـالات
في قصر صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز قابلت صاحب السمو الملكي الأمير العالم عبدالعزيز بن سطام بن عبدالعزيز فسلَّمت عليه معزياً ففاجأني بقوله: إيه يا عالم الاجتماع أجئت معزيا أم لدراسة اجتماعية لهذا الجمع الحاشد من الناس في العزاء، فقلت له بل جئت معزياً، أعزي نفسي في مصابنا جميعا في فهد.. جئت مشاركاً لهذه الافواج من الناس التي جاءت وهي ترفع الأكف ضارعة إلى المولى عز وجل الحي الذي لا يموت أن يرحم فهداً ويجبر بالصبر والاحتساب والديه واعمامه واخوته واخواته وكل محب وأن يجعل جنة الخلد التي لا موت فيها ولا نكد مأواه، ثم فكرت في كلام سموه ألا يمكن أن يكون هذا المشهد مثاراً لانتباهي وأنا المتخصص في علم الاجتماع. إنني جئت يدفعني شعور الواجب بالمشاركة وها قد لفت هذا المشهد الأمير العالم وهو الزميل في التخصص ولكنه تفوق في تخصصات اخرى كما تفوق في التخصص نفسه، وتساءلت كيف اقبلت هذه الجموع بكل هذه العفوية والصدق والحماس، لماذا ازدحم المسجد بالمصلين في صلاة العصر من يوم الخميس لماذا هذه الجموع المزدحمة في العود وتحت وهج شمس صيف الرياض، لماذا هذه الحشود في وحول القصر انظر الى هؤلاء الناس ألوانهم، أشكالهم، مناطقهم، هيئتهم انهم على اختلافهم الظاهر يدفعهم هدف واحد تقديم واجب وأشدد على كلمة واجب التعزية لرجل الواجب سلمان الإنسان والأب قبل ان يكون لسلمان الأمير أو الحاكم على الرغم من الاهمية والاحترام لذلك كله، ولكني أركز على أن ما بناه سلمان الإنسان طيلة ما يقارب من نصف قرن من إغاثة للملهوف ومساعدة للمحتاج ونصرة للمظلوم والضعيف وزيارات للمرضى في المستشفيات وفي المنازل وتقديم العزاء لمن فقدوا عزيزاً ومتابعته لأمور الناس وقضاياهم ومعرفته الشخصية لهؤلاء البشر على اختلاف انتمائهم.. هذه الأمور كلها اضافة الى تميُّز الفقيد في أعمال البر وحسن صلته بالخلق جعلت هذه الحشود تقبل بكل هذه الرغبة من اجل تسديد جزء من الديون للأمير وأبنائه، من اجل ان يقولوا بلسان الحال لا بلسان المقال زرعت يا سلمان الحب والعطاء وها أنت تحصد هذا الوفاء والولاء العفوي الصادق، سألني في مساء الخميس وفي القصر غير سعودي جاء للعزاء وفوجىء بهذه الحشود وقال لماذا لم يتم التنظيم لذلك. قلت له هذه الحشود جاءت بلا دعوة ولا تنظيم جاءت بعفوية المشاعر وصدق المشاركة هي بعفويتها ستنظم نفسها صبراً قليلاً وستجد أن الأمر يسير أسهل مما تتصور.. هؤلاء لم يحضروا نتيجة تنظيم مسيرات رسمية.. ولا شبه رسمية هؤلاء يحملون المهج ويقولون بلسان واحد (كلنا لك يا سلمان فهد) عظم الله أجركم آل سلمان وإنا لله وإنا إليه راجعون والحمد لله رب العالمين.
|
|
|
|
|