أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 26th July,2001 العدد:10528الطبعةالاولـي الخميس 5 ,جمادى الاولى 1422

الاولــى

فهد بن سلمان
بقلم:خالد بن حمد المالك
ها هو فهد بن سلمان ينضم إلى موكب الرموز الكبار الذين فقدهم الوطن الغالي، ففقدنا برحيلهم ذلك الوهج وتلك الإشراقة التي ميّزت أدوارهم ومواقفهم منذ أن بدأوا خطواتهم الأولى في سلّم خدمة وطنهم ومواطنيهم وإلى أن ودعوا وداعهم الأخير.
مضى الأمير فهد مأسوفاً عليه إلى جوار ربه في صمت وهدوء كحاله حين كان حياً بيننا متألقاً في خدمته لبلاده ومواطنيه، وهذا الهدوء الذي استطاب للفقيد الكبير حياً وميتاً وكثيراً ما حسده الآخرون عليه هو ما آلمنا وأحزننا وأبكانا اليوم ونحن نودعه الوداع الأخير إلى مثواه في لحظات صعبة وقاسية لن ننساها ولن تنمحي من ذواكر الأوفياء والمحبين والمخلصين.
نعم، لقد اختار الله لفهد بن سلمان رحمه الله أن تكون نهايته على هذا النحو، وهي بمفاجأتها وفجائيتها وتوقيتها، تأتي لتثير فينا لواعج الحزن من جديد ولتحرّك كوامن الألم الذي نحس به في نفوسنا مع كل خسارة جسيمة وكبيرة كخسارتنا لفهد بن سلمان بن عبد العزيز.
***
عرفت فهد بن سلمان أخاً وصديقاً عن قرب عندما كان يدرس ضمن آلاف الطلاب السعوديين في جامعات الولايات المتحدة الأمريكية، فقد كان ل«صحيفة الجزيرة» إذ ذاك حظوة كبيرة ومكانة خاصة في نفسه، تترجمها زياراته المتعددة لها وحصول سموه إبان دراسته في أمريكا على بطاقة صحفية من الجزيرة كمراسل لها في الولايات المتحدة الأمريكية في فترة رئاستي الأولى لتحريرها، وأستطيع من خلال اللقاءات غير العابرة التي جمعتني بسموه في الجزيرة وخارج الجزيرة أن أقول صادقاً ان الرجل في حياته كان كبيراً بتواضعه كبيراً في خُلقه وكبيراً في شهامته، وإنه كان انساناً لا ينأى بنفسه عن القيام بواجباته كمواطن وانسان ومسؤول، بل إن حضوره هنا كان واضحاً وملموساً ومؤثراً وكان شعوره وقناعته وايمانه دائماً بأن هذه مسؤولية وأن ما يقوم به خدمة لا ينبغي التخلي عنها وأنها تأتي ضمن الأولويات من اهتماماته رحمه الله، ولا نملك أمام هذه الومضات الجميلة والخليق بنا أن نحتفي ونعتز بها إلا أن نُكبر في الرجل الكبير هذه الخصال الحميدة، ولا شك أن الحديث عنها وعن رمزها الذي منعنا احترامنا لرغبته من أن نقولها في حياته، تأتي وفاته اليوم لنجد أنفسنا وبتلقائية وقد خرجنا من قيد الالتزام الذي لم يكن له ما يبرره لولا انه كان يتم استجابة لرغبة الفقيد لنقول اليوم عنه وفيه ما كان يجب أن نقوله من قبل .
***
كان آخر حديث لي مع الأمير فهد منذ أيام قليلة، ولم أكن أعرف أن هذا الحديث سيكون هو الحديث الأخير لي مع سموه، وكنت مدعواً الى حفل غداء على شرف سموه في يوم وفاته وهو يوم أمس فإذا بوفاته المفاجئة التي سبقت موعد الغداء بساعات قليلة تصدمني بما لم أكن اتوقعه، واذا بخبرها المؤلم يضع غيري كما وضعني في ذهول أمام حجم المصاب وفداحة الخطب، فلله ما أعطى وله ما أخذ وإنا لله وإنا إليه راجعون..
***
سيدي، سلمان بن عبد العزيز..
هل أعزيك في فهد..؟
أم أعزي أنفسنا..؟
أم أعزي الوطن..؟
ففهد لم يكن ابناً لسلمان بن عبد العزيز فقط، لكنه كان ابناً مخلصاً وفياً وصادقاً لكل الوطن، فالكبير من أبناء الوطن كان بمثابة والدٍ لفهد بن سلمان والشباب إخوته والصغار أبناؤه وأحفاده، ولهذا فهو فقيد الجميع والحزن عليه كان واضحاً وغير مستغرب ومن الجميع، وحين نتذكر مآثره ومواقفه وأعماله سنجد فيها ما يخفف من مصابنا، لكننا لن ننسى أن رجلاً في قامة الفقيد ومكانته قد انتقل إلى رحمة الله في أجواء عامرة بالألم والأسى على ما أصاب الأمة في مقتل إثر رحيل هذا الشاب.
فالعزاء للوطن..
لسلمان بن عبد العزيز..
لوالدته.. لأبنائه..لإخوانه.. لشقيقته
لنا جميعاً..
في فارس رحل.. ولن يعود..
إنا لله وإنا إليه راجعون..

أعلـىالصفحةرجوع







[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved