أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 30th July,2001 العدد:10532الطبعةالاولـي الأثنين 9 ,جمادى الاولى 1422

مقـالات

الأمير فهد بن سلمان بن عبدالعزيز
د. عبدالعزيز بن محمد بن عياف آل مقرن
الحمد لله رب العالمين على قضائه وقدره، وله الحمد على ان جعلنا من المسلمين الذين إذا اصابتهم مصيبة قالوا: (إنا لله وإنا إليه راجعون).
هزني بشدة كما هز الكثير سماع نبأ وفاة صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلمان يرحمه الله المفاجئ، ولاشك أنه خبر مؤلم أحزن الناس، ولكن لا راد لقضاء الله.
عندما علمت بنبأ وفاة سموه يرحمه الله، طافت بذاكرتي مجموعة من المواقف واللقاءات مع سموه، منها ما كان في الرياض ومنها ما كان أثناء مناسبات تشرفي بمرافقة سمو الأمير سلمان في بعض الزيارات الرسمية التي كان فيها الأمير فهد رحمه الله ضمن الوفد الرسمي، لقد كان في كل مناسبة تتاح الفرصة لتبادل الحديث مع سموه رحمه الله يسبق محدثه في تذويب جدران الجليد وإلغاء المسافة التي قد تتخيل أنها يمكن ان توجد بينك وبينه، ودائما ما اتسم تعامله رحمه الله مع الجميع بلمسة أخوية حميمة وبرقة فياضة تشعر المتحدث بأن له مكانة خاصة.
وعندما تتعرف على بعض من الجوانب الشخصية له رحمه الله وبعض من نشاطاته سواء أثناء عمله كنائب لأمير المنطقة الشرقية، أو في المجالات الخيرية المختلفة أو فيما مر به من مواقف شخصية وانسانية.. تدرك أنك أمام إنسان متميز في جيله، لقد كان عفيف اليد واللسان، كريما بجاهه وماله، عالي الهمة والطموح، سمحا مع الناس، سريع المبادرة والتجاوب، صديقا وراعيا للفقراء والمساكين يبادرهم قبل السؤال ويغدق فوق ما ينتظر، لقد خط لنفسه رحمه الله مقاييس عالية من البذل وإن كانت تجهده وتشق عليه وسوف تجهد من يسعى الى اللحاق به.
لقد كان سموه جوادا مقداما والجود سواء بالمال او الجاه، هو بحد ذاته شجاعة لا يتحلى بها كل موسر أو قادر، ويتطلب الأمر شجاعة أكبر حين يكون البذل للغير دونما رياء أو طلب للشهرة ولأناس لا ينتظر منهم جزاء أو مقابل، وإنما ابتغاء لوجه الله سبحانه وتعالى.. تغمد الله الفقيد بواسع رحمته ومغفرته، وأجزل له الأجر والثواب فيما قدم من عمل وخير في هذه الدنيا، وجعله في موازين أعماله وجعل منزله مع عباده الأبرار.
لقد أثبت سموه جدارة في القيام بمسؤولياته حين باشر مهامه في المنطقة الشرقية، فكان الابن البار والأخ المخلص والصديق الحميم للجميع، وكان لسموه أثناء حرب الخليج تواجد فعال وبناء، في أجواء يغلب عليها جو الحرب والتوجس لدى الناس، كان لمبادرات سموه بالنزول والتواجد المتواصل في الميدان وفي الساحات الشعبية في مدن المنطقة الشرقية سواء في الشوارع أو الاسواق.. أثر إيجابي كبير في بث المزيد من روح الاطمئنان والأمان بين الناس، كما كان سموه يحرص في حياته بصفة عامة على الحضور والمشاركة في المناسبات الاجتماعية للمواطنين حضور الأخ والصديق، وقد اختط لنفسه في ذلك يرحمه الله نهجا متميزا ضاربا مثلا جميلا في التلاحم ومتملكا لقلوب الكثير.. مستلهما ذلك من مدرسة والده الامير سلمان بن عبدالعزيز.. تلك المدرسة التي أينما قضيت مع سموه يرحمه الله، وقتا ولو قصيرا في حديث معه عن تجربته في الادارة سرعان ما تجده يؤكد لك مدى ما يفتخر ويعتز به من انتماء لهذه المدرسة واستفادته الكبيرة منها.
فقدنا لفهد بن سلمان.. فقد لأحد رواد جيله، كان يرحمه الله مبادرا في طروحاته الإدارية وقربه من الناس ومحبته المخلصة للمساعدة، كان متطلعا دائما للتغيير للأفضل ومتلهفا لاختصار المسافات والمراحل، يدفعه الى ذلك حماس المحبة والعطاء في داخله وطموح وتطلعات بلا حدود.
إن توافد تلك الجموع الهائلة وإصرارها على الحضور شخصيا واحتشادها وتدافعها في المطار وفي الجامع للمشاركة في الصلاة على الفقيد وفي قصر سمو الأمير سلمان لتقديم واجب العزاء لأنفسهم لهو دليل على ما تركه يرحمه الله من أثر طيب في نفوس الناس، الذين رغم تباعد أماكن تواجدهم خاصة في مثل هذه الفترة من العام حيث كان الكثير منهم خارج الرياض أو خارج المملكة ورغم ذلك توافدوا دون وجود التزام يفرض عليهم ذلك سواء التزام الحب والوفاء والتقدير لمكانة الفقيد الشهم في نفوسهم وتقديرا ووفاءً لصاحب الوفاء والده العظيم الأمير سلمان بن عبدالعزيز الذي لطالما عود الناس على الوقوف معهم دائما ومشاركتهم في كل مناسباتهم أيا كانت ظروفه ومشاغله وارتباطاته، وغرس ذلك في أبنائه وعودهم على القيام به. ولذلك لم يكن مستغربا أن يبادل الناس الأمير سلمان بمثل هذا المد الكبير من المحبة والتواصل والأمير فهد بن سلمان يمثل هذا القدر من المشاعر والدعاء يرحمه الله.أسأل الله العلي القدير أن يجبر مصاب الجميع بفقده وان يلهم سمو الأمير سلمان الصبر والسلوان، ويلهم والدته وإخوانه وشقيقته وعائلته وأبناءه وبناته حسن العزاء.
إن الحزن ليعتصر قلوبنا جميعا، ولا نقول الا الحمد لله على ما قضى والحمد لله على ما أمضى، ونبتهل الى الله العلي القدير أن يجزيه الجزاء الحسن على خير ما قدم، وأن يتغمده بواسع رحمته وغفرانه، ويشمله بعفوه ورضوانه، ويسكنه فسيح جناته ويجعل اجتماعنا به في دار كرامته.. إنه سميع مجيب.

أعلـىالصفحةرجوع




[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved