| مقـالات
مع شديد الأسف لم يتسن لي شرف مقابلة سمو الأمير فهد بن سلمان رحمه الله وألهم ذويه الصبر والسلوان رغم تشريفه لنا بالمنزل.. فقد كنت وقتها خارج الوطن أحضر مؤتمراً علمياً، غير أنني قد تشرَّفْت بلقاء أخيه سمو الأمير سلطان، وتشرَّفت ذات مرة أيضاً بالتعامل مع أخيهما سمو الأمير عبدالعزيز بن سلمان حيث استلمت ذات يوم رسالة بريدية من أحد القراء العاملين في أرامكو يشرح فيها ظروفاً وظيفية خاصة، وبعد اقتناعي بصدق فحْوى الرسالة، وجدتُ كل العون من سمو الأمير عبدالعزيز بوصفه وكيل وزارة البترول حيث لم يتوان سموه الكريم عن منح هذا الشخص خطاباً شخصياً موجَّهاً لمسؤول رفيع بالشركة المعنية الأمر الذي على إثره فُرجت ضائقةُ هذا القارئ، هنا وفي خضم هذا المصاب الجلل فالله أدعو أن يجعل لأخيه بالدم والإنسانية سمو الأمير فهد نصيباً من أجر وثواب هذا الفعل الجميل الذي فرَّج به عن مسلم كربة من كربات دنيا الكربات، وهكذا هو ديدن أبناء سمو الأمير سلمان حفظهم الله جميعهم، فكلهم في (الطيّب سلمان) صاحب الفضائل والمكرمات والمواقف الإنسانية، فلن أنسى له شخصياً ما حييت حفظه الله مبادرته بتقديم العزاء لنا في أعقاب وفاة والدي رحمه الله، ومرة أخرى وأخرى وأخرى وشهادة لله أبتغي بها وجهه الكريم أشهد هنا أشبال الأسد أسود، فأولاد سلمان شاءوا أم أبوا لا حيلة لهم لأن يحيدوا عما زرعه في ضمائرهم وَعوَّدهم عليه والدُهم الأمير الشهم الإنسان من مكارم أخلاق، ونصرة حق، وإغاثة ملهوف، وتواضع لا يزيدهم في عيون الناس إلاّ رفعة ورقيَّاً وسمواً.
لماذا هذه التداعيات..؟ بل لماذا بادرْتُ فطلبت من رئيس تحريرنا أن يتكرم فيؤجل نشر مقالة أخرى كانت بحوزته وذلك لكي يتم نشْر هذه المقالة بديلاً عنها...؟ فبكل صراحة ورغم جهد المقل فيما سطرته سابقاً في هذه الزاوية عن سمو الأمير سلمان حفظه الله، فغالباً وأقسم على ذلك ما أجد صعوبة بالغة في الكتابة عن سموه وما ذلك إلاّ لشعوري بأنني مهما كتبت عنه حفظه الله فسوف أكون مقصراً في حقه.. مهما بذلت من جهد فلن أوفيه بعض ما يستحقه من حق مستحق، هذا عن ما يلازمني في أوقات (الرخاء) فما بالكم يا الله في أوقات الشدة كما يتجسد في ذلك الحدث المؤلم الحزين المتمثل في وفاة سمو الأمير فهد صاحب المواقف الإنسانية الرائعة أخروياً بإذنه تعالى روْعتها في هذه الدنيا الفانية؟ ففي الحقيقة لن أنسى ما جال في خاطري وأنا أتمعن في صور عودة سمو الأمير سلمان حفظه الله من السفر لأشعر به رافضاً إلاّ أن يغتصب الإبتسامة رغم ما كان يعتمل في كيانه من حزن دفين، ففضلاً عن وعثاء السفر يكفيه عبء حمله لقلب والد حزين مكلوم على ولده.. بل أكبر أبنائه..، وكل الأبناء كما أثر عن الفاروق رضي الله عنه قوله «ريحانة القلب»، ولا شك في أن لفقد الأحبة مذاق المرار، ولرحيلهم وحشة ولوعة، غير أن في الحديث «من يُرد الله به خيراً يُصبْ منه».، فالحمد لله الذي جعل لنا في الصبر على أقداره جزاء حسناً، وكما أثر عن بعض الصحابة قوله: الحمد لله الذي جعلنا من أمة تُغفر لهم السيئات ولا تُقبل من غيرهم الحسنات، والمصيبة الموجعة تُدرُّ كما يقال ذِكْر الله في قلوب عباده، عليه فالله أسأل أن يجعل من الإيمان طمأنينة لأفئدة والده الكريم ووالدته الحنون وأخته وإخوانه البررة، وأن يثبتهم ويسبغ على سموه عفوه ورضوانه فحسْبه أنه قدم عليك يا الله مُقرّاً بوحدانيتك، مؤمناً برسالة خاتم أنبيائك.. نبيك محمد عليه صلاتك وسلامك.. لم يره عبدك.. لم يشهد معجزاته.. معجزاتك.. غير أن عبدك قدم إليك مؤمنا بك وفق ما أمرت به خاتم أنبيائك تبليغه إلى عبادك، فاللهم برحمتك أن تعفو عنه، وتجعل مثواه الجة، وتُعّوضه برحمتك شباباً سلبْته منه هو لك ابتداءً.. ومنك.. وإليك انتهاءً في الفردوس الأعلى يا رب العالمين، ومن سواك يا أمان الخائفين جدير بالعفو، ومن غيرك يا الله يفعل.. وحسبنا إنا لك وإنا إليك راجعون.
|
|
|
|
|